رئيس التحرير
عصام كامل

حاسبوهم ميري وملكي (٢)


أن تعرف.. فهذا حقك. أن تعرف وتكتب.. فتلك وظيفتك. أن تعرف وتكتب دون قيود فهذا طبيعي. أن تعرف وتكتب دون قيود واضعًا الوطن نصب عينيك.. فهذا واجب. أن يكون الإصلاح هدفك.. فهذه هي القيمة الحقيقية للكتابة. أن تتوقف أمام إنجاز تحقق وتشير إلى آخر تأخر فتلك موضوعية.


أن تضع نصب عينيك وأنت تكتب التحديات التي تواجه الوطن فهذه حصافة. أن تتجرد من الهوى وأنت تكتب.. فهذه ميزة يسعى إليها كل من يرغب في كسب احترام الجميع.

الأسبوع الماضي.. وفي هذه الزاوية.. كتبت عن حال الإعلام الذي لم يرض أغلبه الجميع، بداية من الرئيس وانتهاء بالمواطن، مستندًا إلى ما ورد على لسان الرئيس في أكثر من محفل طوال السنوات الخمس الماضية، وما ينشر على ألسنة المتخصصين والخبراء والمواطنين، وغير خافٍ على أحد الأزمات التي سببها الإعلام أكثر من مرة بين مصر وبعض الدول، وهو ما استدعى توجيه من الرئيس أكثر من مرة بضرورة تحري الدقة في نقل الأخبار ومناقشة القضايا.

وتعرضت في مقالي السابق إلى أموال أنفقت على مشروعات إعلامية لم تر النور، وعن حلم الرئيس وكل المصريين في قناة أخبار عالمية تليق بمصر وتسوق ما تم إنجازه للعالم.

حاول البعض تفسير ما كتبت وفقا لظنون أنأى بنفسي عنها، فلست عضوا في شلة، ولا أكتب وفقا لشائعات أسمعها، ولم أستهدف شخصا بعينه، كما أنني لا أكتب وفقا لهوى أحد، ولا يمنعني عن الكتابة تخويف من أحد، وما كتبته ليس بجديد، فقد سبق وتناولت نفس الملف أكثر من مرة مثلما تناوله كثيرون أجدر مني.

ولعل خريطة الاستثمار التي أنجزتها الحكومة وأعلنت عنها وزيرة الاستثمار الأسبوع الماضي هي ما دعتني للكلام في نفس الملف، فلو كان لدينا الإعلام الذي نخاطب به العالم.. لوصلت هذه الخريطة لكل من يرغب في الاستثمار بمصر، سواء كانت دولًا أو مؤسسات، فلأول مرة تنجز مصر دليلًا بالمشروعات والمناطق التي تحتاج لمن يستثمر فيها، والتسهيلات التي تقدمها الدولة للمستثمرين، ألا يستحق هذا الإنجاز إعلامًا يسوقه محليًا وعالميًا ؟ وكم قناة أو صحيفة أو محطة إذاعية توقفت أمام هذا الإنجاز.

خريطة الاستثمار التي لم يعطها الإعلام بالًا من أهم الإنجازات التي تحققت، والتي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، وترجمة ما تتضمنه إلى أكثر من لغة، هي (منجم) لكل من يقدم إعلاما وطنيا وجاذبا للجمهور، وهناك طرق شتى لعرض هذه الخريطة بشكل مشوق.

هذا الإنجاز الذي تحقق في مجال الاستثمار يعيدنا إلى ما قاله الرئيس عن الإعلام، وعن حلمه في وصول مصر الجديدة إلى العالم، كما يعيدنا إلى ما قلناه قبل ذلك من انصراف الجمهور عن أغلب ما يقدم على الشاشة المصرية.

ما زلت مصرًا على أن مصر تستحق إعلامًا غير الذي نراه، إعلامًا يعيد إليها ريادتها، وإعلاميين يعيدون لإعلامها مصداقيته.

نريد إعلامًا لا يعرف مجاملات ولا محسوبيات ولا تصفية حسابات ولا أهواء شخصية، إعلامًا يقوم على المهنية ويراعي الظرف الدقيق الذي تعيشه مصر وما يحاك لها، وما تتعرض له من محاولات ابتزاز فاشلة على مدار السنوات الثماني الماضية.

نريد إعلامًا يواجه بحرفية ودون صراخ ما يستهدف مصر من الخارج، وهذا يتطلب توفر المصداقية في كثيرين يطلون من الشاشات سواء من المذيعين أو الضيوف.

إعلامنا تراجع، وهناك أموال أنفقت على مشروعات كنا نأمل أن ترى النور، وها أنا أطالب للمرة الثانية بمحاسبة كل من تسبب في وصول الإعلام المصري إلى هذا المستوى الذي لا يليق بمكانة مصر ولا بشعبها ولا برئيسها، ولجدية المحاسبة سوف أستخدم نفس الجملة التي نقولها عندما ننشد الجدية في الحساب.. حاسبوهم ميري وملكي، حاسبوهم على ما أنفق على طلقات (فشنك) لم تحدث إلا ضجيجًا، لموا فوارغ الطلقات وعدوها لنعرف كم منها أصاب الهدف.

besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية