رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

طارق شوقي وفيتنام!


لمدة عشر سنوات كاملة لم يتوقف العدوان الأمريكي على فيتنام.. كان الهدف أن يعلن قادة المقاومة كلمة واحدة "استسلام"! ولكن خاب الظن الأمريكي وقاومت فيتنام.. التضحيات كبيرة جدا تجاوزت ملايين بين قتيل وجريح ومشرد، وقيل إن أمريكا تركت فيتنام بلا شارع واحد سليم!


اعتبر الفيتناميون زعيمهم "هوشي منه" زعيما عظيما، وأنه انتصر على الأمريكان، وأن الحرب في الأساس كانت حرب "كرامة" و"إرادة" حتى رحل وأصبح رمزا بالفعل يزور قبره ونصبه التذكاري كل زوار فيتنام من زعماء العالم!

بعد سنوات قليلة من توقف العدوان الأمريكي دخلت فيتنام عام 1980 في صراع جديد مع الصين، ولم تكن تعافت بعد من حربها السابقة وفي عام 1986 بدأت فيتنام مرحلة البناء الحقيقي!

الذي قاد البناء الحزب الشيوعي الفيتنامي نفسه الذي واجه العدوان الأمريكي، وبدأ على يديه الاقتصاد الفتنامي في التحسن التدريجي فعلا، ورغم إيمان الحزب بالفكر الماركسي إلا أنه فتح الباب للاستثمار الأجنبي.. فتدفق عام 2003 ما يقارب الــ 3 مليارات دولار أمريكي قفزت بعد سنوات قليلة إلى 70 مليار دولار عام 2008 لتبلغ في عام 2016 إلى 103 مليارات دولار!

نضرب المثل بفيتنام دائما لعدة أسباب أهمها التقارب في عدد السكان والتشابه في المعاناة بين مصر وفيتنام، رغم أن المعاناة هناك تزيد عن معاناتنا بــ 100 ضعف تقريبا، لكن يختلف الأمر في التوقف الفعلي عن استهداف فيتنام بخلاف الحال هنا!!

لكن إليكم الفروق التالية: لم تشهد فيتنام ما شهدته مصر فلم تخرج كل حين زفة تتهم الزعيم "هوشي منه" بالهزيمة، وأنه تسبب في "عار" لفيتنام، ولا أنه أدخل البلاد في حرب لا فائده منها!، ولم يخرج خصوم الرجل لتصفية الحساب معه ومهاجمته كل حين لأن الدولة نفسها منعت ذلك، واعتبرته رمزا تاريخيا، بل دعمت الإعلام التوجه الجديد وحشد الناس خلفه!

ولم يخرج كتاب أو من يزعمون أنهم مؤرخون ومفكرون ومتخصصون في علم "الفيتناميات" وأصل دراستهم في المسالك البولية! ليقولوا للأجيال الجديدة أن الزعيم "هوشي منه" تحدى الأمريكان بعنتريات فارغة و"جعجعة" لا لزوم لها، أو أن فيتنام  "كده كده كان الأمريكان هينسحبوا منها بعد 12 سنة"!

ولعب التعليم هناك دورا في وعي الناس، ولم تخرج أجيال جديدة مشوشة ومشوهة فكريا تتشكك في تاريخ بلادها! والأهم على الإطلاق أنهم في السنوات الأولى للتخطيط الذي جرى لم يشعروا بأي تقدم ولا تطور، وكان البؤس في كل مكان، إنما أدركوا أن معاناتهم كبيرة وبالتالي لا يمكن علاجها بين عام أو عامين، وأن أسوأ شيء سيتم لن يكون أسوأ مما هم عليه!

وأعلنوا ثقتهم في قياداتهم، لم يرموا كل رئيس أو رئيس وزراء أو وزير بحجر!!

وهكذا سار الشعب خلف كتابه ومفكريه ورموزه وقلدوهم، وهكذا ثبت أن كل الشعوب تسير كيفما سار كتابها ومفكريها ورموزها!! أو خلف من يزعمون أنهم كذلك!
باختصار: إذا لم نعرف أسباب وجذور كل أزمة لن نحل أي أزمة!
Advertisements
الجريدة الرسمية