رئيس التحرير
عصام كامل

إن الذكرى تنفع المؤمنين


العز في الطاعة والسعادة في الاستقامة، والاستقامة هي عين الكرامة، ومن رزق الإستقامة فتحت له أبواب الخيرات، وكان من أهل السلامة والسعادة. والذل والمهانة في المعصية واتباع الهوى والشهوات. ومن نسي أنه في دار الابتلاء خاب وأساء. والغافل ميت والناسي سكران والمصر على المعصية هالك وفي الآخرة متحسر ونادم.. عمرك، أنفاسك، أنت لا تعلم كم هي أو أين وكيف تنتهي.


فإن أردت النجاة والسلامة والفوز والسعادة فعليك بالاستقامة. واحذر أن تميل بك الدنيا وتغتر بها وتذكر أحوال من كان قبلك وكيف أصبحوا وأين هم الآن، وأين قصورهم وملكهم. لقد أصبحوا ذكرى.. واحذر من شيطانك فهو عدوك اللدود الحاقد الحسود، وهو عليك مسلط ولك متوعد وتذكر أنه أخرج أباك آدم وأمك حواء من الجنة وأنه يسعى لهلاكك بالتزيين والتغرير والوسوسة والتخويف. فاستعذ بالله تعالى منه دوما وسل الله الحفظ والسلامة..

وتذكر أنه لا أمان للدنيا فهي تعطيك اليوم وتأخذ منك غدا وتسكن فوق ظهرها اليوم وتدفن في بطنها غدا، وهي دار من لا دار له، وهي غنيمة الحمقى ومطمع الجهلاء، وهي تغرى، والآخرة تسر، ولا تعلق قلبك بشيء من الدنيا، واسع واضرب فيها ولتكن في يدك لا في قلبك، ولا تجعلها منتهى أملك وعلمك، وتذكر أنها دار فتنة وزينة ولهوانها على الله عز وجل سمح سبحانه بمعصيته فيها، ومنذ أن خلقها إلى أن يفنيها لم ينظر إليها، ولم يزكيها، وهي أهون عليه سبحانه من جناح بعوضة، ولذا بسطها لأهل الكفر وحجبها عن عباده المؤمنين..

والسعيد في الدنيا من كان رزقه الكفاف أي ما يستره فيها، فهو كثير في الأجر، قليل في الحساب والعاقل من يعتبر بما كان فيها وما فات. ولتكن لك مطية لدار المقام والسعادة والخلد والرضوان فخذ منها وتزود لآخرتك بإطعام الجائع وكسوة العريان ومساعدة الفقير والمسكين والأرملة والعطف على اليتيم وقضاء حاجة المحتاج..

ازرع فيها الخير تجني ثماره في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. والقلب السليم هو ذلك القلب الطاهر النقى العامر بالحب والخير الخالي من العلائق والأغيار. والذي لا محل فيه لحب الدنيا ولا موضع للحسد والكراهية والغيرة والأنانية وحب الذات..

وعليك أن تجتهد في تصفية قلبك وتنقيته وتطهيره، وذلك بالاستقامة على منهج الله واتباع هدي سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإقامة أركان الدين والاجتهاد في أعمال الطاعات والبر والمعروف والإحسان والاشتغال بذكر الرحمن والإحسان إلى الخلق والأنام.

هذا ولا تنس عداوة نفسك لك فهي كما قال النبي الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام عنها: "أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك إنها لأقوى من سبعين شيطانا".. فعليك بمجاهدتها فهو الجهاد الأكبر، وذلك برد هواها وجمح شهوتها وقهرها بأعمال الطاعة والبر والإحسان، وحتى تعان على ذلك عليك بمجانبة الأشرار وأهل الغفلة والاغترار ومصاحبة عباد الله تعالى الأخيار، فهم خير معين، وعليك بالتحري فيما تطعم وتأكد أنه من حلال فما نبت من حرام النار أولى به..

عزيزي القارئ أحبك في الله، وأحب لك الخير كما احبه لنفسي، وفي الحديث الشريف: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه".. وأسأل الله تعالى أن ينفعني وإياك بكل وعظ طيب حسن حتى تكتب لنا السلامة ونخرج من دنيانا على خير ونسعد في أخرانا..
الجريدة الرسمية