رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وكيل إعلام الأزهر: الصحافة الدينية ليست في أفضل حالاتها ويمكن استخدامها كسلاح ضد الإرهاب


لا يختلف اثنان على أن الإعلام الديني بروافده المرئي والمسموع والورقى، يمر بمحنة حقيقية، حيث تعتريه حالة من القصور الذي يصل إلى حد التدهور، ورغم الحديث المتكرر عن الخطاب الدينى وضرورة تجديده خلال السنوات الماضية، إلا أن الإعلام الدينى يقف موقفا مغايرا، ويدير ظهره لكل محاولات التجديد، وتسيطر عليه حالة من النمطية والجمود والتقليد..

الإصداراتُ الدينية الصادرة عن المؤسسات الصحفية الحكومية أو الجماعات والجمعيات أو المؤسسات الدينية وُلدتْ من البداية ميتة، بلا فكر أو روح، بدتْ وكأنها "مُجرد ديكور"، أو من لزوم ما يلزم، حتى أنَّ كثيرين من المواظبين على قراءة الصحف الورقية، لا يعرفون أسماءها، كما إنها تحولتْ إلى بابٍ خلفىٍّ لمرور ضعاف المُحررين إلى مهنة الصحافة، أو مُستودع للمُنخَنِقَة والمَوْقُوذَة وَالمُتَرَدِّيَة وَالنَّطِيحَة وَمَا أكَلَ السَّبعُ، وتحولتْ سريعًا إلى نشراتٍ ودورياتٍ جوفاءَ، لا يشعرُ بها إلا أصحابُها والعاملون فيها، أو خطبٍ منبريةٍ مكتوبةٍ معزولةٍ عن الواقع، وتعبرُ عن فكر القائمين عليها فقط، غير قابلة لأية أفكار أخرى، وتُعمِّقُ الخلافاتِ، وتثيرُ الفتنَ، وتوسِّعُ دائرة الاستقطاب والطائفية.

هذه الإصداراتُ، بتنويعاتها المختلفة، منذ أبصرتْ النور لم تكنْ على مستوى الحدث، ولم تُعبِّر عن نفسها إزاءَ طوفان الأباطيل والتجاوزات بحق الإسلام تارة، والمؤسسات الدينية ورموزها تارة أخرى، وبدتْ مُنكسرة وكأنها ليستْ صاحبة الحقِّ، كما أنها تقاعستْ عن أداء دورها الأصيل في رفع وعى مجتمع تسودُه تنويعاتٌ متجددة لا تنتهى من السلوكيات الشائنة والقبيحة التي تصطدمُ مع الدين والعُرف والأخلاق.

الضعفُ المهنى الذي يعتري هذه الإصدارات، تسلل أيضًا إلى إذاعة القرآن الكريم، والبرامج الدينية التي يقدمها التليفزيون المصري أو الفضائيات الخاصة، وكأنه ليس في الإمكان أفضل مما هو كائن.

ما تقدمَ يجعلنا بصدد ضرورة إجراء "مراجعة نقدية" تفتحُ أمامنا سُبلًا جديدة لتطوير مُنتجات "الإعلام الديني"، بما يُعزِّز القيمَ الجوهرية للإسلام، ويُعمِّقُ روحَ المُواطنة والتعددية الدينية والثقافية، وليسَ الاستمرارَ في الانغلاق والانكفاء وتنميةِ الخلافات بين أتباع الدين الواحد وأحيانًا المذهب الواحد، أو مع الآخر، وبما يخلق حائطَ صدٍّ منيعًا أمام قوى الشر وأصدقاء إبليس في الداخل والخارج.

"فيتو" تحاور الدكتور محمود الصاوي وكيل كلية الإعلام بجامعة الأزهر الشريف حول ملف محنة الإعلام الدينى

*بداية كيف ترى دور الإعلام الديني؟
الإعلام الدينى يختص بأمور العبادات ونشر صحيح الدين، كما يهتم بالحياة الإنسانية سواء العبادة أو العمل وحتى المعاملات من منظور إسلامي، ومن المفترض أن يقوم الإعلام الدينى بتصحيح المعتقدات الخاطئة للمسلمين، وتعريف غير المسلمين بحقيقة وجوهر الدين الإسلامي، والاهتمام بالمسلمين في شتى بقاع الأرض وتقريب المسافات بين المسلمين، وتسليط الضوء على الأقليات المسلمة في البلاد الأجنبية ودعمهم، وهناك عدد من الصحف الدينية التي مازالت تصدر في مصر بعد أحداث يناير ومنها "جريدة صوت الأزهر" وهى جريدة إسلامية أسبوعية تصدر عن مؤسسة الأزهر الشريف، وقد صدر العدد الأول منها عام 1999، وتعد من أكثر الإصدارات الإسلامية توزيعا في مصر، وقد بدأت الجريدة بتطوير الشكل الفني والإخراجي لها، وهى تهتم برصد ومتابعة الأحداث الجارية على الساحتين الاجتماعية والسياسية، و"جريدة اللواء الإسلامي" و"جريدة عقيدتى" وهى إحدى الصحف الدينية الأسبوعية، وتصدر عن دار التحرير وهناك أيضا عدد من المجلات الدينية مثل مجلة الأزهر والوعي الإسلامي والتوحيد والجهاد وغيرها.

*بداية هل تعتقد أن الصحافة الدينية في محنة بالفعل؟
الصحافة الدينية في وقتنا الحاضر ليست في أفضل حالاتها من حيث جودة المحتوى والإخراج الصحفى وحتى المساحات التي تفرد لها في الصحف العامة بالنسبة للصحف الدينية المتخصصة مازالت لم تلحق بركب التطور في الصحافة الحديثة، فنجدها تعتمد على الشكل التقليدي للصحافة "صحافة الخبر والمقال" فمعظم الفنون الصحفية المستخدمة إما خبرا أو مقالا، في حين تعتمد الصحافة الحديثة على القصص والتحقيقات، كما تعانى الصحف الدينية من تدني الإيرادات نظرا لقلة الإعلانات التي تدر على الصحف ٧٠٪ من الدخل العام، وضعف الدخل يؤثر على جودة العمل ككل، ومن هنا يجب على الصحف الدينية استخدام القوالب الصحفية الحديثة في تناول الموضوعات الدينية، واستخدام أساليب شيقة ومثيرة "صحية" لعرض الموضوعات والعمل على جذب الإعلانات لزيادة دخل الصحف والارتقاء بها".

*كيف يمكن للصحافة الدينية أن تكون سلاحا لمواجهة الجماعات المتطرفة؟
يمكن للصحافة الدينية أن تكون سلاحا لمواجهة الجماعات المتطرفة من خلال وضع آليات واستراتيجيات عملية لمواجهة الجماعات المتطرفة، وإعداد المواد الإخبارية التي تصاغ باللغات المختلفة للتعريف بالإسلام وتوضيح أن الإرهاب والتطرف ليسا من الإسلام في شيء، وضرورة اعتماد الصحافة الدينية على تناول القضايا والمشكلات المختلفة ورفع مستوى مصداقيتها في نشر الأخبار، وتكثيف برامج التصحيح الفكري في وسائل الإعلام بوجه عام والصحافة الدينية بوجه خاص، وإعداد الكوادر العربية وتأهيلها للتعامل مع الجماعات المتطرفة وفق مهنية عالية، وعقد دورات تدريبية للصحفيين في الصحف الإسلامية لزيادة مهاراتهم الخاصة بالتعامل مع الأخبار والتقارير من أجل خلق صحفى مسئول وفعال، بجانب تفنيد دعاوى الجماعات المتطرفة وإبراز أنها خارجة عن الفهم الصحيح للدين والاعتماد على تقارير رسمية والاستدلال بالدراسات والبحوث، بالإضافة إلى إعداد بعض الموضوعات الصحفية باللغات الأجنبية لتوجه إلى الجمهور الأجنبي للتعريف بثقافة الإسلام القائمة على نشر التسامح ورفض العنف والتطرف، وأؤكد على ضرورة تضافر جهود الجميع لتقديم رسالة إعلامية ناجحة، لأن النوايا الطيبة وحدها لا تكفى.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

Advertisements
الجريدة الرسمية