رئيس التحرير
عصام كامل

د. محمد هانى استشارى الطب النفسى: تورط أطفال في جرائم قتل حوادث فردية وليست ظاهرة

فيتو

  • يطالب بالتصدى لدعاة البلطجة والفوضى والعنف
  • الفن وراء جرائم المراهقين

قال الدكتور محمد هاني، استشاري الطب النفسي: إن تورط أطفال تحت سن الـ18 عاما في جرائم قتل، مجرد حوادث فردية لا ترقى إلى أن تكون ظاهرة مقلقة، محملا السينما والتليفزيون مسئولية شيوع البلطجة والعنف بين جيل الصغار، وأوضح هانى أنه يقع على الدولة دور كبير في مواجهة العنف والبلطجة بين المراهقين من خلال مراقبة المحتوى الذي يقدم للأطفال سواء على الشاشات أو في المدارس أو حتى داخل دور العبادة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن أغلب الأطفال الذين يتورطون في جرائم يعانون من اضطرابات نفسية لأسباب مختلفة.. وإلى نص الحوار


ما تحليلك لأسباب انتشار ممارسة العنف بين الأحداث في المجتمع المصري؟
وقوع مثل تلك الأحداث المؤلمة، يرجع لأسباب عدة أهمها الفن مع الأسف، فكم نري في الفترة الأخيرة من أفلام سينمائية ودرامية هابطة يجسد بطلها دور البلطجي الذي يحمل السلاح، ويهدد المواطنين، ويروع المارة، وتكثر بها مناظر الدماء، ومشاهد العنف، ويتأثر بها الطفل المراهق الذي ما زال في هذه السن الصغيرة يمر بمرحلة اضطرابات الشخصية، فيتقمص شخصية هذا البطل البلطجي، ويتشرب سماته، وينقل تصرفاته إلى المجتمع بكل ما تحمله من مساوئ فيمارس العنف على المحيطين ويرتكب جرائم سرقة وبلطجة قد تصل أيضا إلى القتل، أما عن السبب الرئيسي الثاني فهو غياب دور الأسرة وتخلي الآباء عن دور المراقب والموجه، فأصبحنا نري كثيرا من الأسر لا يعلمون عن أبنائهم شيئا، تاركين زمام أمورهم لأصحاب السوء، منشغلين بالعمل وتوفير المال، ويغفلون دورهم الأهم وهو الاحتواء والتربية، أما السبب الأخير فهو سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا المراهق بعيدا عن أعين الأهل أصبح يطلع على أمور لا تناسب عمره وبسهولة، ويكتسب عادات سيئة ببساطة، ومثال على ذلك انتشار السباب والإهانات على صفحات التواصل الاجتماعي، وكأن الأمر عاديا ومقبولا.

وقعت العديد من حوادث القتل المروعة بين المراهقين مؤخرا فهل نعانى من ظاهرة أم أنها حوادث فردية؟
رغم بشاعة حوادث القتل بين الأطفال المراهقين التي نقرأ عنها يوميا، إلا أنه لا يصح أن نعتبرها ظاهرة متفشية بالمجتمع، فنسبتها لا تتعدي الحوادث الفردية، ونتمنى أن تتوقف قريبا بتضافر جهود كل من الدولة والمجتمع.

ما الدور الذي يجب أن تلعبه كل من الدولة والأسرة لمواجهة هذا الأمر؟
الدور الأكبر يقع على عاتق الدولة، فقد بات من الضروري والعاجل تدخل الدولة لوضع حد لكل تلك الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي تصدر مشاهد العنف للأسر، فلابد من تفعيل دور الرقابة على الأعمال الفنية ووقف بثها بكل حزم، كما يجب أن ينهض الإعلام ويقوم بدوره في تناول مشكلات الأسرة ومناقشتها من قبل متخصصين في مجال التربية وعلم النفس والاجتماع، وتوعية الآباء والأمهات بأهمية دورهم في متابعة أطفالهم وسبل تربيتهم بشكل سليم، وكيفية التعامل مع أبنائهم في المراحل العمرية الحرجة خاصة في فترة المراهقة التي تتطلب جهدا كبيرا من قبل الأسرة لاحتواء أبنائهم نفسيا حتى انتهاء الاضطرابات النفسية والذهنية والجسدية التي يمر بها المراهق في تلك الفترة، علاوة على دور الأزهر والكنيسة الذي لا يجب أن يقتصر على الدور الديني بل يمتد للنصح والإرشاد الأخلاقي.

ما الأسباب النفسية التي قد تدفع المراهق إلى الإقدام على القتل؟
بالطبع من يقدم على القتل لابد أنه يعاني من الصغر من اضطرابات شديدة في الشخصية، وتزداد مع التقدم في العمر، وتدفعه تلك الاضطرابات إلى ممارسة التسلط على الأشخاص المحيطين، وقد يكون وراء ذلك إحساس عميق بالنقص والدونية يسعي إلى تعويضها بممارسة السلوك العنيف الذي قد يدفع صاحبه إلى القتل.

أثارت تفاصيل مقتل الشاب محمود البنا غضب المجتمع المصري لما فيها من تحدٍ وإصرار قاتله على إزهاق روحه، فما تحليلك النفسي لمحمد راجح الشاب المتهم في تلك القضية؟
أعتقد أن محمد راجح يعاني من اضطرابات شخصية، ونرجسية تدفعه إلى الظهور بمظهر القائد المسيطر على من حوله وهذا ظهر في مساعدة أصدقائه له أثناء المشاجرة التي وقعت مع الضحية، إضافة إلى ميله الشديد للانتقام، ولا نغفل أيضا دور وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج الأزمة بين الطرفين، فقد تحولت من مجرد مشاجرة عابرة بين شابين إلى قضية قتل، بعد أن دخل الطرفان في سجال من المشادات على حساباتهم الشخصية على "فيس بوك" وبالطبع تدخل أقران السوء لإشعال نيران الغضب داخل "راجح" وكل تلك العوامل أسهمت في خروج المشهد بكل هذا الكم من البشاعة.

بعد تلقى العقوبة القانونية، هل يمكن إعادة دمج هؤلاء الأحداث في المجتمع مرة أخرى؟
نعم، ولكن الأمر يتطلب مجهودا كبيرا، يبدأ بإعادة تأهيلهم نفسيا مرة أخرى، لحل المشكلات النفسية التي يعانون منها أولا قبل خروجهم إلى المجتمع، كذلك من يرتكب جريمة كبري كالقتل ليس فقط الجاني هو من يحاسب بل يتأثر كل أفراد أسرته سلبا، لذلك من الأفضل ألا يعودوا إلى بيئتهم القديمة، ويجدوا أماكن جديدة للإقامة لبدء حياة جديدة.



الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية