رئيس التحرير
عصام كامل

معركة سد النهضة! (٢)


لا ندخل هذه المرحلة الجديدة الصعبة من معركة سد النهضة خاليين الوفاض أو بدون أسلحة ندافع بها عن حياتنا، حيث يعد نهر النيل هو مصدر هذه الحياة، وليس فقط مصدرا للنماء وتحقيق تنمية مستدامة كما هو فقط بالنسبة لإثيوبيا، التي لها موارد عديدة أخرى من المياه أهمها مياه الأمطار..


وأهم هذه الأسلحة:
أولا: تأييد القانون الدولى لنا في هذه المرحلةً.. حيث هناك قانون للأنهار الدولية العابرة للحدود الذي ينظم العلاقة بين الدول المتشاركة في أحواض أنهار، وهو القانون الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، واعتمد عام ٢٠٠٧ وصار نافذا الآن..

وهو يلزم أي دولة الا تقوم بشكل منفرد بمشروعات على أحواض الأنهار العابرة للحدود بدون الاتفاق مع بقية دول هذه الدول، ويلزمها كذلك بالعديد من الدراسات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والهيدرولوجية قبل تنفيذ مثل هذه المشروعات... ومخالفة ذلك يعنى خرقا للقانون الدولى.

ثانيا: اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه بيننا وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة في مارس عام ٢٠١٥.. وهذا الاتفاق الذي ليس مجرد اعتراف بسد النهضة الذي كانت إثيوبيا قد شرعت في بنائه وقتها وصار واقعا، إنما هو يتضمن ويرتب مجموعة من الالتزامات المهمة على الجانب الاثيوبى، سوف يتم محاكمتها بها دوليا، بعد أن بدأنا في نقل ملف السد إلى الساحة الدولية، حينما أشار الرئيس "السيسي" في خطابه أمام الجمعية العامة إلى تعثر المفاوضات الخاصة به بيننا وبين الإثيوبيين، والتي يشارك فيها السودانيون..

مطالبا بأن تُمارس المؤسسة الدولية في هذا الصدد بالتزاماتها.. وأهم هذه الالتزامات إقرار إثيوبيا بمبدأ التعاون على أساس التفاهم ومبادئ القانون الدولى، في تفهم الاحتياجات المائية للجميع.. والتزام إثيوببا بمبدأ عدم التسبب في ضرر ذى شأن لنا خلال استخدامها لمياه النيل الأزرق أو النهر الرئيسى..

وفى حالة حدوث مثل هذا الضرر التزمت إثيوبيا باتخاذ كافة الاجراءات المناسبة لتخفيفه أو منعه، والاستعداد لمناقشة مسالة التعويض المناسب.. وأيضًا التزام إثيوبيا بتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية حول الدراسات الموصى بها في تقرير هذه اللجنة.. مع الالتزام بالاتفاق على الخطوات الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة، والتي تشمل كافة السيناريوهات المختلفة بالتوازى مع عملية بناء السد، والالتزام أيضا على قواعد التشغيل السنوى للسد وأخطار دول المصب بأية ظروف طارئة غير منظورة تستدعى إعادة ضبط تشغيل السد..

وكذلك التزام إثيوبيا بتوفير المعلومات والبيانات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة في التوقيت المناسب.. وكل هذه الالتزامات وغيرها مما تضمنه إعلان المبادئ لن يكون صعبا علينا أن نبين أن إثيوبيا أخلت بها، رغم أننا صبرنا على محاولات استهلاك الوقت حتى ينتهى بناء السد ويصير أمرا واقعا.. كما أن هذا يُبين أننا عندما تقدمنا باقتراحاتنا لعملية الملء الأول للسد كنّا نفعل ذلك تنفيذا لما تضمنه اتفاق المبادئ الذي جعل تشغيل سد النهضة عملية تشاركية بين الدول الثلاث: مصر وإثيوبيا والسودان.

وإذا كانت اثيوبيا تقدر على تحمل مختلفة القانون الدولى، كما اعتادت دول عديدة أبرزها إسرائيل وتركيا الآن، فإنها سوف يكون صعبا عليها أن تتحمل أمام العالم خرق اتفاق سبق أن وقعت عليه، خاصة وأن هذا الخرق يرتب أضرارا فادحة على شعب دولة إقليمية مهمة.
الجريدة الرسمية