رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ أحمد تركي يكتب: رسالة عن الحروب الحديثة الموجهة ضدنا! (2 – 2)

الشيخ أحمد تركي
الشيخ أحمد تركي


لقد أدرك أعداؤنا دور الدين كأحد المصادر الهائلة للقوة الناعمة لشن حرب الجيل الرابع علينا بخداع شديد عبر عنه بعض المتطرفين بقوله: "بما لا يخالف شرع الله" ؟!!!!! 

والقوة الناعمة هي (Soft power) وهو مفهوم صاغه جوزيف ناي، من جامعة هارفارد الأمريكية، وكان وكيل وزارة الدفاع الأمريكية في عهد بيل كلينتون، لوصف القدرة على أن تأخذ ما تريد بالجذب وليس بالحرب.

ومن هذا المنطلق تم استخدام الجماعات المتطرفة والإرهابية أو صناعتها والتحالف معها سرًا، تمويلًا وتوجيهًا، ومحاربتها جهرة !! والابتزاز بها على المستوى السياسي والحقوقي، لكونها تحقق أهداف العدو بقال الله وقال الرسول مستخدمة التفاسير الملتوية للنصوص مع مسحات من جانب الرقائق في الإسلام لجذب الشباب وتجنيده وتوجيهه نحو القتل في بلده!! 

ويمكن تلخيص عناصر حروب الجيل الرابع التي وُجهت ضد بلادنا في الآتي:
1-الإرهاب.
2-محاولة إيجاد قاعدة إرهابية غير وطنية أو متعددة الجنسيات، كما حدث في العراق وسوريا على يد داعش.
3-التشكيك في الدين والثوابت الثقافية والهوية الوطنية والتاريخ.
4-حرب نفسية متطورة للغاية من خلال الإعلام والسوشيال ميديا والتلاعب النفسي والعقلي بالشباب.
5-استخدام كل الضغوط المتاحة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية على الدول المستهدفة.
6-استخدام تكتيكات حروب العصابات.

هناك دول للأسف الشديد لم تستطع الصمود أمام هذه الموجة الطاغية من الحروب فسقطت في مستنقع الفوضى والحروب الداخلية والطائفية.
واستطاعت مصر مواجهة هذه الموجة الكبيرة من حروب الجيل الرابع من 2011 وحتى تاريخه، بما يُسمى القوة الذكية Smart Power؛ (والقوة الذكية وفق ما جاء بمقال للدكتور سمير مرقص بجريدة الأهرام بتاريخ 24 يونيو 2017).

ذكرها جوزيف ناى كتطوير للقوة الناعمة في كتابه "مستقبل القوة " الصادر في عام 2010، وعرفها بأنها محصلة التكامل بين القوة العسكرية والقدرة الاقتصادية أي القوة الصلبة وبين القدرة على التأثير من خلال وسائل الجذب والإقناع المتنوعة أي القوة الناعمة»، وبهذه القوة الذكية يمكن مواجهة التحديات الكونية المعقدة المتزايدة).

وباحتراف شديد استطاع الرئيس السيسي وصقور مصر مواجهة هذه التحديات الهائلة بالموازنة بين تمتين القوة العسكرية المصرية بتقوية الجيش المصري، وكذلك تقوية القوة الاقتصادية، وبين استخدام القوة الناعمة بكل اشكالها وآلياتها.. ومن آثار ذلك تم عقد القمة الأخيرة في شرم الشيخ القمة العربية الأوروبية.

كما استطاعت مصر إيجاد تحالف عربى صلب نواته الأساسية مصر والسعودية والإمارات، ثم تحالف أفريقي، ثم تحالف عربى أوروبي. 

وإذا كنّا ندرس في تاريخنا وفى مقررات الأزهر أن مواجهة العدو عسكريًّا هي صورة من صور الجهاد في سبيل الله، فأنا أقول؛ إن ما صنعته مصر ومعها شقيقاتها في مواجهة حروب الجيل الرابع باستخدام ما يسمى القوة الذكية بكل آلياتها هي صورة للجهاد في سبيل الله، ولون من ألوان الرباط في سبيل الله الذي نبأنا النبي، صلى الله عليه وسلم، به في مصر وجندها في رباط إلى يوم القيامة.

وعلى هذا.. إذا كانت الحروب الموجهة إلينا بهذه الكيفية تستخدم الفكر والدين بهذه الآليات الخبيثة، فهل من دراسة جديدة للسيرة النبوية للربط بين النص والحروب الحديثة حتى يتعرف الشباب على أساليب المواجهة المناسبة دينيًّا وثقافيًّا في العصر الحاضر والعصر القادم؟! أرجو من الله أن يعينني لعمل هذا المشروع.

وهل من مواجهة فكرية شاملة عميقة تحصن أجيالنا من الوقوع في براثن الحروب الحديثة؟! ونشر الوعي الكامل لتحديات الأمة، بجانب المواجهة العسكرية؟!

لقد قام فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بدور تاريخي في الفترة الفائتة على مستوى مقاومة التطرف فكريًّا، وكان آخر هذه الجهود بيان مرصد الأزهر الأخير الذي كشف أعمال جماعة الإخوان الإرهابية، وأنها لا تمت إلى الدين بصلة.

كما بدأ مولانا الإمام الأكبر في الفترة الماضية أحد أهم روافد القوة الناعمة للإسلام والسلام العالمي بتوقيع وثيقة السلام مع بابا الفاتيكان على أرض التسامح؛ دولة الإمارات الشقيقة برعاية الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله ورعاه.

ولا يزال الأزهر الشريف يرابط على حدود الفكر، كما ترابط مصر على حدود الأمة العربية والإسلامية مع شقيقاتها.

والله الموفق والمستعان.
الجريدة الرسمية