رئيس التحرير
عصام كامل

منتصر عمران يكتب: العزاء على المقابر.. وبذلك أوصيت

منتصر عمران
منتصر عمران

معرفة الداء هي أقصر الطرق لمعرفة الدواء.. وفي العقيدة دائما نبحث عن العادة وليس العبادة للأسف وهذا حالنا.. غالبا ننظر إلى مردود أعمالنا في الدنيا وليس في الآخرة.. نبتغي بأعمالنا الثناء من الناس وليس من رب الناس إلا من رحم ربي.


حتى في الموت أصبحنا نتفاخر ونتباهى بيننا بمظاهر ما انزل الله بها من سلطان.. نقيم السرادقات لعدة أيام نتقبل فيها العزاء ونأتي بقارئ القرآن يتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم لأناس لا ينصتون وغالبا تكون هذه القراءة لدقائق معدودات.

فهل الحاضرون يستفيدون من القرآن؟! وهل يتدبرون في حقيقة الموت يستلهمون من الموت العبر والعظات؟! أم أن جلوسهم في السرادقات من باب العادة والتباهي من الأحياء؟!.. كما أن هذه المجالس لا تخلو من الغيبة والنميمة، وهذه الأمور من الكبائر المتفق عليها.

ولا نرى أحدًا يدعو للميت الذي يحتاج أشد الحاجة إلى الدعاء.. وإلى الصدقة من خلال توفير أجرة السرادقات وقارئ القرآن وخلاف ذلك كثير لا يستفيد منها الميت ولا حتى الورثة.

وتركنا سنة نبينا عندما حدد لنا ما هو حق الميت على الحي في أمور محدودة لا يتعداها المسلم إلى سواها؛ ففي الحديث النبوي الشريف يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من صلى على الجنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراط"، رواه البخاري.

إذا صلى على جنازة له قيراط، والقيراط مقدار عظيم مثل جبل أحد من الأجر، فالصلاة لها قيراط، واتباع الجنازة حتى تدفن قيراط آخر، فإذا صلى وانصرف حصل، ولا يلزم من ذلك أن يكون تبعها أو جاء معها من البيت، إذا صلى عليها في المسجد حصل له قيراط، وإذا تبعها حتى تدفن فله قيراط آخر، وهذا أجر الحي، وليس طبعا له أجر عندما يذهب إلى السرادق، ويشهد أمورًا ما أنزل الله بها من سلطان.

أما أجر الميت فهو نراه من خلال هذين الحديثين؛ الأول عن عائشة، رضى الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة، كلهم يشفعون له، إلا شفعوا فيه"، رواه مسلم.

والحديث الثاني عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه: "أنه مات ابن له بقديد - أو بعسفان - فقال: يا كريب، انظر ما اجتمع له من الناس، قال: فخرجت، فإذا ناس قد اجتمعوا له، فأخبرته، فقال: تقول هم أربعون؟ قال: نعم، قال: أخرجوه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه"، رواه مسلم.

وأما سبب الاختلاف في العدد، فقد قيل: "سبب هذا الاختلاف اختلاف السؤال، وذلك أنه سئل مرَّة عمَّن صلّى عليه مائةٌ واستشفعوا له، فقال: شفعوا. وسئل مرَّة أخرى عمَّن صلّى عليه أربعون فأجاب بذلك"، ولو سئل عن أقلَّ من ذلك لقال ذلك، ومما ذكرت يتبين أن الثواب للحي والميت ليس فيها إقامة السرادقات وخلافه..

وأخيرا.. الغريب في الأمر أنك إذا صليت على الجنازة واتبعتها وقمت بعزاء أهل الميت على القبر لا يشفع لك ذلك إلا أن تعزيهم في السرادق!!
فعلا تركنا سنة نبينا واتبعنا ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا!! لذا أوصيت أولادي بأن يكون العزاء عليَّ بالمقابر، ولا يزيد عن ثلاث، وهذا براءة مني من كل ما يحدث ما عادات وتقاليد ما انزل الله بها من سلطان لأني أريد الثواب من الله، وليس من البشر.
هدى الله المسلمين جميعا إلى الإسلام الصحيح، واتباع سنة نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم.
Advertisements
الجريدة الرسمية