رئيس التحرير
عصام كامل

فاطمة ناعوت وعودة «اليهود»!


في مقالها بـ"المصري اليوم" كتبت الأستاذة "فاطمة ناعوت" أمس، مقالا بعنوان "في المعبد اليهودي" بالقاهرة.. وفيه قالت عن العالم الإيطالي الذي ولد في مصر "ريموند شينازي" والذي توصل لعلاج السوفالدي ما يلي حرفيا:


"لن تلمح في صوته أي مرارة جراء ما لَحق باليهود المصريين من اضطهاد في وطنهم مصر بعد قيام دولة إسرائيل. لا يذكر كيف لوحقوا وشوهوا وحرقت ممتلكاتهم وطردوا من ديارهم بمصر رغم أنهم كانوا وما زالوا أكثر الرافضين لقيام دولة إسرائيل المحتلة على أرض فلسطين.

حين تسأله لماذا خرج مع أسرته من مصر في بدايات الستينيات الماضية يقول ببساطة مبتسما: "بسبب الأحوال السياسية" وفقط. دون مجرد إشارة إلى المظالم التي طالت يهود مصر الذين أحبوا مصر أكثر من ملايين يعيشون على أرضها ولا يعرفون قيمتها.. وربما أكبر دليل على هذا أن معظم من هجروا قسرا من يهود مصر لم يذهبوا إلى إسرائيل التي كانت وما زالت تفتح لهم أحضانها وهى تلوح لهم بالباسبور الإسرائيلى القوى.. بل هاجروا إلى أمريكا وأوروبا وهم يبكون ترابَ مصر الكريم "!

يمكنك عزيزي القارئ أن تفرك عينيك.. ثم تفركها من جديد.. وتتحدث إلى نفسك وتقول هل هذا حقا كتبته كاتبة مصرية؟ وربما اتهمتنا بتلفيق السطور السابقة التي عليك أن تقرأها مرة أخرى لتعرف كيف يستخدم بعض ممن يحملون الجنسية المصرية الفاظ مثل "مرارة"، "ما لحق باليهود"، "اضطهاد"، "لوحقوا وشوهوا وحرقت ممتلكاتهم"، "طردوا"، "المظالم"، "يبكون تراب مصر"!

وربما اعتقدت أن من كتبها كاتب يهودي بينما تجد من اليهود من قال عكس ذلك أصلا مثل لكاتب "إيان سرجي بيزاوي"، الذي كتب في "هاآرتس" الصهيونية في أكتوبر 2017 يقول "معظم اليهود في مصر لم يتم طردهم لكونهم يهودا.. ففي عام 48 -خد بالك 48 في العهد الملكي- لكونهم صهاينة أو شيوعيين اما في عام 1956 بعد الحرب فقد طردوا لكونهم بريطانيين أو فرنسيين بعد مصادرة الممتلكات الأجنبية وليس لأنهم يهود"!

بالطبع لا نستشهد بكاتب يكتب في صحيفة صهيونية لكن المقارنة فرضت نفسها.. فـ"بيزاوي" من أصل مصري أيضا، شهادته شهادة شاهد قبل أن تكون شهادة باحث وكاتب، كما أن للقصة -قصة إثبات اضطهاد اليهود المصريين والمطالبة بممتلكاتهم وتعويضات لهم- طويلة سنكتبها كاملة لنكشف كيف يقدم البعض هنا خدمات جليلة ويتبرع بتبرعات مجانية لمن لا يستحقون.. أي تبرع.

المثير أن "بيزاوي" فكر وحلل.. لكن "ناعوت" لم تسأل نفسها ما الدليل على اضطهاد أسرة الدكتور "ريموند"؟ لم تكن اسرته ثرية لتأميمها، كما أنها - ناعوت- لم تتعب نفسها لتفكر قليلا وتفهم أن "ريموند" ولد عام 1951، وطبقا لحواراته فقد ترك مصر بعد 13 عاما من مولده أي عام 1964 !!

وبالتالي فقد قامت ثورة يوليو المجيدة ولم يتم ترحيله، وضبطت فضيحة لافون الصهيونية وشبكات التفجير بمصر، وبعدها شبكات تهريب الأموال والتجسس ولم يغادروا مصر، ووقع العدوان الثلاثي ولم يغادروا مصر، وتم تمصير الأملاك البريطانية والفرنسية كرد على تجميد ممتلكات مصر في بريطانيا وفرنسا، وعدم سداد مستحقات مصر بقناة السويس، ولم يغادروا مصر. 

وصدرت قوانين التأميم عام 61 ولم يغادروها!.. ولم يتم اضطهادهم في هذه الأحداث جميعا!!.. فلماذا سيضطهدونهم عام 64 ؟!

"ناعوت" ملكية أكثر من الملك أو قل على وزنها ما تشاء!

ما الذي يدفع من يحملون الجنسية المصرية أن يفعلوا ذلك؟ وكيف استمرت جريمة تقديم السياسي وتفضيله على الوطني؟ فمن أجل مهاجمة "جمال عبد الناصر" مثلا يدوسون على مصالح الوطن نفسه؟ وما خطورة ما كتبته الأستاذة "ناعوت"؟ وابعاده؟ لكل شئ جذوره وأسبابه فانتظرونا!!

ملحوظة: كاتب السطور يؤمن إلى أقصى درجة بالمواطنة، ومعاركه مع المتطرفين لم ولا تتوقف، ويفرق تماما بين الصهيونية كحركة عنصرية وبين الديانة اليهودية، ويعرف الفرق بين المشرك والكافر وأهل الكتاب، بل وكتبنا في التمييز بينها.. ذلك حتى تخرس الألسنة ويصمت بعض التافهين من متفذلكي الكتابة في مصر.. مصر التي يتربصون بها وهي قبل وفوق الجميع!!
الجريدة الرسمية