رئيس التحرير
عصام كامل

من مظاهر الرحمة الإلهية


خص الله تعالى عباده المؤمنين بنداءات في قرآنه كلها تربية ونصح وتوجيه وإرشاد منه سبحانه وتعالى لهم حتى يكتمل إيمانهم وينالوا شرف الانتساب إليه تعالى بالعبودية الخالصة، وحتى ينعموا بقربه عز وجل ويحظوا بولايته. هذا ولم يقصر نداءه سبحانه ونصحه وتبشيره لعباده في قرآنه الكريم فقط بل في أحاديثه القدسية ووحيه عز وجل لأنبيائه.. أنظر معي عزيزي القارئ إلى هذا الوحي الرباني المليء بالنصح والموعظة والرحمة والكرم والفضل الإلهي..


أوحى الله تعالى إلى النبي داوود عليه السلام: "إن أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي.. يا داود لا تسأل عني عالمًا قد أسكرته الدنيا فيصدك عن طريق محبتي أولئك قطاع الطريق على عبادي.. يا داود إذا رأيت لي طالبا فكن له خادمًا.. يا داود من رد إلى هاربًا كتبته جهبذا ومن كتبته جهبذا لم أعذبه أبدا"..

ناجى داود ربه قائلًا: يا رب أيُّ العباد أحبُّ إليك، فقال سبحانه وتعالى: يا داود أحب العباد إلى تقيّ القلبِ، نقيّ الكفِّين، لا يأتى بأحد بسوء، ولا يمشي بين الناس بالنميمة، تزول الجبال ولا يزول، أحبّني وأحبَّ من يحبُني وحبَّبني إلى عبادي، قال يا رب وكيف يحببك إلى عبادك، قال يذكرهم بنعمي وآلائي. يا داود ما من عبد يعين مظلومًا أو يمشي معه في مظلمته إلا ثَبتُّ قدميه على الصراط يوم تزِلُّ الأقدام..

ناجى داود ربّه فقال: إلهي! لكل مَلِك خزانة، فأين خزانتك؟ قال جلّ جلاله: لي خزانة أعظم من العرش، وأوسع من الكرسي، وأطيب من الجنة، وأزين من الملكوت: أرضها المعرفة، وسماؤها الإيمان، وشمسها الشوق، وقمرها المحبة، ونجومها الخواطر، وسحابها العقل، ومطرها الرحمة، وأثمارها الطاعة، وثمرها الحكمة. ولها أربعة أبواب: العلم، والحلم، والصبر، والرضا، ألا وهي (القلب)..

وروي أن داود عليه السلام كان يقول في مناجاته: (إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت على الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلى روحي، إلهي أتيت أطباء عبادك ليداوا خطيئتي فكلهم عليك يدلني فبؤسا للقانطين من رحمتك)..

أوحى الله تعالى لسيدنا داود: "يا داود: إني لا أنس من ينساني فكيف أنسى من يذكرني.. يا داود: إني لأستحي من عبدي إذا دعاني أن أرده وأن عبدي لا يستحي أن أدعوه فلا يجيبني.. يا داود: إني محب لمن يبغضني فكيف أبغض من يحبني.. يا داود: كذب من ادعى محبتي وإذا جن عليه الليل نام عني.. يا داود: من لقيني وهو يخاف مني لم أعذبه بناري.. يا داود: من لقيني وهو يحبني لم أحزنه بفراقي.. يا داود: من لقيني مستحي مني لم أخجله يوم يلقاني.. يا داود: جنتي لمن لم يقنط من رحمتي وغضبي عمن أخطأ خطيئة فاستعظمها جنب عفوي ولو عاجلت أحدا في العقوبة، لعاجلت القانطين من رحمتي..

يا داود: لولا أني ربطت أحبائي في أبدانهم لخرجت أرواحهم من أبدانهم شوقا إلى لقائي يا داود.. إن أهل محبتي يشتاقون إلي وأنني لأشد إليهم شوقا..
الجريدة الرسمية