رئيس التحرير
عصام كامل

أنيس منصور يكتب: الحب ألم واضطراب

انيس منصور
انيس منصور

في مجلة الجيل الجديد عام 1954 كتب الكاتب الصحفي أنيس منصور مقالا قال فيه:


هل الحب مؤلم؟ الجواب نعم، ولماذا يؤلم الحب؟ لأن الحب تفكير، والتفكير هم، والهم ثقيل، والذي يحمل الحب يحمله وحده، والحب شوق دائم، والإنسان يشتاق إلى كل ما لا ينال، فإذا ناله فذلك شيء مؤقت لا يلبث أن يفقده ثم يشتاق من جديد.

والحب رؤية لا تتحقق، والرغبة التي لا تتحقق لا تزال تلح على الإنسان.. إن دقات على باب لا ينفتح، إنها دقات توجع الرأس وتهدم الجسم وتضني العقل.. فالحب عذاب إذن.

والمحبون لماذا لا يضطربون هكذا، فلا يعرف الواحد منهم ما يقول أو ما يفعل، كان الحب كالسير في الظلام.. كل شيء يلفه الضباب، كل شيء يبدو كأنه شبح، وكأنه وهم.. فأنت تتخبط في سيرك وتتخبط في كلامك وتتخبط في تفكيرك.

فالحب اضطراب.. أو اهتزاز أو رجفة عنيفة أو هو نوع من الحمى أو على الأصح الحمى هي نوع من الحب، والحب ألوان.. ألوان من العذاب، هناك عذاب يتقاسمه اثنان، والعبء الذي يتعب من حملة فرد قد لا يتعب منه اثنان، وحينئذ تنزل دموع المحبة من عين، وتتساقط على دفة واحدة من قلبين اثنين، وتودعها مناديل هفهافة، وهذه المناديل الهفهافة هي آهات خرجت من صدرين.. وهذا عذاب يحتمله الرجل وتحتمله المرأة أيضا.

ولكن عندما يكون الحب عذابا ينفرد به إنسان..ويكون هذا الحب كالإعدام ينفذ في إنسان واحد..لايشاركه فيه أحد..لا أمه ولا أبوه، ولا أخته ولا أخوه، فهذا هو العذاب بعينه.. إنه أكثر أنواع العذاب مرارة وقسوة.

ومتى يكون الحب ألما خالصا ينفرد به الإنسان دون سائر المخلوقات؟، يكون ذلك عندما تحب أنت أو أنا فتاة لا تحبك، تحبها وتتوجع من أجلها وهى لا تفهمك ولا تحس بك وبأوجاعك، فأنت هنا عابد لصنم من الأصنام لكنه صنم يعرف الكلام ولا ينطق، لكن يمكنه أن يكلم إنسانا آخر غيرك.

أيضا حين تحب فتاة تحبك أيضا ولا تتكلم إلا معك ولا يخفق قلبها إلا في حضرتك لكنها لا تفهمك.. إنها تحبك ولا تعرف عذابك ولم تحرقها آهاتك.. إنها تحبك ولا تدرى معنى حبها لك ولا حبك لها.
الجريدة الرسمية