رئيس التحرير
عصام كامل

ماجدة الخوري.. سورية اتخذت من الطعام وسيلة للتعريف بقضايا اللاجئات

فيتو

تحت عنوان "أمم متحدة مصغرة".. بدأت قصة اللاجئة السورية ماجدة الخوري، التي استخدمت الطعام للتعريف بقضية بلدها، بعد أن واجهت ظروفًا قاسية يمكن أن تحطم أقوى المعنويات ولكنها رفضت الاستسلام بل وحرصت على إظهار قضيتها من خلال استخدام "المطبخ".


ماجدة الخولي، سيدة سورية، رفضت الانحناء للصعوبات وقررت الاتجاه إلى بناء حياة جديدة والتعريف بقضايا ومعاناة اللاجئين من خلال استخدام مطابخ اللاجئات المختلفة والأكلات التي تميز دولة كل لاجئة للتعريف بدولتها وقضيتها.

حفل عشاء
بدأت ماجدة الخوري، مشروعها من خلال تنظيم حفل عشاء للاجئات من جميع الجنسيات خلال تواجدها في بريطانيا، ووضعت قائمة طعام غير مشهية بالمرة رغم ذلك كانت قائمة الضيوف كبيرة جدًا وتدعو للفخر.

في البداية بعد توافد الحضور ظهر متحدثان على شاشة عبر موقع سكايب في مكان اللقاء، وحينما نظر الضيوف إلى ما وراء وجه أحدهما رأوا جدرانا خرقتها آثار القصف، وكان المتحدثان طبيبا وناشطا حقوقيا يعيشان في بلدة الغوطة الشرقية التي مزقتها الحرب في سوريا، يشرحان للضيوف ما يعانيه المدنيون هناك، بعد خمس سنوات من الحصار والجوع، وتدمير المستشفيات وهجمات كيميائية، وقصف وحشي من جانب الجيش السوري والقوات الموالية الرئيس بشار الأسد.

فرصة للحكي

وعلى الرغم من أن أشياء بسيطة مثل مشاركة مائدة العشاء لن تحل أزمة اللاجئين، فإن وجبات مثل تلك هي الطريقة التي تجد بها ماجدة التي فرت إلى بريطانيا في 2017 مكانا في قلوب الغرباء الذين تقابلهم، فإطعام الناس يعطيها فرصة لتحكي قصتها، كما يساعدها ذلك على الاستمرار في العمل الذي اضطهدت بسببه في بلدها سوريا.

عائلة جديدة
لم يكن التعريف بقضية بلدها الهدف الوحيد بل كان الأهم أن عملها تسبب في حرمانها من ولديها، اللذين صارا أكبر سنا في دمشق، لكن الطعام ساعد ماجدة على بناء عائلة ثانية لها تتكون من أصدقاء جدد.

ولم تكن ماجدة ترغب يوما في العيش في بريطانيا، خاصة أنها قبل الانتفاضة في بلدها كانت تتمتع بحياة مميزة، وتعمل مستشارة أطفال، وتدير مركزا لتعليم الأسرة، كما أنها كانت تعيش حياة سعيدة في منزل جميل بدمشق مع طفليها وزوجها.

إطعام اللاجئين

وحينما اندلعت المظاهرات ضد حكم الأسد عام 2011، انضمت إليها ماجدة، لكنها توقفت عن ذلك، حينما تصاعدت تلك التظاهرات وتحولت إلى نزاع مسلح، وبدلا من ذلك تحولت إلى مساعدة ضحايا الحرب. لكن في عام 2015 سجنت ماجدة، بسبب مساعدتها في إطعام اللاجئين الذين يصلون المدينة قادمين من أنحاء سوريا.

واتهمتها الحكومة السورية، وجماعات المعارضة المسلحة، باستخدام الطعام كسلاح، ومنع وصول الإمدادات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

ديانتها
وأوضحت ماجدة أن ديانتها المسيحية وثرائها كان السبب في تمكينها من عبور نقاط التفتيش، ومن ثم اعتادت تهريب الخبز لإطعام الناس.
لكن بعد الأضرار العديدة التي لحقت بها وخوفا على سلامة عائلتها، اضطرت إلى إلى الفرار للبنان وتركت ولديها مع والدهم.
وكانت أعمارهم 13 و15 عاما، ومن ثم استمرت في العمل كناشطة سياسية حتى دعيت في 2017 للحديث في مؤتمر في بريطانيا.
وبينما كانت في بريطاينا تلقت ماجدة خبرا بأن زملاءها اعتقلوا، ومن ثم اعتقدت أنها في خطر، وسعت إلى اللجوء السياسي في بريطاني، وتحولت من كونها مدافعة عن اللاجئين إلى واحدة منهم، وانفصلت إلى أجل غير مسمى عن عائلتها وبلدها.

المطبخ الدمشقي
رغم المصاعب التي واجهتها في البداية إلا أنها اكتشفت أن المطبخ الدمشقي له عشق في لندن، لكون الطعام ركن أساسي في الثقافة والعائلة السورية. فهو في الغالب معقد، ومليء بالمكونات الغنية والملونة، فحرصت على استخدامه لتعريف قضيتها.

أمضت ماجدة عامها الأول في لندن معتمدة على كرم الغرباء، ونقلت مكان سكنها خمس مرات، وفي كل مكان، كانت تعمل على التأكد من أنه ليس هناك جائع لكن كما يعلم أي طباخ، فإن التكيف مع مطبخ شخص آخر وعاداته إنجاز كبير.

وأقامت ماجدة في البداية مع زوجين من فرنسا وإيطاليا كان لديهم مطبخ رائع، صغير لكنه مليء بالأدوات التي جعلتهم يتنافسوا يوميا ليروا من سيطبخ أفضل، كما أنها عاشت مع امرأة سورية أخرى، تطعم أبناءها حينما تكون في العمل. وتقول: "لا أزلت أرسل لهم بعض الأطعمة، حينما أصنع شيئا أعلم أنهم يحبونه".

مجموعة اللاجئين
وكان أحد قراراتها المبكرة في لندن هو الانضمام إلى مجموعة من اللاجئين معنية بالطبخ، وتديرها منظمة خيرية، وتجمع هذه الجماعة بين سكان لندن واللاجئين، لتعلم الوصفات ومشاركة الوجبات.

الجريدة الرسمية