رئيس التحرير
عصام كامل

قادة البيزنس

وسط الأحداث المتلاحقة التي تمر بها المنطقة، وحالة الوهن والتخبط التي يمر بها العرب، والصراع المزمن في فلسطين بين "فتح وحماس" بدأت إسرائيل في فرض واقع جديد على الأرض العربية المحتلة، يرسخ لواقع أكثر مراره في حالة الجلوس لمائدة مفاوضات، يستحيل معه طرح "حل الدولتين" المطروح من العرب والوسطاء الدوليين.

 

فوسط صمت من العرب والقيادات الفلسطينية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أيام، بهدم قرية "العراقيب" الفلسطينية، الواقعة في منطقة النقب، للمرة الـ 169 منذ عام 2010، وسط تصميم من أهالي القرية البالغ عددهم 22 أسرة على إعادة بنائها من "الخشب والبلاستيك والصفيح" كالمعتاد مرة أخرى، وذلك ضمن السيناريو الروتيني المعتاد من إسرائيل لتقليص القرى العربية في الأراضي المحتلة.

 

وقد جاء الاجتياح الإسرائيلي لقرية "العراقيب" مواكبا لكارثة جديدة كشفت عنها وسائل إعلام إسرائيلية هذا الاسبوع، تتعلق بخطة أعدها وزير الدفاع الإسرائيلي "نفتالي بينت" وتمت الموافقة عليها من قبل الجيش والحكومة الاسرائيلية، للسيطرة الكاملة على المنطقة "C" التي تشكل نحو 60٪ من الضفة الغربية، وتمنع الفلسطينيين من البناء، مع القيام بعمليات هدم واسعة لمنازل الفلسطينيين بالمنطقة.

اقرأ ايضا: قتلة الشعب السورى

 

للأسف، إن المشروع الإسرائيلى الجديد، يأتى مكملا لخطة طويلة الأجل للسيطرة على كامل أراضى الضفة الغربية، بعد أن شرعت فى سبتمبر الماضى فى مشروع لشق “شارعين جديدين” لربط مستوطنات معزولة بجنوب وشمال الضفة الغربية، بالمستوطنات الكبرى فى الشمال والجنوب، مما سيجعل تلك المستوطنات تشكل طوقا يعزل القرى والمدن الفلسطينية، ويمكن إسرائيل من التسريع بمخطط ضم أراضى الضفة الغربية، ونسف حل الدولتين، والقضاء على حلم قيام الدولة الفلسطينية.   

العجيب، أن التجاوزات الإسرائيلية التى لم تحرك ساكن ل "قادة البيزنس" فى فلسطين، استفزت المنسق الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط "نيقولاى ملادينوف" الذى تقدم بتقرير للمنظمة الدولية، كشف فيه عن ارتفاع عدد الوحدات الاستيطانية الإسرائيلية التى قدمت خطط لبنائها وتمت الموافقة عليها عام 2019 إلى 10 آلاف وحدة.  

واقرأ ايضا : احتلال فى ثوب شرعي

 

وقال "ملادينوف" في تقريرة صراحة : "إنه على الرغم من أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334  ينص صراحة على "أن كل المستوطنات التي يتم بناءها في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها أي شرعية قانونية، وتمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وعقبة كبيرة أمام تحقيق حل الدولتين، إلا أن إسرائيل لم تتوقف عن الأنشطتها الاستيطانية، التي وصلت منذ عام 2016 إلى أكثر من 22 ألف وحدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

 

الحقائق على الأرض تؤكد، أن فلسطين تحولت وكأنها "أرض بلا صاحب" بعد حالة الوهن الرهيبة التي أصابت العرب خلال السنوات الأخيرة، وتحول القضية بأيدي قادتها، من قضية "نضال من أجل تقرير مصير شعب "إلى قضية "بيزنس متاجرة بهموم الشعب المسكين".

 

وهي الحقيقة التي ادركتها إسرائيل للأسف منذ سنوات، فراحت تهيمن وتتوسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تشاء، ليبقى مصير الشعب المطحون في الداخل، والمشرد بالخارج بيد الله.. وكفى.

الجريدة الرسمية