رئيس التحرير
عصام كامل

المواطن بين الكورونا.. والبرق والرعد!

‏كان الله فى عون المواطن البسيط، فلا يمر عليه يوم إلا ويفاجأ بأشياء لم تكن على البال ولا الخاطر، استيقظ ذات صباح على "الكورونا"، وتساءل أليست الكورونا هى الشيكولاتة التى أحبها فى صغره وتربى عليها، فإذا بالإجابة صادمة..

 

الكورونا وباء يهدد العالم، وعرف بعد ذلك أنه حصد الآلاف على مستوى العالم، وأصاب مئات الآلاف، ويهدد صحة العالم، فى نفس الوقت نتعامل مع الأمر بأن الأمور غير مزعجة، وتحت السيطرة، وبرغم ظهور عشرات الحالات إلا أن الحكومة ترى أن الأمر ليس فيه مشكلة، وربما تثير هذه القضية عددا من الملاحظات لكى نتعلم منها..

 

بداية من موقف الحكومة الجاد من إرسال طائرة خاصة وإحضار الشباب المصرى الذى تواجد بالصدفة من الصين ورعايتهم فى الحجر الصحى المخصص لهذا الغرض، لمدة أسبوعين ثم خروجهم جميعا سالمين، وأشير إلى قضية فى منتهى الأهمية، هناك مئات الآلاف وربما ملايين فى دول العالم من المصريين، لايهتمون بتسجيل أسمائهم فى السفارات المصرية..

 

اقرأ أيضا: كورونا ودعم الصناعة.. وأسبوع الرحيل

 

وبالتالى عند الوقوع فى أى مشكلة تصبح الأمور صعبة، الشىء الآخر أن المواطن وقع فى حيرة من تصرف الحكومة، هناك دول أغلقت المدارس والجامعات وأخرى أوقفت كافة الأنشطة الرياضية، ودول قررت أن تجرى الفاعليات الرياضية بدون جمهور، بل إن إيطاليا عزلت نفسها عن العالم عندما تجاوز المتوفون رقم الألف بين الايطاليين..

 

وترامب أغلق المجال الجوى أمام أوروبا، والكثير والكثير من القرارات التى جعلت المواطن فى حيرة من أمره، أين الحكومة المصرية والإجراءات التى يجب أن تتخذها حيال الوباء الذى أزعج العالم وحصد ما يقرب من خمسة آلاف إنسان منهم سيدة مصرية؟ بدون الدخول فى التفاصيل من متابعة وزارة الصحة إلا أن المواطن يشعر بالحيرة..

 

ففى الوقت الذى أوقفت وزارة الثقافة جميع فعالياتها من ندوات ومعارض فن تشكيلى وحفلات، وبرغم أن الأعداد فى فاعليات الثقافة باستثناء الحفلات لا تتعدى العشرات، إلا أن هناك أماكن أخرى تكتظ بالمواطنين ولا يتم الاهتمام بها، منها المدارس والجامعات، وكلنا نعرف الفصول الدراسية التى بها أضعاف سعتها الحقيقية، ويصرح وزير التربية والتعليم بأن الموقف لا يستدعى! هل ينتظر الوزير وقوع كارثة للتحرك وإيقاف الدراسة بالمدارس؟ 

 

اقرأ أيضا: نداء السيسى.. وصمت رجال الأعمال!

 

وبالتالى فإن حيرة المواطن مع كورونا كبيرة، ولم يجد سوى السخرية منها ومن هذا الوباء الأشبه بالشبح، ولكنه لايرى، فأعلن الحرب على الشبح بالسخرية، وإن كنا لابد من الإشارة إلى وزارة الشباب والرياضة التى قررت إقامة كافة الفاعليات الرياضية بدون جمهور، وهذا حدث فى كثير من الدول فى العالم، التى أوقف منها النشاط ولم يحدد عودته، ودول أعلنت إيقافه وعودته مع الأسبوع الاول من أبريل، نسأل الله السلامة للإنسانية على وجه الأرض .

 

وتزامنا مع القلق والحيرة التى أصابت المواطن بسبب الكورونا، جاء تحذير الأرصاد بموجة عاتية من البرق والرعد والامطار، والحقيقة لم يصدق الناس هذا التحذير كعادتنا من عدم تصديق الأرصاد، لأنها كثيرا ما أعلنت عن توقعات وحدث العكس، حتى عندما أعلنت الحكومة جعل الخميس إجازة، سخر الكثير منا من القرار، وثبت صحة كلام الأرصاد..

 

اقرأ أيضا: الجنسية المصرية.. والجامعات الجديدة والقديمة!

 

وتحولت مصر إلى مدينة تغرق وتحاول بكل قوتها النجاة من الغرق، وللأسف لم يعد جديد أن نرى القاهرة تغرق فى شبر ميه، فما بالنا بأمطار ورعد وبرق لم نشاهده منذ منتصف التسعينيات، ما حدث ليس فيه جديد من حيث إن شوارع القاهرة الجديدة ومدينة الشيخ زايد وهى المناطق الأحدث والأغلى أصبحت بحورا من المياه وغرقت أيضا الفيلات..

 

ناهيك عن داخل القاهرة والمدن الكبرى، الحقيقة هناك لحظات من الرعب من أصوات البرق والرعد وغزارة الأمطار.

 

هناك أكثر من ملاحظة، الأولى أن الحكومة استعدت بسياراتها ومقشاتها للأمطار والمياه، وأعلنت حالة الطوارئ فى كل مرافق الدولة، وهذا أمر جيد يحسب لها، والحقيقة أن الجميع حاول تقليل حجم المشكلة بقدر الإمكان، وأخص فى هذا الأمر العمال البسطاء الذين تحملوا العبء الأكبر..

 

اقرأ أيضا: غزل المحلة من انفتاح "السادات" إلى خصخصة "مبارك"!

 

الملاحظة الثانية هل حبس المواطنين فى البيوت وماحدث من إغراق الشوارع وتسلل المياه للبيوت وانهيار أخرى، هل هذا أقصى ما تستطيع تقديمه؟ كل عام تحدث مشكلة المطر وغرق الشوارع ويتكرر الأمر كل عام، ولكن ألا توجد حلول جديدة تنقذنا من الرعب الذى يسود كل من يقرر الحركة داخل المدينة أو حتى خارجها؟

 

إذا كانت الأحياء القديمة لم تعد قادرة على تحمل عبء تصريف المياه، علما بأن الرئيس الأسبق حسنى مبارك بدأ عهده بإعادة البنية التحتية المتهالكة، وذكرنا بذلك فى كل خطاباته، ومع هذا هل ما يحدث فى القاهرة الجديدة وزايد ..إلخ أمر مقبول؟

 

أعتقد بعيدا عن أسطوانة البنية التحتية أن الأمر يحتاج إلى رؤية علمية جديدة لإنقاذ المدن من كل أخطار الأمطار! 

 

الملاحظة الأهم والتى لم يهتم بها أحد سواء الحكومة أو الإعلام، وهى الريف المصرى، القرى والنجوع، فى مثل هذه الحالات يصبح مجرد الخروج من البيت مغامرة غير محسوبة، القري والنجوع الحياة فيها تصبح بالضبط وكأنها عودة مئات السنين، لا كهرباء.. لا مياه.. لا طرق.. لا مواصلات.. لا تليفونات!

 

اقرأ أيضا: المعايير قبل التغيير.. حركة المحافظين نموذجا !

 

والطرق هنا عبارة عن الوحل والطين أى انقطاع عن العالم، لم نشاهد تقريرا عن القرية المصرية ووضع الفلاحين مع العلم أن القرى والنجوع تضم 70% من عدد سكان مصر، وهم البسطاء الذين لا يتذكرهم أحد إلا وقت الانتخابات .

 

أخيرا لك الله أيها المواطن المصرى فى كل شبر على أرض مصر، وتحيا مصر بعرق الفلاح الذى يكابد مع الزرع، وأيضا أعطى لمصر الطبيب والمهندس والمحامى والصيدلى.. وتحيا مصر بجهد وعرق العمال الذين سهروا الليالى من تخفيف العبء عن المواطن بإزاحة المياه، وفتح طرق وغلق لأأخرى وهم لا يحصلون إلا على جنيهات قليلة.. تحيا مصر بجهود شبابها الذى يولد الأمل مع كل مشكلة، شباب تطوع لمساعدة أصحاب السيارات المتعطلة.. الشباب الذى قام بمساعدة الفقراء الذين افترشوا الأرض تحت الكبارى والأرصفة..تحيا مصر.

الجريدة الرسمية