رئيس التحرير
عصام كامل

علماؤنا على رؤوسنا

لا تكاد تتابع القنوات الفضائية يوميا إلا وتجد أحدهم يتصدق من جعبة علمه على الناس إما بنصيحة حانية أو معلومة علمية نادرة أو بشرح لظاهرة أو توجيه العتاب انتقادا لبعض العادات التي ننتهجها يوميا بينما تحمل في طياتها الدمار بعينه.

 

واحد من هؤلاء هو الدكتور هاني الناظر أستاذ الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومي للبحوث سابقا، فالرجل لا يرفض طلبا لزميل صحفي بإجراء حوار معه أو لقناة فضائية تريد استضافته، مفرغا للناس جزءا من وقته الذي يقضيه في متابعة الأبحاث العلمية وتوصيات المؤتمرات الطبية الدولية، فضلا عن متابعة مرضاه، ينزل بمستوى الشرح إلى مستوى المواطن العادي بعيدا عن المصطلحات الطبية المعروفة بصعوبتها على غير دارسي الطب، فتجد معلوماته اهتماما لدى متابعها، ويمكن لأي مواطن أن يطلب أي استشارة طبية منه من خلال صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك، ولا يبخل عليه دكتور هاني بالمعلومة.

 

أقبل شهر الإصلاح

 

ويبدو أن القائمة تطول فلدينا استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز، الذي لا يتوقف يوميا عن توجيه النصائح بوتيرة زادت أثناء مطالب تطبيق الحجر المنزلي للوقاية من فيروس كورونا المستجد، فبدأ عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أو بتصريحاته للزملاء الصحفيين والإعلاميين، يوجه نصائحه لتحقيق ضمانات الاستقرار النفسي داخل الأسرة التي يؤكد دائما على أهميتها القصوى للصحة النفسية.

 

أيضا لدينا الدكتور محمود عبد المجيد مدير مستشفى الصدر بالعباسية سابقا، الذي طالما تبسط في شرح معلوماته للناس بشأن فيروس كورونا، والذي يشدد دائما على الوعي المجتمعي بخطورة فيروس كورونا، اعتدادا بأن الوعي هو “الشرط الأساسي” لعودة الحياة إلى طبيعتها في ظل استمرار الأزمة، ويتكلم الرجل بصراحة أكثر بأحد القاءات التلفزيونية فيقول “إن فيروس كورونا فرصة يجب استثمارها لتصاح أوضاع عديدة فالعناق والسلام باليد والتقارب الاجتماعي والتزاور بأعداد كبيرة عادات خاطئة يجب التخلص منها”.

 

تلك ثلاثة أمثلة لأطباء ضمن قائمة علماء مصر، الذين انطلقوا ينشرون الوعي قدر استطاعتهم بشأن فيروس كورونا، ولدينا قائمة أخرى تطول من علماء الدين بالأزهر الشريف ودار الافتاء المصرية، وكلهم نماذج مشرفة لرسالة العلم، ولست هنا بصدد وضع تقييمات لأسماء كبيرة في سماء العلم، فلا أنا مؤهل لذلك ولا هم يطلبون منا تكريما..

 

هيا بنا نقرأ

 

لكن كل ما يعنيني هو انحدار المستوى الثقافي والعلمي لدى بعض الحاسدين الذين يظنون أن أفعال الخير لا بد أن تكون مدفوعة الأجر؛ فانطلقوا طعنا وسبا في قامات كبيرة، فمرة يهاجمون الأطباء أو العلماء، ومرةً يتطاولون عليهم علنا بكتابة عبارات متندنية ضدهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

قلت من قبل وما زلت أجدد التأكيد على أنه لا مجال لقوة دولة ووعي شعب إلا باحترام العلم ممثلا في العلماء بالمجالات كافة، فإذا كنا عجزنا عن تكريم العلماء فلا أقل من تقديرهم أدبيا بمعالمتهم بالاحترام الوافر الذي يستحقونه.

الجريدة الرسمية