رئيس التحرير
عصام كامل

البديل الفني للعشوائية

سيارة فارهة تقودها فتاة أنيقة تعكس ملابسها ونوع سيارتها الطبقة الاجتماعية التي تنتمي لها، بينما انسابت بقوة أغنية مهرجانات من النوافذ فيما تتراقص الفتاة مع صديقتها على موسيقاها.

 

هذه الأغاني حققت انتشارًا كبيرًا بين جميع الطبقات حيث لم يقتصر الاستماع إليها على سائقي التوك توك كما يتصور البعض.. وفي ظني أن بعض من يتعالون على هذا اللون من الموسيقى هم من المستمعين إليه والمتراقصين على نغماته.

 

اقرأ ايضا: صناعة المحتوى للمواقع الاجتماعية

 

لهواة التصنيفات.. من الممكن أن نرفض النظر إلى هذه الأغاني باعتبارها فن شعبي وذلك لكون الأخير يخرج معبرًا عن تراث الشعوب بينما أغاني المهرجانات تعكس البيئة العشوائية التي خرجت منها محملة بأفكارها السلبية، ولكن بعيدًا عن هذه التصنيفات فإن محاولات المنع والتسلط في مواجهة انتشارها تظل عديمة الجدوى، خاصة أن المهن تزدهر عندما يفهم "النقيب" إنه رئيس مهنة وليس رئيس مباحث، حيث الأول يهتم بتطور مهنته والحفاظ عليها، أما الثاني فلا يفكر إلا في إصدار أوامر المنع وقرارات المصادرة.

 

أثبت تاريخ المنع فشله وعدم تحقيقه لأي نتيجة إلا في مصلحة من تمت مصادرة أعمالهم.. ففي السبعينات قررت الإذاعة أن تمنع أغاني المطرب الشعبي أحمد عدوية، فكانت النتيجة أن محبي أغانيه لم يتمكنوا من الاستماع إليها عبر الراديو وتسجيلها على شرائط كاسيت كما اعتادوا مع الأغاني التي تروق لهم، لذلك اتجهوا إلى شرائها من الأسواق لتزداد مبيعات أغانيه.. وتصبح الإذاعة بقرار المنع صاحبة فضل في إزدياد نجومية وثراء عدوية.

 

اقرأ ايضا: من أجل "شهيد الشهامة" القادم

 

ومن سنوات منع عدوية إلى زمن مطاردة شاكوش ورفاقه.. ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد بمثابة أداة تمكين للمستخدم بعيدًا عن ضوابط الإعلام التقليدي ومحدودية مساحته، مما جعل هناك استحالة في تطبيق قرارات المنع والمصادرة.. فإذا فشلت هذه القرارات في زمن الإذاعة قبل عقود فهل يتوقع أحدهم أن تنجح الآن في زمن السوشيال ميديا!

 

أغاني المهرجانات تمثل خطاب فني عشوائي يعكس ما نعايشه من عشوائية في شوارعنا، بل أحيانًا في خطابنا الإعلامي والثقافي والرياضي وغيرهم.. اعتدنا على العشوائية والسوقية وتقبلناها في نواحي عديدة بداية من تخطيط شوارعنا ومبانينا مرورًا ببعض سلوكياتنا حتى اعتدنا على القبح..

 

اقرأ ايضا: المواقع الاجتماعية في دعم خطط التنمية

 

لذلك فإن مطاردة هذه الأغاني ورجم أصحابها لن يُجدي نفعًا، وسيكون الأفضل أن نبحث عن البديل الفني القادر على التأثير والتغيير الإيجابي مع تقديم الدعم الرسمي، من مؤسسات الدولة، إلى الفن القادر على الارتقاء بالذوق العام بجانب الاستفادة من شعبية أغاني المهرجانات عبر محاولة توظيفها في بث كلمات ورسائل إيجابية، بدلًا من ترويجها لثقافة العنف والقبح والسوقية.

 

 

الجريدة الرسمية