رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس قسم الطيران والفضاء بجامعة زويل: ندخل مرحلة إنتاج الأقمار الصناعية قريبا


  • دورنا في سوق الطيران ينحصر في إنتاج طائرات صغيرة.. واقتصادنا مبني على الخدمات أكثر من الإنتاج
  • الثورة الصناعية الرابعة تعتمد على الاتصالات

أصبحت الثورة الصناعية الرابعة أمرا واقعا يتطلب الاستعداد له والتعامل معه، باعتبارها ستدخل في كل مناحي الحياة من صحة وتعليم وغيرها، أما بالنسبة للطيران والفضاء فقد بدأت بالفعل ثورة صناعية رابعة في مجال صناعة الطائرات والمحركات عالميا منذ أكثر من عامين بفضل التطور التكنولوجي الهائل، حيث أصبحت معظم مراحل التصنيع تتم عن طريق الروبوتات بإشراف المهندسين والفنيين إلى جانب كم البيانات المتدفق آليا في أثناء رحلات الطيران للمحطات الأرضيّة عن حالة الطائرة وحل معظم المشكلات دون انتظار هبوط الطائرات، لذا حاورت "فيتو" الدكتور مصطفى عبد الله، رئيس قسم الطيران والفضاء بجامعة زويل، لمعرفة أين مصر الآن من تلك الثورة، وما الذي حققته في مجال الطيران في الفترة الأخيرة يساعد في لحاقها بركب تلك الثورة، وأبرز المشكلات والمعوقات التي تواجهها.. فإلى نص الحوار:

في البداية نريد معرفة وضع مصر الحالي ومركزها في مجال الفضاء والطيران باعتباره أحد المجالات المستقبلية المهمة؟
يجب التوضيح أولا أن مجالي الفضاء والطيران هما مجالان مختلفان، فعلى الرغم من ارتباطهما علميا فإن صناعتهما مستقلة، وبالنسبة للفضاء فإن برنامج الفضاء المصري هو برنامج قديم نسبيا، انطلق منذ أكثر من 20 عاما بالتعاون مع الشركات الأوروبية التي ساعدتنا في إطلاق أقمار صناعية لحساب مصر، ومن هنا ظهر النايل سات لأول مرة، ثم تم عمل قمر استشعار بالتعاون مع بعض الدول الأوروبية، والآن مصر في مرحلة إنتاج وتنفيذ أقمار خاصة بها بصناعة 100% مصرية، ويأتي هذا بالتزامن مع إنشاء وكالة الفضاء الجديدة، أما في الطيران فالوضع أقدم بكثير من الفضاء، فمصر تمتلك منذ فترة كبيرة جدا مصنع الطائرات بالهيئة العربية للتصنيع، ويقوم هذا المصنع بصيانة وتصنيع بعض أنواع الطائرات لخدمة القوات الجوية.

لماذا لم نرَ حتى الآن طائرة مدنية صناعة مصرية 100%؟
يرتبط هذا بسوق الطيران العالمي الذي تسيطر عليه في النهاية شركتان كبيرتان هما "إير باص" الأوروبية و"بوينج" الأمريكية؛ اللتان تعدّان المهيمنتين الرئيسيتين على سوق صناعة الطيران المدني الضخم، ويجب الأخذ في الاعتبار أن تصنيع طائرة تحمل ركابا هو أمر صعب للغاية، حتى إن روسيا تواجه مشكلات كثيرة في ذلك، وبدأت الصين حاليا في إنتاج طائرة الركاب الخاصة بها لكن لم يتم تسويقها حتى الآن، لذا فإن دور مصر في سوق الطيران ينحصر في إنتاج طائرات صغيرة، أما بالنسبة لإنتاج الطائرات الكبيرة التي تحمل الركاب فيرتبط الأمر بالوضع الاقتصادي على الأرجح، وإمكانية تحمل تكلفة الصناعة وتحقيق أرباح منها أم لا.

ماذا عن إقبال الطلاب على الدراسة بقسم الفضاء والطيران هنا بالجامعة، فهل هم على وعي جيد بأهمية هذا النوع من المعرفة العلمية في المستقبل؟
إقبال الطلاب على القسم جيد سواء هنا في جامعة زويل أو في جامعة القاهرة، باعتبار أنه قسم يجمع بين الميكانيكا والكهرباء والكمبيوتر والمحاكاة وخلافه، لذا فهو يحتوي على مجموعة من المهارات الجاذبة للطلاب، مما يجعل عددا كبيرا من الطلاب مقبلين عليه بصورة دائمة.

كيف يمكن أن يساهم مجال الفضاء والطيران في تأهيل مصر للدخول في الثورة الصناعية الرابعة؟
تهدف الثورة الصناعية الرابعة بشكل أساسي إلى المراقبة المميكنة وتحديد نوعية استهلاك كل فرد على حدة وما يحتاجه، والأمر الآخر هو أن تكون هناك نظم هندسية تجمع بين الجانب الملموس المادي والبرمجة، فعلى سبيل المثال ستتمكن شبكة الكهرباء من معرفة استهلاك كل بيت من الكهرباء في هذه اللحظة وبناءً عليه يتم إنتاج كمية الكهرباء المطلوبة، لذا فإن الثورة الصناعية الرابعة تعتمد بشكل أساسي على الاتصالات، فهي لا تعتمد على مجال الفضاء والطيران بشكل أساسي، بل سيستفاد هذا المجال من هذا النوع من التفكير المرتبط بالثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.

ما أبرز المشكلات التي يمكنها أن تعوق لحاق مصر بركب الثورة الصناعية الرابعة من وجهة نظرك؟
نحن كنا نشطين جدا أيام الثورة الصناعية الثانية القائمة على الإنتاج الغزير، فأنشأنا الكثير من مصانع الغزل والنسيج والحديد والصلب وخلافه، ثم ظللنا فترة أصبحت الصناعة فيها ليست من أولوياتنا، وذلك منذ السبعينيات حتى الآن، حيث أصبحت الزراعة والصناعة في المركز الثاني، واحتلت الخدمات المركز الأول، فأصبح اقتصادنا مبنيًّا على الخدمات أكثر من كونه مبنيًّا على الإنتاج، ومع بداية الثورة الريعية بالخليج واكتشاف البترول بدأ المصريون في السفر للخارج، أصبح المصدر الوحيد للعملة الصعبة هو التحويلات التي تتم من المصريين في الخارج وليس التصدير، لذا يجب ألا يستمر هذا للأبد، فحتى مع نمو قطاع الخدمات الذي يحدث في العالم كله، إلا أنه يجب ألا يؤثر هذا في القطاعات الإنتاجية المتمثلة في الزراعة والصناعة.

ما الحلول المقترحة لحل تلك المشكلات؟
كل ما نحتاجه الآن هو التركيز على متطلبات قطاعي الزراعة والصناعة اللازمة للنمو ونحدد نوع تكنولوجيا الاتصالات المطلوبة لتطوير هذين القطاعين، وينشأ هذا بالتعاون بين خبراء الاتصالات والمعلومات وبين خبراء الزراعة والري، ويجب التركيز أولا على الجانب التطبيقي وليس العملي، ونحدد ما نحتاجه على أرض الواقع المصري ثم نجد له مخرجا علميا بحثيا لكيفية تنفيذه، وذلك بناءً على مسؤولية مشتركة، فعلى الدولة أن تدعم استخدام التكنولوجيا المحلية في الصناعة، وعلى الباحثين ألا يهتموا فقط بنشر أبحاثهم العلمية، فعلى الرغم من أهمية النشر العلمي فإنه في النهاية هناك الكثير من الأبحاث العلمية المنشورة لا تضيف شيئًا إلى الناتج القومي، لذا يجب على الباحثين الاشتباك فعليا مع احتياجات المجتمع، أما الطلاب والشباب فهم أكثر فئة يمكن أن تفيد في منظومة الثورة الصناعية الرابعة، لأنهم أفضل من يبتكرون التطبيقات ويعرفون جيدا احتياجات السوق والمجتمع.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية