رئيس التحرير
عصام كامل

بعد ارتفاع سعر طبق الفول لـ10 جنيهات.. «الغلابة» يرفعون شعار «فطارنا عليك يا رب»..استبدال بروتين الشعب بـ«الجبنة القريش».. ومواطنون عن وجبة الإفطار «مش ناقص غير إننا

فيتو

على أحد مقاعد مقهى سليمان جوهر بحي الدقي، جلس الحاج محمد بائع «الروبابيكيا» بجوار عربته الخشبية العتيقة، تلك التي رافقته طوال مدة أربعين عاما من العمل، أمامه فوق الطاولة كوب الشاي الصعيدي الثقيل، وكيس بلاستيكي يحوي ثلاثة سندوتشات من الفول، وبعض قطع من المخلل، الساعة تشارف على العاشرة صباحا، الموعد الثابت لتناول وجبة الإفطار قبل إكمال يوم العمل، فلا عمل إلا بعد وجبة الفول «المتينة» وكوب الشاي، كأن عم محمد يجد ضالته في هذه اللفافة البيضاء الصغيرة: «زمان كنا بناكل الفول علشان مذكور في القرآن، دلوقتي بناكله لأنه أرخص حاجة في البلد»، تتعالى ضحكاته بينما يداعب الزبائن المتراصين حوله، كل منهم أمامه اللفافة ذاتها، يرد عليه آخر: «ومافيش أرخص منه وبعد ما غلي وبقى السندوتش بـ2 جنيه ونص بقترح ناكل تبن!».


نقاش قد يطرح على طاولة الشيشة والشاي الصعيدي بشكل يومي، فما بين عامل البنزينة الذي يخصص يوميا عشر جنيهات لوجبة الإفطار، والعم محمد الذي لازمته لفافة الفول مدة أربعين عاما، حكاية وجبة يومية باتت تسبب للكثير من المواطنين أزمة كبرى، بعد أن كانت الوجبة الأقل سعرا خلال اليوم، فعامل البنزينة الذي كان يفطر منذ أربع سنوات بخمسة جنيهات، أصبح يقف أمام عربة الفول يدفع عشر جنيهات مقابل طبق من الفول بالزيت الحار فئة ثلاثة جنيهات، ورغيفين من الخبز، وبيضة مسلوقة، وقد يعرضه الأمر للخطر إذا غامر وطلب "طبق فول كِمالة!.

7 ونص
سبعة جنيهات ونصف هي حصيلة إفطار وائل 18 عاما الطالب الجامعي، فكل سندوتش يبلغ ثمنه جنيهين ونصفا، "أنا مبحبش أكل عربيات الفول والشارع عموما، بروح المطعم القريب من بيتنا، اشتري 3 سندوتشات فول وطعمية ومسقعة، لو قررت أغير وأشتري بطاطس أو فول بالبيض وأقلد علية القوم هقفل العشرة جنيه!".

منذ أن تدق الساعة التاسعة صباحا، يتوافد العشرات من الرجال والسيدات أمام عربة الفول المملوكة لرمضان، والتي تقف في الركن ذاته بحي الدقي منذ أكثر من 17 عاما، الصراع من أجل الحصول على عدد أرغفة يناسب كمية الفول والبيض التي وضعت في الأطباق، والسعي وراء طبق الفول لإنهاء آخر حبة به، "إحنا دافعين في الطبقين دول ورغيفين العيش عشرة جنيه، وياريته بيكفي"، لا يبرح محمود أحد الباعة في سوق سليمان جوهر، عربة رمضان حتى ينهي الوجبة كاملة، بعد أن قفز ثمنها من 7 جنيهات إلى 10 وربما أكثر، "الناس بتحب الفول بتاعنا علشان بلدي ونضيف والسندوتش بـ2 جنيه، أي سندوتش على العربية بـ2 جنيه برة بيكون بـ 2.50 ويمكن أكثر". هذا ما يجعل عربة الفول هي الملاذ الآمن لكثير من المواطنين خاصة فئة العمال والموظفين، فببيضة وطبق فول وثلاثة أرغفة بالإضافة إلى شرائح البصل المختلطة بالتوابل، يمكن للفرد أن يسد جوعه، "الناس في الأول لم تتقبل زيادة وجبة الفطار على العربية من 7 لـ10 جنيهات، لكن ما فيش بديل للفول، أرخص أكلة في مصر".

للحاج رمضان بائع الفاكهة الذي يفترش مدخل شارع سليمان جوهر رأي آخر فيما يخص تقديس الفول والفلافل كوجبة إفطار أساسية، فمنذ أن ارتفع ثمن الطبق إلى أربعة جنيهات منذ بداية العام الحالي، لجأ رمضان إلى قطعة الجبن القريش ورغيف الخبز كوجبة إفطار بديلة، "بدل ما بدفع للفول 10 جنيه مع البيض والعيش، باكل الجبنة بـ3 جنيه مع كوباية شاي بـ 2.50"، لتكون محصلة وجبة إفطار رمضان 5 جنيهات ونصفا، "أهو كله بيقول مفيش فطار أرخص من الفول أنا فطاري أرخص منه كثيرا!"، على خطى رمضان بائع الفاكهة، يسير البعض نحو استبدال الفول والفلافل بالمخبوزات والمعجنات إذا لزم الأمر، بعد أن أصبح للفول ثمن قد لا يستطيع البعض سداده.

أما في مطاعم الفول والفلافل فلم يتغير الوضع كثيرا، بعد أن قفز ثمن سندوتش الفول من 2 إلى 2.50 جنيه، وكذلك المسقعة والبيض المسلوق، لكن يظل رواد مطاعم الفول والفلافل صامدين أمام الزيادات المطردة في أسعار السندوتشات وأطباق الفول، فضلا عن السلطات والمخللات التي أصبحت أشياء هامشية قد لا يكون الزبون في حاجة إليها.
الجريدة الرسمية