رئيس التحرير
عصام كامل

عباس الطرابيلي: مآذن المساجد وسائل للإعلام


في جريدة "الوفد"، عام 2012، كتب الصحفي عباس الطرابيلي، مقالًا رمضانيًّا، قال فيه:
"كما كانت المسلات في العصور الفرعونية هي صحف ووسائل الإعلام للفراعنة فإن مآذن المساجد كانت فعلًا الإذاعة والتليفزيون، بل والمسحراتي الذي يقوم بإعلام الناس بموعد الإفطار وموعد الإمساك.. حتى قبل عصر المسحراتي.

وقد تطور فن بناء المآذن بتطور ارتفاع المباني والعمائر، فكانت المئذنة في البداية هي أعلى مبنى في المدينة الإسلامية، يأتي شاب حلو الصوت يعلن للناس من أعلى المئذنة أنه حان موعد الصلاة.. أي أذن للصلاة أو يعلن أذان المغرب إيذانًا بوقت الإفطار في رمضان.

وكلما ارتفع مستوى المباني اقتضى الأمر زيادة ارتفاع المئذنة، تمامًا كما يحدث مع المنبر في المساجد، ففي البداية كان المنبر مجرد مكان مرتفع عن باقي المصلين ليصل إليهم صوته في خطبة الجمعة وخطبة العيد، ولما زادت مساحة المساجد اقتضى الأمر ارتفاع المنبر حتى يراه كل من بالمسجد.

وقبل المسحراتي في التسحير استخدم المسلمون المآذن كوسيلة إعلام، كانوا يرفعون فانوسًا منيرًا فوق المئذنة ليعلم الناس بأن موعد الإفطار قد حان، وأيضًا في موعد الإمساك عن الطعام كانوا يطفئون الفانوس.

كنا ونحن صغار نطوف بالحارات والأزقة نهتف بكلمة "ارفع".. أي ارفع يدك عن الطعام وتوقف عنه فقد حان موعد الإمساك.

خذ مثلًا تطور ارتفاع مئذنة مسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة أو مئذنة الباب الأخضر لمسجد الحسين.

في مئذنة الحسين قديمًا كانت مباني الحي منخفضة، فلما ارتفعت المباني تقرر إعادة بناء المسجد، وارتفع بناء المئذنة، وهي على الطراز العثماني.
وهكذا الوضع في الجامع الأزهر ومئذنة مسجد السلطان حسن في ميدان القلعة، ولما بُنيَ مسجد الرفاعي نجد أن مئذنته أعلى من مئذنة السلطان حسن، ويظل الدور الإعلامي للمآذن حتى في عصر القنوات الفضائية".
الجريدة الرسمية