رئيس التحرير
عصام كامل

زغلول صيام يكتب: عقوبات الجبلاية "سمك لبن تمر هندي"..اللوائح والقوانين في إجازة.. واستمرار الخروج عن النص مرفوض

مباراة السوبر
مباراة السوبر

«لم يعد بالإمكان أسوأ مما كان».. جملة يمكن أن تلخص ما وصلت إليه الكرة المصرية في الوقت الحالي، وتحديدًا في أعقاب أحداث مباراة السوبر المحلي التي وقعت مؤخرا عقب انتهاء مباراة الأهلي والزمالك على إستاد محمد بن زايد في أبوظبي.

الأمور وصلت إلى مرحلة اللاعودة بعد حالة التعصب الكروي التي وصل إليها مسئولو ولاعبو وجماهير الناديين، سواء داخل الملعب أو على صفحات التواصل الاجتماعي التي شهدت انحدارا أخلاقيا غير مسبوق ينذر بكارثة جديدة على الأبواب في ملاعبنا.

وكانت لجنة الانضباط باتحاد الكرة برئاسة المستشار سيد بنداري، قد أعلنت عقوبات مغلظة على لاعبي الأهلي والزمالك، على خلفية أحداث مباراة السوبر التي أقيمت الخميس الماضي على ملعب «محمد بن زايد» في أبو ظبي، وتوج بها الفريق الأبيض بعد الفوز بركلات الترجيح 4-3.

أول قرار من الزمالك ضد عقوبات اتحاد الكرة

وقررت لجنة الانضباط بعد الاجتماع مع مسئولي اللجنة الخماسية بمقر الجبلاية، إيقاف كل من: محمود عبد المنعم (كهربا) لاعب الأهلي، وإمام عاشور لاعب الزمالك، وأحمد زاهر إداري الزمالك حتى نهاية الموسم وغرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه لكل منهم، وإيقاف محمود عبد الرازق (شيكابالا) لاعب الزمالك 8 مباريات وغرامة 100 ألف جنيه، وإيقاف عبد الله جمعة لاعب الزمالك 3 مباريات وغرامة 50 ألف جنيه، وكذلك إيقاف كل من ياسر إبراهيم وجونيور أجايي لاعبي الأهلي مباراتين وغرامة 50 ألف جنيه لكل منهما، كما قررت اللجنة تغريم كل من ناديي الأهلي والزمالك 100 ألف جنيه، ومنع مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك من المشاركة في أنشطة كرة القدم 3 مباريات وغرامة مالية 200 ألف جنيه.

لم تعد الصورة المزيفة التي نتابعها على شاشات الفضائيات وملاعب كرة القدم المصرية من أحضان وقبلات قبل المباريات هي الحقيقة، ولكن الحقيقة هي ماتابعناه عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الأحداث التي أعقبت لقاء السوبر المصري بين الأهلي والزمالك، الذي استضافه إستاد محمد بن زايد بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، وهي تعكس كيف أصبحت الكرة المصرية مستنقع الرياضة من خلال ما نراه من نجوم كرة القدم سواء في هذا الفريق أو ذاك

عقوبات السوبر تتصدر محركات البحث بعد إعلانها رسميا من اتحاد الكرة ‏

وأبدا لم يكن استشهاد 74 من جمهور الأهلي في أحداث بورسعيد ولا استشهاد 20 من جماهير الزمالك في أحداث الدفاع الجوي رادع لنا أو للاعبين أو الجمهور نفسه، بل استمرت نفس الظواهر في غياب العقوبات الرادعة التي تمنع أي شخص تسول له نفسه الخروج عن النص داخل المستطيل الأخضر... أعود بالذاكرة للوراء وأتساءل: هل كانت مثل هذه التصرفات اللا أخلاقية موجودة ؟! نعم كانت موجودة ولكن تواجه بحزم وقوة شديدة رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة من الأساس، ولم تكن تمثل أدنى ضغط ولكن كان هناك حاجة اسمها عيب وغلط.

وقتها حينما كان اتحاد الكرة يقرر إيقاف لاعب لمدة عام كامل أو شطبه مهما كانت نجوميته لم يكن الأمر يمثل أكثر من انتصار للمجتمع وقيمه وتقاليده، رغم أن بعض الوقائع لم تكن مصورة ولكن تقرير الحكم كان فاصلا في الموضوع.

اتحاد الكرة عن واقعة طارق حامد: عقوبات الانضباط لا تشمل "لغة الشفايف"

ومن الذاكرة أتذكر إيقاف وحش أفريقيا إكرامي حارس مرمى الأهلي العملاق، عندما ارتكب واقعة مشينة في مباراة فريقه أمام الإسماعيلي، ومرة أخرى عندما ضرب لاعبا بالشلوت في لقاء الفريق أمام المصري ببورسعيد، ولم يقل اتحاد الكرة وقتها أن النجم اسمه إكرامي، ووقع عليه عقوبة الإيقاف لمدة عام كامل، ونفس الوقائع أيضا ونفس الإيقاف تكرر مع المعلم حسن شحاتة والمجري مصطفى عبده، وعلاء ميهوب الذي رفض مرة الانضمام للمنتخب فتم إيقافه محليا ستة شهور، والغزال إبراهيم يوسف والمدفعجي سمير كمونة في نهاية الألفية الثانية.

عندما توجه إلى جماهير غزل المحلة بإشارة خارجة في مباراة نهائي الكأس ومن قبله أيمن رمضان لاعب الإسماعيلي وغيرهم وغيرهم الكثيرون من نجوم كرة القدم، ولكن اليوم أصبح الزمن غير الزمن، فاللاعب يطلق إشارات خارجة واتحاد الكرة "يعمل نفسه من بنها" ومبرره أن تقرير المراقب والحكم لم يسجل الواقعة والمدربون يتلفظون بألفاظ خارجة وفي النهاية عقوبة مالية .. الله اعلم إذا كانت تطبق أم لا.

حاولنا التنقيب في الزمن البعيد في زمن كان هناك رجال لا يخشون في الحق لومة لائم، ولون الفانلة لا يمثل لديهم أدنى شيء سواء رؤساء اتحادات أو رؤساء لجنة مسابقات، وقت أن كانت هي التي تدير المسابقات، ولم نكن نسمع لا عن انضباط ولا تظلمات ولا غيره...رجال من عينة النائب محمد أحمد، والمهندس حسن عبدون، واللواء حرب الدهشوري، وسمير زاهر قبل أن ينقلب الحال ونصل إلى ما وصلنا إليه.

كان هناك رؤساء لجان مسابقات من نوعية حسن عامر وأبو فريخة ومحمود السيد واللواء نايف عزت وأبو العلا فرحات وغيرهم الكثيرين، ورؤساء أندية من نوعية المايسترو صالح سليم ومحمد حسن حلمي ونور الدالي والفريق مرتجي، ولم يكن هناك من يدافع عن باطل، بل كانت العقوبة من النادي قبل الاتحاد، وبالتالي لم يكن هناك من يدافع عن خطأ، على سبيل المثال أوقف المايسترو صالح سليم حسام حسن بعد أن ألقي الفانلة على الأرض 6 شهور، وإبراهيم حسن بسبب إشارة إصبعه في لقاء دولي أمام المغرب مع المنتخب وليس النادي.. كانت أيام والواضح أنها لن تعود…

واستفحلت الظاهرة عندما تحول الإعلام هو الآخر إلى ألوان وتحول الإعلاميون بكافة أطيافهم إلى مشجعين، يحاول كل واحد أن يجد مبررا لهذا النجم أو ذاك لمجرد لون فانلته حتى لو ارتكب اللاعب فعلا فاضحا سواء بالقول أو الإشارة، وبالتالي لم يعد هناك أمل في الإصلاح، فهؤلاء إعلاميون يشجعون الأهلي، وآخرون يشجعون الزمالك والإسماعيلي والمصري وخلافه، وهنا تاهت كل القيم والمبادئ بل لا أكون مبالغا إذا قلت إنها نسفت من الأساس.. تاهت الحقائق عندما تحولت الجمعية العمومية لاتحاد الكرة إلى مجرد أصوات انتخابية تتحكم في قرار الجبلاية.

الكابتن عصام عبدالمنعم حارس مرمى النادي الأهلي وتولي العديد من المناصب القيادية داخل اتحاد الكرة بما فيها منصب الرئيس وعاصر الكثير من القرارات القوية يقول إن السمكة تفسد من الرأس أولا وبالتالي لا تسأل عن الذيل... الحل الوحيد أن تكون هناك لائحة قوية واضحة المعالم تشمل جزاءات رادعة لكل خروج على النص بداية من رئيس النادي وحتى اللاعب مرورا بكافة أطراف اللعبة وهذه اللائحة تعتمد من الجمعية العمومية، وهنا لا أحد يستطيع أن يقف في وجه اتحاد الكرة الذي تحول إلى الحلقة الأضعف في المنظومة الكروية.

وقال إن ما حدث ويحدث في الملاعب المصرية هو نتاج ضعف متواصل من اتحاد الكرة بداية من شروط الترشيح للاتحاد، مرورا بعدد الأندية أعضاء الجمعية العمومية  عبدالمنعم يرى أن العقوبات الحالية لا تسمن ولا تغني من جوع ويجب مضاعفتها أكثر من مرة لاسيما ونحن لا نعرف إذا ما كانت العقوبات المالية التي يتم الإعلان عنها يتم تطبيقها أم لا ؟! وأبدي رئيس اتحاد الكرة الأسبق اندهاشه من وجود لجنة لتسيير الاتحاد لمدة تقارب على العام، وهو أمر في غاية الغرابة والاندهاش وكان الأحري هو البحث عن مجلس منتخب مباشرة.

وفى اتصال هاتفى مع الكابتن علاء نبيل نجم المنتخب الوطني السابق ومدرب عام المنتخب السابق والمدير الفني للمقاولون العرب أكد أن لوائحنا (مايعة) ويتم التحايل عليها بسهولة كبيرة جدا، فمثلا تصدر لجنة المسابقات إيقاف المدرب أربع مباريات ثم ينتقل إلى ناد آخر ولا تفعل العقوبة وحدثت كثيرا ووقائع أكثر في هذا الموضوع.

أما عن حكاية إيقافه إفريقيا لمدة عام فقال علاء نبيل: إنه كان مع المقاولون العرب في إحدي المباريات الإفريقية وداس لاعبا عليه بمعني الكلمة والحكم لم يفعل شيئا فقال للحكم (مالكش فيها) وبعدها فوجئ بقرار الكاف بإيقافه عن المشاركة في مسابقات الكاف لمدة عام، وحرم بسبب هذه العقوبة من اللعب في بطولة الأمم الإفريقية عام 1984 بكوت ديفوار، وأكد نبيل أنه في ظل المواءمات الموجودة فمن الطبيعي أن نترقب الأسوأ في كرة القدم

الإعلامي أحمد شوبير كابتن مصر والنادي الأهلي ونائب رئيس اتحاد الكرة السابق يقول إنه من- أمن العقاب أساء الأدب– لأن لجنة الانضباط تعطي القرار ثم بعد ذلك تخفف العقوبة، بحجة وجود التماس من المعاقب، وهو أمر غير موجود في أي اتحاد في العالم، وأضاف شوبير أن العملية يحكمها توازنات ومواءمات وأصوات انتخابية ولكنه يشهد أن اللواء يوسف الدهشوري حرب هو آخر الرجال المحترمين في رئاسة الجبلاية، حيث كانت العقوبات مشددة ورادعة لكل من تسول له نفسه الخروج عن النص داخل ملاعب كرة القدم

المهندس محمود الشامي رئيس نادي بلدية المحلة الأسبق وعضو مجلس إدارة اتحاد الكرة في دورتين متتاليتين يؤكد أن ما نراه الآن هو نتاج سنوات طويلة ضاعت فيها هيبة اتحاد الكرة نتيجة لمواءمات...هيبة اتحاد الكرة خرجت منذ 15 عاما ولم تعد بعد، ولذلك نري ما نراه في الملاعب المصرية من خروج متكرر ودائم على النص، وقال الشامي إنه اندهش حينما شاهد رئيس اتحاد الكرة وهو يسلم ميداليات السوبر، ويقوم بتقبيل وحضن بعض اللاعبين، وهو أمر في غاية الغرابة خاصة بعد الأحداث التي تابعناها جميعا وهي بكل الأحوال مؤسفة وكان الأجدر به أن يبدي الحزن على ماحدث وهو أقل شيء.

وأضاف الشامي إن الحل الوحيد لإنقاذ مايمكن إنقاذه هو تنقيح كل اللوائح سواء مسابقات أو انضباط أو قيم أو تظلمات واعتمادها من قبل الجمعية العمومية لاتحاد الكرة وممنوع الاقتراب منها إلا في حالة التعديل، وأيضا من خلال الجمعية العمومية أما ما يحدث الآن فهو سمك –لبن – تمر هندي – وتشكيلات اللجان بالمجاملات وحسب الأهواء لمجرد الصداقة مع أعضاء مجلس الإدارة، وليس حسب لوائح واضحة تحدد شروط عضوية اللجان أما بوضعها الحالي فلابد أن تكون النتيجة ما نراه في الملاعب الآن من خروج دائم على النص دون عقاب رادع.

المراجع... تحدثنا في الموضوع مع العديد من الشخصيات التي عاصرت الزمن الجميل ومازالوا يتذكرون قرارات حاسمة وقت أن كان اتحاد الكرة له هيبة ولا يستطيع وزير أو أي حد تاني التدخل في أعمالهم لدرجة أن حسن عبدون رفض تأجيل لقاء حسب تعليمات الوزير عبد الأحد جمال الدين وكان لقاء الأهلي والترسانة وقام الوزير بحل الاتحاد ولكنه عاد بحكم القانون ...نعم نريد كرة قدم تضمن تطبيق الشعارات وليس مجرد صورة أو كلام في الفاضي... ومازلت أتذكر تلك العبارة التي كانت محفورة على سور ملعب غزل المحلة (ابتسم عند الهزيمة وتواضع عند النصر)

“نقلا عن العدد الورقي...”

الجريدة الرسمية