رئيس التحرير
عصام كامل

ليست السكة الحديد وحدها!


ليست السكة الحديد على كثرة مشاكلها وكوارثها وحدها مسرحا للإهمال والفساد الجسيم، بل لا تكاد مصلحة حكومية تخلو منهما بصورة يومية، فترك الفوطة في بطن المريض كارثة طبية، وإهمال التعقيم، والمتاجرة بآلام المرضى والمغالاة في الكشف لا تقل كارثية، وترك بالوعات الصرف بلا أغطية وأكشاك الكهرباء وصنابير المياه مفتوحة وأعمدة الإنارة مضاءة نهارًا.


كلها فساد صارخ يقع فيه موظفون صغار.. والأمثلة كثيرة لا يمكن لهذه المساحة أن تحيط بها.. وكلها توحي بأن الفساد ثقافة وسلوك يومي يقع فيه الكبار والصغار وتغيب عن أصحابه الوازع الأخلاقي وعصا القانون؛ الأمر الذي يحتاج لتضافر الجهود المجتمعية لوقفه.

بدءًا من توفر القدوة في البيت، والخطاب الإصلاحي المتزامن والمتناغم لمؤسسات الدولة كافة وفي مقدمتها المؤسسة الدينية والثقافية والتعليمية والشبابية والإعلامية، التي عليها تبني حملة قومية لمكافحة الإهمال بما تملكه من تأثير واسع في نشر الوعي والقيم الأخلاقية، وما ينبغي للموظف العام أن يتمسك به من النزاهة والأمانة والإتقان والحفاظ على المال العام، خلال أداء مهامه الوظيفية.

أما الحكومة فعليها الدور الأكبر في إنجاح مثل هذه الحملة، بتمسكها بمبدأ الشفافية وإتاحة المعلومات التي تتعلق بالقوانين والنظم والقرارات الحكومية، والإسراع بمساءلة مستخدميها عند تقصيرهم في أداء وظائفهم حتى نتخلص معًا من آفة تلتهم معظم إنجازاتنا وتعيق تقدمنا نحو المستقبل.

إن أخطر ما نواجهه اليوم هو محاولات غرس اليأس وبث الشائعات والأكاذيب لإضعاف الروح المعنوية للمصريين، ودفعهم للاستسلام لسيناريو الفوضى وهز الثقة في الدولة ومؤسساتها كخطوة أولية لعزلهم عن قيادتهم في مخطط خبيث تنفذه الكتائب الإلكترونية والأذرع الإعلامية للجماعة الإرهابية..

وحسنًا فعل مرصد دار الإفتاء حين قال إن تناقل الشائعات محرم شرعًا لإسهامه في إثارة الاضطرابات والقلاقل التي لا تخدم إلا أعداء هذه الأمة؛ ومن ثم فإن تصديقها والاستسلام لها يجرنا للوراء ويزيد الموقف إرباكًا وتعقيدًا في وقت تشتد فيه حاجتنا للتماسك ومضاعفة الإنتاجية وتجويد العمل والكف عن إثارة الجدل والتراشق ومحاولات شق الصف.

مصر لا تزال تخوض معركة البقاء والبناء، وتحتاج لجهود أبنائها وطاقاتهم لإصلاح ملفات التعليم والصحة وبناء الإنسان.. والحمد لله أن لدينا رئيسًا يؤمن بأن شعبنا هو ثروة هذا الوطن وعدته وعتاده ورأسماله الحقيقي، وأنه لا سبيل لتقدمه إلا عبر تنمية البشر قبل الحجر وتحقيق العدالة الاجتماعية ليس بإعادة توزيع الموارد والثروات فحسب بل بتوليد مزيد من الثروة وفرص العمل..

رئيس يؤمن بأنه لا غنى عن إصلاح التعليم والصحة والاكتفاء من الغذاء والدواء والتصنيع والبنية التحتية من طرق ومرافق وسكة حديد رصدت لها مليارات الجنيهات لإعادة بنائها وتطويرها.. رئيس يعيد للدولة دورها القومي والإقليمي ويقطع أيدي المتآمرين والطامعين فيها ويصون حقوقها ومكانتها المستحقة.. رئيس يسابق الزمن للتخلص من كل مظاهر العشوائية والفساد وفق معايير موضوعية تعيد للشعب تماسكه وتسامحه وإيجابيته.

ربما يحتاج ذلك لبعض الوقت، لكن عجلة التطوير قد انطلقت بقوة ولا يجوز التسامح أبدًا مع من يعوقونها بالتقاعس والتقصير أو الإهمال والفساد أو بإتيان سلوكيات غريبة على مجتمعاتنا، سواء في الأعمال الفنية الفنية الهابطة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو برامج التوك شو التي تستغلها منصات الإخوان في النيل من مصر وتشويه صورتها.. آن الأوان لتصحيح المسار ومجابهة التردي والانحطاط والغفلة والإهمال والفساد بكل قوة.
الجريدة الرسمية