رئيس التحرير
عصام كامل

8 و28 مارس..عملية مخابراتية وأخري قومية!

وقبل أن ينتهي مارس ولأن جزء من الحرب المشتعلة تستهدف المعنويات لذا ربما كان تسريب خبر شراء إسرائيل للحفار العملاق لسرقة بترول خليج السويس عملا مقصودا، إلا إن التعليمات التي صدرت من الرئيس بإغراق الحفار وتدميره بأي شكل باتت واجبة التنفيذ، وهكذا تعهد السيد أمين هويدي رئيس جهاز المخابرات وقتها..

 

العملية صعبة ومعقدة.. فالحفار "كينتنج" ستنتجه شركة كندية وسيصل من هناك عبر الأطلنطي، وستديره شركة "إيني" الإيطالية ولا معلومات اضافية!

 

لكن لا شئ يصعب علي رجال المخابرات العامة اذ لم تمر أيام إلا وكانت تفاصيل الحفار، ونوعه وتركيبه ومكوناته وخط سيرة وأماكن توقفه ومسئولي متابعته وموعد وصوله بالتقريب وبأكثر من موعد محتمل أمام السيد “هويدي”، ومنه إلي مكتب جمال عبد الناصر ليحصل علي إذن بالتحرك، حيث ستتم العملية خارج البلاد وربما علي أرض دولة صديقة غير معروفة حتي اللحظة من هي وتأثير ذلك مما يتطلب موافقة الرئيس!

 

اقرأ ايضا: مصر وسوريا وليبيا.. سحق موحد للإرهاب!

 

محمد نسيم.. قلب الاسد.. المسئول عن الخطة.. فريقان من رجال البحرية والضفادع البشرية يرأس أحدهما الرائد خليفة جودت ومكونة من كل من الملازم أول حسني الشراكي والملازم أول محمود سعد وضابط الصف أحمد المصري، وفريق أخر تسبب الإسراع بالعملية إلي انجازها قبل وصوله..

 

للتمويه سافر فريق فيلم سينمائي هو "ابن أفريقيا" وليس "عماشة في الأدغال" كما يشاع، الذي تم تصويره بعد ذلك بعامين كاملين! وفي أبيدجان كانت شهادة وفاة الحفار الذي يستقر حتي اليوم في أعماق سواحلها، ولأن شركة النصر العملاقة هي الغطاء المصري لكل تحركات مصر السياسية والامنية لذا كانت التوقيتات دقيقة، إذ كانت طائرة الأبطال في سماء ساحل العاج، بينما الألغام التي حاصرت "كتنينج" العملاق ترج الشرق الافريقي كله، وتكسب مصر الجولة كما كسبت حرب الإستنزاف كلها!

 

اقرأ ايضا: تصريحات عقيلة و"منح المشروعية"!

 

اما في 28 مارس فقد طرد العقيد القذافي القوات البريطانية من قاعدة "العدم" الليببية التي إنطلقت منها الطائرات تقصف مصر عام 1967، ولم يكتف بذلك بل أطلق عليها قاعدة جمال عبد الناصر!

 

السؤال الان : كم مصريا يعرف الحدثان السابقان وكم منهم لا يعرفهما؟! وكم مصريا رغم عبقرية عملية الحفار وما حولها من عمليات إسطورية ظل السنوات السابقة يردد ان مصر كانت ذليلة تعاني من العار الخ الخ رغم إنها كانت تقاتل وتعيش أمجد أيامها؟ وكم منا ظل ينتقد العقيد القذافي ويتهمه بالجنون؟ في الأولي كانوا أسري للإعلام الإخواني المتحالف مع السلطة في السبعينيات، وفي الثانية أسري للإعلام الأمريكي الإسرائيلي وحلفاؤه في الداخل والخارج!

ولا حول ولا قوة الا بالله من غياب العقل والتفكير والثقافة والمسئولية الوطنية، حتي علي حساب وعي أجيال كاملة وإنتماؤهم لوطنهم!

 

الجريدة الرسمية