رئيس التحرير
عصام كامل

لا مرحبا بعدل مصدره الإسلام!


 

 

هذا المقال لا يمثل دفاعا عن الإسلام، فكاتبه أقل من ذلك بكثير، وأيضا الإسلام لا يحتاج لأي مدافع عنه، فهو شريعة الله ودينه منذ الأزل، فإن كنت تؤمن به فهذا حقك، وإن كنت لا تؤمن به فهذا حقك أيضا وحريتك التي وهبها الخالق لكل عباده فلا إكراه في الدين. 

أما إذا كنت تدعي الإيمان به ثم تأتي لتنتقد وتسفه من منزل الكتاب والرسالة وتفترض فيه الظلم في مسألة المواريث، هنا فقط أستطيع أن أصفك بكل يسر بأنك منافق مغرض، أو لا ديني أو ملحد لكنك جبان وتخشى الملامة الاجتماعية، أو أنك جاهل بالحق والجهل، أعمى بصيرتك وأفقدك اتزانك النفسي والعقلي. 

الكارثة أننا سنجد أن الظلم قد يكون عظيما ورائعا ومطلوبا ومطلبا تنويريا من المتاجرين بقيم الشعب، إن كان من عند غير الله، أما إذا كان العدل من الله أو من الإسلام خاصة فلا مرحبا بعدل مصدره الإسلام!

في هذا المقال سأستعرض الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، ومثله وأقل منه، وللأمانة العلمية، فإن تلك الحالات لا أستطيع أن أحصيها أو أذكرها بنفسي، لذا فلقد استعنت بكافة المراجع الدينية من مختلف الدول الإسلامية والعربية، والتي صاغها علماء كبار أجلاء أنحني احتراما لهم، ولجهدهم العلمي المشكور، ولتوضيحهم جميع حالات المواريث، والتي يتعمد الجهلاء اختصارها في حالة واحدة وفقط وهي (للذكر مثل حظ الأنثيين) صدق الله العظيم وكذب كل أفاك أثيم، يلبس الحق باطلا ويدعى أنه ينشر العلم، وللأسف تجد له ولأمثاله مروجين ومدعين أغلبهم كاره للدين، أو منافق سليط اللسان لكنه يجبن عن إعلان إلحاده أو عدم إيمانه به!

الأصل أن أحكام الإسلام تقر بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة عدا حالات لا تتعلق بالنوع وإنما تتعلق بالمسئولية الاجتماعية، ولم تنل مسألة المساواة بين الجنسين، بصفة عامة وفي الإرث بصفة خاصة، ما تستحقه خصوصا من التطرف العلماني المضاد الذي يهيل الصخب المقصود على بقية أحكام المورايث، إذ ظل التركيز منصبا على حالات التمايز والتفاوت في الأنصبة، مما دفع الذين في قلوبهم مرض للترويج لفكرة عدم إنصاف أحكام الإسلام للمرأة، الأمر الذي أحدث خلطا متعمدا بين ما هو ديني وما هو تراثي أو مجتمعي وثقافي! 

فالشائع لدى العديد من الجهلاء والمتناولين لهذا الموضوع هي أن مسألة المواريث محكومة بالقاعدة التالية: للذكر ضعف نصيب الأنثى، واعتبارها القاعدة الأصل والوحيدة، والحقيقة والواقع شىء آخر تماما، هذه القاعدة هي مجرد صورة لوضعية قانونية تشريعية معينة لا تسري على جميع حالات المواريث، إذ بالرجوع إلى أحكام المواريث في الإسلام، نجد أن هناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وحالات ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الرجل، وحالات أخرى ترث فيها المرأة مثل الرجل.

أولا ‌- الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل حصرها القرآن الكريم في أربع حالات فقط وهي:
1- وجود البنت مع الابن.
2- وجود الأب مع الأم دون وجود أولاد ولا زوج أو زوجة.
3- وجود الأخت الشقيقة أو الأب مع الأخ الشقيق أو للأب.
4- إذا مات أحد الزوجين ووُجد ولد أو لم يوجد.

ثانيا- الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل (سبع حالات):
1- ميراث الأم مع الأب مع وجود ولد ذكر أو بنتين فأكثر أو بنت أحيانا.
2- الإخوة للأم مع أخوات الأم.
3- زوج وأم وإخوة للأم وأخ شقيق فأكثر.
4- عند انفراد الرجل أو المرأة بالتركة.
5- الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق.
6- الأخت للأم مع الأخ الشقيق دون تشريك.
7- ميراث ذوي الأرحام في حالة عدم وجود أحد من العصبة ولا أحد من ذوي الفروض.

ثالثا- الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل (ست حالات).
وهى حالات صعبة في الحساب لي وللقارئ غير المتخصص، ونذكر منها الحالة التي خلفت فيها امرأة زوجا وأبا وأما وبنتين فإن الثلثين للبنتين، يمكنهما من أن يأخذ أكثر من الابنين إذا وجد مكان البنتين، وكذا الحالة التي تخلف فيها امرأة زوجا وأما وأختا شقيقة فإن الفارق يكون كبيرا جدا، إذ تأخذ الأخت الشقيقة أكثر من ضعف نظيرها الأخ الشقيق.

رابعا‌- الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث فيها نظيرها من الرجال ( ثلاث حالات):
وهذه الحالات تتميز أيضا بتعقد العمليات الحسابية، نمثل لها بالحالة التي توفيت فيها امرأة عن زوج وأب وأم وبنت وبنت ابن ترث بنت الابن بالفرض، ولو جعلنا ابن الابن مكان بنت الابن فإنه لا يرث شيئا، وكذا حالة ميراث الجدة فكثيرا ما ترث ولا يرث نظيرها من الأجداد، وقد ترث الجدة ولا يرث معها زوجها الجد.

وعموما فإن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات واردة على سبيل الحصر ترث فيها المرأة نصف الرجل، والأكثر من ذلك أن القرآن الكريم لم يجعل مسألة الأنصبة وتقسيم الإرث مجرد عملية حسابية خاضعة للجشع الإنسانى، بل إنه أقر بتوصية ربانية تقدمية حقيقية لا يعرفها الذين علاقتهم بالدين تنحصر في سبه وفقط!

فلقد أمر الورثة بأن ينفقوا من المال الموروث، وأن يأتوا القربى والمساكين وابن السبيل من ذلك الرزق، بل أتبع أمره بأن يقولوا لهم قولا معروفا، قولا لا مكان فيه للتكبر والاستعلاء، فهو مال الله استأمنهم عليه، وإنما قولا تقدميا إنسانيا راقيا يستحضر الجانب الإنساني والتكافلي، إذ يقول تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) سورة النساء، صدق الله وكذب كل دعي مغرض، أو جاهل جهول لا يعرف شيئا عن الدين ويسفه منه!
fotuheng@gmail.com

 

الجريدة الرسمية