رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الأسعار يا حكومة

أليس من الطبيعي أن ينعكس الانخفاض المتواصل في أسعار الدولار، بشكل إيجابي على أداء الاقتصاد المصري، ويشعر المواطن على الأقل بـ"انخفاض" في أسعار السلع، التي اشتعلت عقب تعويم سعر الصرف في نوفمبر  2016، أم أن الأسعار في مصر غير قابلة للانخفاض، وأن "سعر السلع" الذي تركته الحكومة يخضع لآليات العرض والطلب وسعر العملة "يرتفع" في مصر فقط "ولا ينخفض" طبقا لتلك الآليات، على عكس كل دول العالم؟

 

فعقب إقدام الحكومة على تحرير سعر الصرف منذ ما يزيد على الـ 3 سنوات، شهدت الأسواق المصرية ارتفاعًا متصاعدًا والجنوني في الأسعار، نتيجة لجوء التجار إلى "حيل ابتزازية" رفعوا معها حتى أسعار "الفجل والجرجير" وكل ما له علاقة، أو ليس له علاقة بالدولار، لدرجة أنهم كانوا يرفعون أسعار السلع الموجودة في المخازن - من قبل قرار التعويم - في اليوم الواحد عدة مرات، مما جعلهم يحققون خلال تلك الفترة مكاسب خيالية من جيوب الفقراء.

 

وهي الممارسات التي جعلت السوق المصري يعاني تضخما كبيرا ومتصاعدا، اضطر الحكومة إلى التدخل، واستحداث الشهادات البنكية ذات عائد الـ 20% سنويا، في محاولة لامتصاص السيولة النقدية الموجودة في الأسواق والسيطرة على الأسعار وخفض نسبة التضخم، وهي السياسة التي أتت بمردود إيجابي بالفعل خلال فترة امتدت لنحو عامين، ثبتت وتراجعت خلالها أسعار أغلب السلع، وتراجع حجم التضخم بنسبة كبيرة.

 

اقرأ أيضا

 قادة البيزنس

 

واستمرارا لذات السياسات الاقتصادية، شهدت البلاد انخفاضًا كبيرًا في أسعار الدولار، وصل منذ 2016 وحتى الآن إلى ما يقرب من الـ 3 جنيهات، وهو ما كان من الطبيعي أن يتبعه "انخفاض" في أسعار "السلع" خاصة "المستورد" وتحسن حجم القوة الشرائية، والسيطرة على التضخم، وانخفاض قيمة خدمة الدين الخارجي، وغيرها من النتائج التي كان من المفترض أن يشعر بها المواطن سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

وهي النتائج التي من المفترض أن تكون طبيعية، طبقا للعقل والمعايير الاقتصادية المعمول بها في العالم "إلا في مصر" التي تخضع فيها نتائج تلك السياسات منذ قرون لـ "أهواء ومصالح" من يتحكمون في مفاتيح السوق من "أصحاب النفوذ، ورءوس الأموال، وكبار المستوردين، والتجار" حيث حققت تلك السياسات بالفعل "كل المستهدف" إلا انخفاض "الأسعار" التي ثبتت على ذات الارتفاع، على الرغم من الانخفاض شبه اليومي في أسعار الدولار.

 

اقرأ أيضا

 احتلال فى ثوب شرعي

وما زالت ذات الفئة التي جمعت مليارات الجنيهات من جيوب الفقراء "دون وجه حق" عقب 3 نوفمبر 2016  تحقق مزيد من المكاسب "دون وجه حق" أيضا، في ظل استمرار ثبات أسعار السلع، وتراجع أسعار المواد الخام المستوردة التي تدخل في عمليات الإنتاج، بحكم تراجع أسعار الدولار.

 

للأسف، أن الواقع في السوق المصري الآن يؤكد أن هناك "ابتزازا علنيا" يمارس على المواطن الفقير، في ظل "صمت حكومي" تركت معه الأسعار تسير عكس سياسة العرض والطلب وأسعار صرف العملات، وتركت فارق سعر الدولار الذي تحقق بحكم نجاح برنامج إصلاح اقتصادي "قاسي" يذهب كمكاسب إضافية في جيوب من يتحكمون في أسعار السلع، بدلا من أن ينعكس في صورة انخفاض في الأسعار، يحد من معاناة الفقراء.

 

اقرأ أيضا

 قتلة الشعب السوري

 

أعتقد أن الأمر يحتم على الحكومة ضرورة استثمار نجاحها في خفض أسعار العملات الأجنبية في مقابل الجنية لصالح المواطن المصري "الفقير" الذي تحمل في صمت التبعات الثقيلة لتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي "قاسي" يجب أن يكون مردوده الإيجابي الأول موجه لتخفيف العبء عن كاهله، بدلا من تركة يصب في جيوب طبقة بعينها.

 

يقيني أن تدارك الأمر "سهلا" ولا يعني بالتأكيد العودة إلى فرض "الأسعار الجبرية" كما ينادي البعض، ولكن فقط إلى فرض "رقابة سابقة" تمكن الأجهزة الرقابية من معرفة السعر الحقيقي للسلعة وهامش الربح، وتطبيق "ضريبة تصاعدية" تجبر المنتج علي طرح السلعة بأسعار طبيعية، بدلا من سياسة "الجشع" التي يتبعها الأغلبية العظمى من "المنتجين والتجار" في الوقت الحالي.. وكفى.

Advertisements
الجريدة الرسمية