رئيس التحرير
عصام كامل

الجثة.. والمعركة!


فجأة.. وجدت قوات السواحل في إسبانيا جثة اللواء "ويليام مارتن" القائد الكبير بالجيش البريطاني غارقة على الساحل الإسباني، وبحواره حقيبة بها بعض الأوراق السرية الخاصة بالعمليات العسكرية بالحرب العالمية الثانية.. كان ذلك في 30 أبريل عام 1943!

كانت الحقيبة كنزا كبيرا تحوي أسرارا مهمة عن تحرك دول الحلفاء ضد "هتلر" أهمها أن الهجوم القادم لقوات الحلفاء سيكون ضد اليونان ، وأنه وشيك أو على الأقل شبه وشيك!

وعلي الفور أرسلت الحقيبة إلى ألمانيا عبر مسارات آمنة ليتسلمها أولا كولونيل "اليكسس بارون فون روين" رئيس المخابرات الألمانية الذي كان سعيدا جدا لوقوع الحقيبة بما فيها من أسرار، واعتبرها كنزا مهما يجب الاعتماد عليه فورا في تحرك القوات الألمانية في نفس الوقت كان وزير الدعاية الألمانية الأشهر "بأول يوزف جوبلز" قد لفت نظره خبر مصرع "ويليام مارتن" وقد نشرته جريدة "التايمز" التي كان يرسل لطلب أعدادها لمعرفة الداخل البريطاني!

على الفور وفي 12 مايو أرسل هتلر قواته إلى اليونان لاستقبال قوات الحلفاء ورفض نصيحة الكثيرين ومنهم موسيليني نفسه بأن صقلية الهدف الأهم بالنسبة لبريطانيا وحلفائها، بل سحب هتلر الكثير من قواته من صقلية نفسها للحشد ضد أعدائه القادمين إلى البحر المتوسط ولسواحل اليونان تحديدا!

في هذه الأثناء كان أكثر من 100 ألف جندي من الإنجليز والحلفاء يستولون على صقلية بالفعل، ولم يصل جندي واحد منهم إلى اليونان، وانتهي الأمر الذي أثار دهشة الألمان!

بعد فترة توالت المفاجآت والأسرار التي حولها الكاتب البريطاني "بن ماكنتاير" إلى كتاب كامل عن العملية "مينسميت" فويليام مارتن لم يمت! والجثة التي وجدت كانت لشخص آخر اسمه "جليندوير مايكل" ألقيت عمدا في بحر "هوليفا" بإسبانيا وتم تزوير محررات شخصية له فائقة الإتقان، والأكثر فنا كانت المستندات العسكرية المزورة التي تركت عمدا لخداع الألمان والتي استخدم فيها أيضا الخبر الكاذب الذي نشرته "التايمز"!

تتعدد ألاعيب المخابرات من جثة لميت لها توظيف.. وجثة لـ "حي" لها توظيف آخر يتداخل فيها الإعلام مع علم النفس.. وحسب نوع المعركة يتحدد كل شيء!
الجريدة الرسمية