رئيس التحرير
عصام كامل

لم يقعوا في غواية المناصب.. تجارب تستحق المحاكاة!


أطرح هنا سؤالًا مهما: لماذا أصر المسئولون في الأنظمة السابقة البقاء في مواقعهم فترات طويلة لدرجة "التأبيد" حتى لفظتهم وانقلب نجاحهم فشلًا مدويًا.. لماذا جدفوا عكس سنن الحياة وتيارها، ومن سمح بذلك حتى وصلوا بنا لما نحن فيه بعكس ما نراه في الدول المتقدمة من تجارب تستحق المحاكاة والنظر؛ فمثلًا "نيلسون مانديلا" الأب الروحي لتحرير جنوب أفريقيا من العنصرية ومن نير الاحتلال ترك الحكم طائعًا مختارًا بعد أن وضع بلاده على طريق الاستقلال والتقدم.


الأمر ذاته فعله المستشار الألماني هيلموت كول حين وحّد الألمانيتين وحطم سور برلين المشهور الذي فرق بينهما سنين طويلة.. وفي روسيا ترك جورباتشوف الحكم بعدما أعاد للروس كرامتهم وحريتهم.. ولم يشفع له ذلك في درء ما طاله من أقاويل واتهامات وصلت لحد الخطايا.

وغادر أيزنهاور البيت الأبيض بعد انتصاره المشهود على ألمانيا وتحرير أوروبا من قبضة النازي.. وعلى الدرب ذاته سار تشرشل في إنجلترا وديجول في فرنسا. 

بين هؤلاء العظام وغيرهم قواسم مشتركة أهمها صناعة النجاح والجماهيرية ثم ترك مقاعد السلطة وهم في قمة نجاحهم دون انتظار من يزحزحهم عنها مرغمين، ولم يقعوا في غواية المناصب ولا توحدوا بها، ولا أصابهم جنون العظمة حتى خلدهم التاريخ لا لشيء إلا لأنهم أعطوا أكثر مما أخذوا وحققوا نجاحات أكثر مما سقطوا في دوائر الفشل.. ثم امتلكوا بصيرة نافذة جعلتهم يختارون اللحظة المناسبة لاعتزال ذلك كله محتفظين بحب الناس وتقديرهم قبل أن يهال التراب على نجاحاتهم وإنجازاتهم.
الجريدة الرسمية