رئيس التحرير
عصام كامل

تريزا "باي"!


القصة باختصار شديد وبتبسيط غير مخل، أن الشعب البريطاني ولعنصرية قديمة متأصلة اختار أن يترك الاتحاد الأوروبي.. الاتحاد الأوروبي خلال ما يقرب من نصف قرن تقريبا رتب داخله كل شيء بما فيها برلمانه وعملته الموحدة.. بريطانيا رفضت إلغاء الإسترليني وبقيت عضو في الاتحاد الذي يسعى بالتدريج إلى الوصول إلى دولة أوروبية موحدة، ومن أجل ذلك أسس لسوق مشتركة وانتقال السلع والأفراد بغير تأشيرات أو أي إجراءات ووضع معايير لكل شيء من الدواء إلى الغذاء!


وبهذا التداخل الكبير تداخلت معه المصالح والأموال.. وخروج بريطانيا يعني وقف كل ذلك بما فيها انتقال الأموال والأفراد الذي تم منحهم مدة زمنية بنهاية 2020.. إلا أيرلندا الشمالية التي رفضت الخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم أنها جزء من المملكة مع دول أخرى مثل أسكتلندا وويلز وبعض الجزر الأخرى غير المعروفة، وهنا أصبح جزء من المملكة المتحدة سيستمر مع أوروبا رغم خروج المملكة!!!

تم مد مهلة خروج بريطانيا العظمي أكثر من مرة مع شروط عديدة منها سداد بريطانيا 39 مليار جنيه إسترليني، وإجراءات أخرى تخص باقي التفاصيل.. وفجأة يبدو حزب المحافظين الحاكم غير متفق بالكامل على فكرة الخروج، رغم أن الحزب هو الداعي لمشروع الخروج، ثم يأتي الدور على البرلمان البريطاني، الذي يبدو غير منسجم أيضا وأصبح العالم أمام تناقض بين شعب اختار في استفتاء عام الخروج من الاتحاد الأوروبي وسياسيين في أكبر الأحزاب البريطانية ونواب برلمانيين ضد الخروج..

ومن هنا فشلت "تريزا ماي" في أن تدير هذا التناقض، ولم تستطع لا حله ولا حسمه، ولم يبق أمامها إلا منح الفرصة لغيرها ليتولى المسئولية، واستقالت رسميا أمس من الحزب الحاكم أو صاحب الأغلبية، وبالتالي ستدير الحكومة كتسيير أعمال لحين انتخاب رئيس وزراء آخر، ولا يعرف أحد هل سيمكنه الخروج من المأزق أم لا.. الشيء الوحيد الذي نعرفه الآن أن "تريزا" خارج الحكم في بريطانيا فعليا!
الجريدة الرسمية