رئيس التحرير
عصام كامل

حزب "النور" ليس هو "مستقبل وطن"!


اعترض حزب النور أمس على التعديلات الدستورية تحفظا منه ومن قياداته على مصطلح "مدنية الدولة"، وهذا التحفظ وذاك الاعتراض كان من الحزب رغبة في إرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظنا منهم أن "مدنية الدولة" تعني العلمانية، والعلمانية كفر بواح والعياذ بالله!


وافق حزب النور أمس على التعديلات الدستورية بعد أن تخلى عن تحفظه هو وقياداته على مصطلح "مدنية الدولة"، وهذه الموافقة وهذا التأييد جاء من الحزب رغبة منهم في إرضاء الله ورسوله بعد أن أدركوا أن "مدنية الدولة" ليست هي "العلمانية"، وبالتالي ليست هي الكفر البواح والعياذ بالله!

كيف أدرك حزب النور هذا الاكتشاف العظيم؟ بكلمتين من الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب! أي بعد 14 سنة خدمة في السياسة -على رأي عادل إمام - لم يستوعب حزب النور ولا قياداته الفرق بين المصطلحين إلا بعد الكلمتين بتوع الدكتور على عبد العال!

إذا كان الأمر كذلك.. فلماذا لا يتم دعوة النور وقياداته إلى دورات تثقيفية؟ ربما يعرفون فيها أن الشيعة غير الشيوعية وأن الاشتراكية غير الشيوعية أيضا، وأن القومية العربية لا علاقة لها بجاهلية ما قبل الإسلام، وأن الشوفونية غير الشيزوفرانيا، وأن التعديل الوزاري غير التغيير الوزاري، وأن حزب النور نفسه ليس حزب مستقبل وطن، وأن الأمر ليس إلا تشابه أسماء من الاعتقاد أن مستقبل الوطن -مصر يعني- كله نور في نور!!!

للأسف ابتلي العمل السياسي في مصر خلال أربعين عاما -أريد فيها للتعددية أن تكون ديكورا ليس إلا- بمبتليات عديدة ساهمت في تحول رموزه الآن إلى المستوى أعلاه، إلى الحد أن أعضاء حزب سياسي -حزب سياسي يا محترم- يعترضون على لفظ "المدنية" وهي أساس وسبب وجودهم كحزب سياسي!

ولا يعرفون أن ليس للعلمانية أصلا تعريف محدد.. فهي -مثلا- تعرف بفصل الدين عن الدولة.. وهذا يرفضه الكثيرون.. ولكنها تعني أيضا عدم الحكم الديني أو حكم رجال الدين لأنهم فيه يتحولون إلى "مقدس" لا يجوز الاقتراب منه ولا انتقاده ولا مخالفته، وهذا التعريف يقبله الكثيرون!

وبذلك فواحد من تعريفات العلمانية يرفضه الناس وتعريف آخر لها يقبله الناس -مع تعريفات أخرى أكثر تعقيدا- وبالتالي ليس هناك شيء اسمه العلمانية تعني "الكفر" هذا ما قاله السلفيون والإخوان وضحكوا به على البسطاء واتهموا به خصومهم ثم صدقوه هم أنفسهم ولكن لا يصح استمراره إلى اليوم!

لذيذة قيادات حزب النور.. كلمة توديهم.. وكلمة تجيبهم.. واحنا قاعدين!!
الجريدة الرسمية