رئيس التحرير
عصام كامل

ألا فتعرضوا لها


جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات.. أي رحمات وتجليات.. ألا فتعرضوا لها؟".. والتعرض يكون بالإقبال على الله تعالى بطاعته وذكره وأعمال البر والمعروف والإحسان وفعل الخيرات وتجنب المعاصي والسيئات.


ومعلوم أن شهر رمضان المبارك من أخص مواقيت نفحات الله عز وجل وتجلياته بالرحمة والعفو والمغفرة، فهو كما جاء في الحديث: أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار".. من هنا ومن أجل ذلك يجب على كل إنسان عاقل أن يغتنم أيام هذا الشهر الكريم المبارك وأن يتقرب إلى الله تعالى لعله تصيبه نفحات الله ورحماته.

هذا وأبواب الخير في رمضان كثيرة منها الصيام والصلاة والقيام وقراءة القرآن وذكر الله تعالى وتسبيحه وإطعام الطعام وجبر خاطر اليتامى والفقراء والأرامل والمساكين، وغير ذلك من أعمال البر والمعروف والإحسان.. ولا شك أن إقبال العبد على ربه عز وجل والتقرب إليه سبحانه بالأعمال الصالحة يقابل بإقبال من الله تعالى.

وفي الحديث القدسي يقول سبحانه: "من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا ومن آتاني يمشي أتيته هرولا".. وإقبال سبحانه وتعالى يعني نظره للعبد بعين العناية والرحمة، ويعني تجلياته وفيوضاته على قلب العبد بأنوار وعلوم ومعارف وأسرار وحقائق ومعاني أسماؤه عز وجل وصفاته..

هذا وعلى رأس ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من بعد الفرائض جبر الخاطر، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "ما عبد الله تعالى بشيء أحب إليه عزوجل من بعد الفرائض من جبر الخاطر"... وجبر الخاطر له صور متعددة كثيرة منها مواساة الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل والمحتاجين ومد يد المساعدة والعون لهم.. ومنها قضاء حوائج الناس وإطعام الجائع وكسوة العاري والتبسم في الوجوه والكلمة الطيبة وكلاهما من الصدقات التي يتصدق بها العبد دون أي بذل أو مجهود.

ففي الحديث: "تبسمك في وجه أخيك صدقة".. والكلمة الطيبة صدقة.. وإدخالك السرور على قلب أخيك من أحب الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى. هذا ومن المستحب أن يبادر العبد بالتوبة والرجوع إلى الله والصلح معه سبحانه واغتنام هذه المواقيت الطيبة التي خصها الله تعالى بالفضل والعطاء،وخاصة أننا لا ندري ولا نعلم متى ينتهي الأجل وكيف وأين ومتى نفارق هذه الدار.

فأعمارنا عبارة عن مجموعة أنفاس مستقطبة متناقصة ومع كل نفس نتنفسه نقترب من الموت والرحيل والانتقال إلى عالم البرزخ، وأول منازله القبر، وهو كما جاء في الحديث النبوي الشريف: "إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار".. ومعنى ذلك إما أن يسعد الإنسان ويفرح ويتنعم في قبره على أثر ما قدمت يداه وما قدم لنفسه من الخير والأعمال الطيبة. وإما والعياذ بالله يشقى ويتعذب ويتألم كلما نظر إلى عمله السيئ ومعاصيه. التي لا تفارقه حتى يلقى الله تعالى..

فمن هنا يجب أن نراجع أنفسنا ونحاسبها، ونصحح مسارها، ونوجهها إلى طاعة ربها ومولاها، والاستقامة على دينه وشريعته، والعودة إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى نرزق حسن الخاتمة، ونسعد في دنيانا ونفوز في أخرانا.. والعاقبة للمتقين..
الجريدة الرسمية