رئيس التحرير
عصام كامل

وعود الحكومة الكاذبة.. فشلت في منع «التوك توك».. وسعر الدولار والاكتفاء الذاتي من الغاز ضمن القائمة.. رشاد عبده: تصريحات للشو الإعلامي.. و«الحريري»: المواطن البسيط «مش في دماغ

رشاد عبده
رشاد عبده

قبل ما يقرب من الشهرين، وقف رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أمام مجلس النواب يلقي بيان الحكومة بعد أيام قليلة من تكليفه برئاسة مجلس الوزراء، وخلال كلمته أطلق مدبولي وعودا وردية مفادها أن المواطن سيشهد طفرة ملحوظة خلال الثلاثة أشهر القادمة، مؤكدا في الوقت نفسه أن مستوى معيشة المواطن المصري سيشهد تحسنا ملحوظا، مقدما وعودا بحل مشكلات المياه والصرف الصحي والغاز والكهرباء، بالإضافة إلى خفض أسعار السلع الغذائية بعد الارتفاع غير المسبوق الذي طالها منذ تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه المصري" في نوفمبر 2016.


مرت الأيام والشهور ولم يتحقق شيء من وعود الحكومة، وما زالت الأزمات اليومية والأعباء تثقل كاهل المواطن المصري محدود أو منخفض الدخل، مع ارتفاع متوازٍ في أسعار فواتير الكهرباء بعد الشرائح الجديدة التي أقرتها الوزارة في يونيو الماضي برفع سعر الفاتورة لأكثر من 26% مع استمرار الزيادات بمعدل شهري.

التوك توك
الحكومة أقرت أيضا خلال الأيام الماضية تقنين سير نحو 3 ملايين "توك توك" في شوارع العاصمة والقاهرة الكبرى ككل، خلال تصريح خرج به الدكتور خالد قاسم المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، بعد أن خرج بأرقام تشير إلى أن دخل سائق التوك توك يصل في كثير من الأحيان إلى 2000 جنيه، ما يشير بضرورة تحديد تعريفة ركوب له بما يضاهي المركبات ووسائل النقل الأخرى، مع قرارات متتالية تصدر بين الحين والآخر بمنع سير التوك توك في المدن الكبرى كان آخرها إقرار الحكومة والبرلمان في أبريل الماضي وضع تراخيص وآليات لعمل التوك توك وسيره في المدن الكبرى مما يزيد من معدلات الأمن والأمان في حين ظلت الجرائم التي يكون فيها التوك توك هو الجاني الأبرز تطل برأسها بالرغم من التشديدات الحكومية المتلاحقة، كان آخرها حادث مقتل الطالبة أسماء "ضحية مدينة نصر" على يد سائق توك توك".

سيارات النقل
أيضا أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، قرارا صباح الأربعاء بحظر سير سيارات النقل الثقيل التي تزيد حمولتها عن (5) أطنان أو أكثر بالطريق الدائرى حول القاهرة الكبرى، وذلك من الساعة السادسة صباحًا وحتى الساعة الثانية عشرة صباحا، وذلك اعتبارا من يوم 15 سبتمبر الجارى، وسبق أن أصدر القرار بالصيغة ذاتها في فبراير من العام الحالي حينما خرج وزير النقل هشام عرفات بتصريح يشير فيه إلى بداية تطبيق قرار منع سير النقل الثقيل على الطريق الدائري وتحويل المسار كاملا إلى طريق الدائري الإقليمي، خلال مارس من العام ذاته، ولكن ظلت الأوضاع كما هي خلال الأشهر التالية للقرار.

قيد التنفيذ
الوعود التي تبرمها الحكومة المصرية وتلقي بها على المنصات الإعلامية والبرلمانية بين الحين والآخر، والتي سرعان ما تتخذ صفة "قيد التنفيذ"، لم تكن وليدة أو حديثة العهد بالحكومة الحالية التي تولت مهام منصبها بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق العامة، لكن جذورها ممتدة منذ حكومة المهندس شريف إسماعيل، والتي سبق وتقدمت بعدة وعود للمواطنين خلال فترة ولايتها، معظمها يصب في الجوانب الخدمية والاقتصادية للمواطنين؛ ففي شهر يوليو ذاته الذي خرج فيه مدبولي يؤكد حدوث طفرة خدمية خلال الأشهر المقبلة، سبقه المهندس شريف إسماعيل خلال يوليو 2017، ببعض الوعود التي أقرها في مقر مجلس الوزراء عقب اجتماع سابق كان بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المجلس بشأن قضايا التعديات على الأراضي الزراعية، وبالطبع حال السلع في الأسواق.

في ذلك الوقت خرج إسماعيل بعدة تصريحات كانت على شكل وعود على مسئولية الحكومة بلمس الإصلاح خلال أشهر قليلة، قائلا: "نعمل على تحسين الخدمات ومستوى معيشة الفرد والبنية التحتية، وتحقيق الإصلاح والاستقرار في السوق المصري".

وتطرق إسماعيل حينها إلى أنه خلال العام "2017" سيتم تحسين مستوى المواطن المعيشي بشكل تام وكامل، بعد أن وجه الإنفاق الحكومي إلى التعليم والصحة والإسكان والمرافق العامة وعدم المساس برغيف الخبز، وتخصيص نحو 90 مليار جنيه من حجم الإنفاق لمحدودي الدخل فقط.

الاكتفاء الذاتي للغاز
وفي مطلع مايو من العام الحالي، خرج إسماعيل بتصريح يفيد بأن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز خلال عام 2018، مشيرا إلى خطة الحكومة بالتوقف عن استيراد الغاز من الخارج خلال هذا العام مما يخفف العبء عن الموازنة العامة للدولة، ليخرج بعدها وزير البترول طارق الملال بتصريح يطابق عبارات شريف إسماعيل بالتوقف عن الاستيراد في وقت قريب، مضيفا أن الاستيراد الذي سيكون كل ثلاثة أشهر لشحنة من الغاز ليس بهدف الاستيراد ولكن من أجل تنشيط البنية الأساسية لشبكة الغاز الطبيعي والمحافظة عليها. لكن في نهاية شهر يوليو من العام الحالي فوجئ المواطن المصري بقرار الحكومة برفع سعر الغاز بنسبة تصل إلى نحو 33% حتى 75% حسب شريحة الاستهلاك، تلا ذلك تصريح من حمدي عبد العزيز المتحدث باسم وزارة البترول يؤكد فيه أن "الاكتفاء الذاتي واكتشاف حقل ظهر ملوش دعوة بالغاز المسال والمستخدم في المنازل"، ما يعني أنه مهما حققنا من نسب اكتفاء في الغاز سيرتفع سعره، لأن الاكتفاء فقط سيقلل الضغط على ميزان المدفوعات ليس إلا!

ويعلق الخبير الاقتصادي رشاد عبده على هذا الأمر قائلا: "مصر قالت إن الاكتفاء الذاتي سيتم في أواخر هذا العام والسنة لم تنته بعد فهي ملتزمة بحديثها ونحن ننتظر معها لآخر العام حتى نحكم في ذلك الحين هل أوفت بوعدها أم لا".

وعود الدولار
"الدولار سينخفض.. الجنيه سيعود إلى سعره الطبيعي".. وعود أطلقها محافظ البنك المركزي "طارق عامر بعد أن شهدت فترة توليه رئاسة البنك ارتفاعا هائلا في سعر الدولار مقارنة بالجنيه المصري، رغم وعوده منذ نحو عام بأن الدولار سينخفض سعره إلى 10 جنيهات، ثم عاد مجددا في يناير عام 2017 وقال للجنة الاقتصادية بمجلس النواب إن سعر الدولار سينخفض أمام الجنيه خلال ستة أشهر، مر شهر وأكثر وهاهو الدولار وصل سعره إلى ما يزيد على الـ 17 جنيها! في وقت يخرج فيه عامر في هذا اللقاء الإعلامي أو ذاك قائلا: "ستشهد مصر طفرة استثمارية هائلة ستعيد البلد إلى خريطة الاستثمار الدولي، وأن الاستثمار الأجنبي سيساهم في خفض سعر الدولار.. في وقت وصل حجم التضخم تحت ظل إرادته من 10% إلى 24%، فضلا عن الزيادات غير المبررة لأسعار السلع في الأسواق دون دراسة لأسباب الزيادة وما سيترتب عليها".

السبب
ويرجع رشاد عبده السبب في عدم تنفيذ الحكومة لما توعد به المواطنين من أمنيات وآمال، إلى وضع أشخاص غير مسئولين في مواقع مسئولة، يعقدون مؤتمرات صحفية يطلقون فيها تصريحات من الخيال لا أساس لها من الصحة ولا تنفذ على أرض الواقع من الأساس، مضيفا:" لدينا أيضا ما يسمون بوزراء "الشو" بمعنى أنهم رجال أفاقين يقولون وعود وكلمات لا يفون بها، ضاربا بذلك مثالا لسحر نصر وزيرة الاستثمار، التي وصفها بأنها سيدة لم تفلح إلا في تعيين نحو 15 مستشارا إعلاميا لها بحيث يصبح لها كل يوم خبر أو اثنان أو ثلاثة بالجرائد فلما يتصفح السيد الرئيس الصحف ويجد أخبارا عن جولاتها يقول السيدة تعمل! وكل ما يعنيها أن تصطحب معها في هذه الجولات عدد أكبر من الصحفيين يخلقون لها الأخبار عما تعقده من صفقات واتفاقيات، والغريب أنها أنفقت في جولاتها أيام كأس العالم مع وزيرة السياحة 183 مليون دولار بزعم أنهما تروجان للسياحة! ولم يسأل أحد في أي شيء صُرفت هذه الأموال؟".

"عبده" أوضح أن حجم الاستثمارات في مصر هذا العام 8 ونصف مليار جنيه، منهم 6 مليارات استثمارات بترولية هي ليست صاحبة الفضل بها، والـ 2 مليار الباقية استثمارات صناعية لا تعنيها أيضا، فهي على حد قوله، لم تدر استثمارا حقيقيا للدولة "بتاعة كلام فقط"..

وأضاف:"هذا نموذج فج عن غياب المصداقية لأن المواطن "غلبان" لا يفهم شيئا في شئون الاستثمارات والاقتصاد بالأساس، يفاجئ بغياب الاستثمارات وعدم القضاء على البطالة في حين أنه سمع بأن هناك استثمارات بالمليارات دخلت الدولة!" وقياسا وزير قطاع الأعمال العام لا يعرف ماذا تعني كلمة قطاع عام، لأنه يعمل طوال حياته في القطاع الخاص ومصر أحضرته ليتولى مهام قطاع الأعمال العام!".

تدريب العمالة، وضع حد أدنى لأسعار الفنادق، إعادة تصنيف الفنادق، إعادة هيكلة وزارة السياحة، وإجراء انتخابات الغرف السياحية، وغيرها من الملفات الشائكة كانت ضمن حديث وزيرة السياحة رانيا الشماط، خلال فترة تجديد الثقة بها وتوليها الحقيبة الوزارية مرة أخرى، ووعود قدمتها للمستثمرين بحل مشكلة مستحقاتهم المتاخرة بشأن تنظيم الرحلات إلى الخارج، وفحص الأوراق الخاصة بالشركات التي أوقفها وزير السياحة السابق ووصلت إلى 400 شركة سياحية، إلا أن هذه القرارات ظلت "حبر على ورق"، لم تحرك المشاط بأحدهم ساكنا حتى هذه اللحظة، خاصة فيما يخص السياحة الدينية في الأراضي المقدسة من خلال وضع خطط تشغيلية من شأنها الحصول على أقل أسعار للخدمات والسكن بما يعود بالنفع على الحاج والمعتمر، في حين نجدها تخرج بقرار فرض رسوم على الحاج والمعتمر في مصر كما تطبق السعودية.

ويعلق رشاد عبده على ذلك مؤكدا أن وزيرة السياحة خرجت وقت تعيينها وزيرة وقالت "أنا مليش في السياحة، ولا أعرف ماذا تعني السياحة، أنا كنت في الأردن وحدثوني هاتفيا أخبروني بأنني سأصبح وزيرة للسياحة وأخبرت رئيس الوزراء بأنني معرفش يعني إيه سياحة قال لي غير مهم هتتعلمي!"، فهل مصر أصبحت حقل تجارب؟"، مشيرا إلى أنها لم تتخذ قرار واحد بشأن السياحة منذ توليها مهام منصبها، ولم تكتف بذلك بل استغنت عن كفاءات الوزارة كلها، وكان القرار الوحيد أنها قالت لا بد أن يدفع المعتمر 2000 ريـال لمصر مثلما يدفع للسعودية، وعينت رئيس هيئة لتنشيط السياحة خريج كلية الهندسة قسم الميكانيكا كان يعمل في مندوب في إحدى شركات توريد الآلات الثقيلة، فهي تدمر السياحة.

وأضاف عبده: "الوزيرة أيضا عينت رجلا لا يملك مؤهلا عاليا وخريجا حديثا في عدة مناصب منها أمين عام الوزارة ومساعد الوزيرة وأمين عام صندوق السياحة، مدير الشئون المالية للوزارة، وأخيرا المشرف العام على قطاع مكتب الوزيرة، وهو منذ نحو ثلاث سنوات مراجع في إحدى الشركات وقضت على القطاع ولم تنشطه!".

البرلمان
أما النائب هيثم الحريري عضو تكتل 25/ 30 وعضو مجلس النواب، فيرى أن الحكومة منذ اليوم الأول لتوليها مهام الحكم لم تضع العامل والفلاح ضمن أولوياتها فهي تضخ أموالا كثيرة في الاستثمارات العقارية والمشروعات الضخمة فحسب، مضيفا: "أما ما كانت قد وعدت به بتوفير فرص عمل دائمة لأكثر من 100 ألف عامل هذا لم يتم فهي اكتفت بتوفير فرص عمل تسمى بـ "الفرص غير المستدامة" فمثلا حينما تشرع الدولة في تأسيس مشروع ما أو مبنى معين فهي تشغل به 100 عامل أو أكثر، لكن بمجرد انتهاء المشروع يعود العامل عاطلا كما كان، هذا لا يمكن أن يسمى فرصة عمل مستدامة".

ومن جانبه قال الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية إنه دائما ما توجد مرافقة ما بين الوعد والتنفيذ، ويعود ذلك ليس بالضرورة بسبب أن الواعد غير صادق أو لا، ولكن "العملية البيروقراطية المصرية بطيئة للغاية"، فنجد أن رئيس الوزراء يصدر قرارا ما ولكي يتم تنفيذه يمتد الوقت لفترة كبيرة جدا!، والناتج أو العائد الذي ينتج عن هذا القرار بعد تنفيذه لا يتخطى ثلث النفع المرجو منه.

وأضاف: "ليس لأن رئيس الوزراء أو الوزير غير صادق، ولكن البيروقراطية المصرية، بيروقراطية معقدة جدا تكلف الكثير من الأموال والمجهود والطاقة، فالبطيء يسيطر على الأداء بشكل عام، التوقيت "بايظ" والناتج أو الشيء المنجز يكون أقل من الذي وعدت به الحكومة فمثلا تقول الحكومة إنها ستنشأ كوبري ما، نجدها تستغرق سنوات في تنفيذ مراحله"، مؤكدا أنه رغم كون التخطيط المصري لدينا جيد جدا، لكن الأزمة الكبرى في التنفيذ السيئ.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية