رئيس التحرير
عصام كامل

«ريهام عبد الغفور» طاقة إبداع بدور المريضة النفسية بمسلسل الرحلة

فيتو

"ريهام عبد الغفور" فتاة جميلة، ظهرت مع بداية الألفية الثالثة في أولى أدوارها دخلت قلوب المشاهدين بلا استئذان، بملامحها البريئة، لم تكن جريئة أبدًا في بداياتها، سواء في ملابسها أو حتى في اختيار أدوارها، فحَصرها المخرجون في أدوار الفتاة الطيبة المسالمة الهادئة.


وكانت تسير في رحلتها نحو النضج الفني على مهل، لكنها فجأة قررت التمرد وبدأت تخوض عالم الشخصيات الصعبة، فقدمت شخصية الراقصة الشريرة، وتخوض موسم رمضان 2018 بشخصية جديدة عليها، لعلها تكون هي الأصعب في مَسيرتها الفنية، وهو دور "رانيا" الزوجة المقهورة التي تعاني مشكلات نفسية.


لم تقدم ريهام دور المريضة نفسيًا من قبل، وعلى الرغم من هذا، أبدعت في تقديم دور رانيا، وتجسيد تطوراتها وانفعالاتها، رانيا تلك الزوجة التي كانت وردة زاهية تشع نورًا وبهاءً، التي أطفأ بريقها زوجها أسامة إبراهيم (باسل خياط) بعد أن حبسها في منزله ببيروت لمدة ست سنوات، دون أن ترى الشارع يومًا، فأصبحت مدمنة، لكنها استبدلت إدمانها للمخدرات بإدمان للمهدئات.

ولم يتم الكشف بعد عن السر وراء إدمانها في الحالتين، حتى حينما ولدت رانيا ابنتها "سلمى"، وضعتها في ذلك المنزل - السجن، وكان السبوع والاحتفال بها مقتصرًا على الزوج الذي يعاني مشكلات نفسية دفعته لكي يحتفل بعيد زواجهما بالطريقة نفسها كل عام وكان يطالبها بقول نفس الكلام بنفس الإحساس والطريقة، وكان في كثير من الأحيان يتقمص شخصية صديقتها المقربة حتى يسمع منها ما لا تستطيع البوح به أمامه لأنه يمنعها عن مخالطة أي شخص حتى أصدقائها، وكان يتمنى حبسها طوال عمرها لكي يحميها من "الوحوش" الذين يتربصون بها في الخارج كما كان يقول، ومن فرط اضطرابه النفسي فإنه لم يفكر كثيرًا في قتل صديقتها التي ساعدتها على الهرب من بيته والعودة إلى بلدها مصر.


كل هذه السنوات التي عاشتها رانيا في ظل الوحدة والخوف والألم النفسي والجسدي، تركت آثارها على كل تفصيلة في حياتها وسلوكياتها وشكلها، لذا فقد كانت ريهام عبد الغفور موفقة في التعبير عن رانيا من حيث الاهتمام بالبعد الجسماني للشخصية لكي يكون خير معبر عن البعد النفسي لها، فحرصت على اختيار باروكة شعر طويل مموج تناسب مع الشكل العام لـ"رانيا" التي لا تنتبه كثيرًا لتصفيف شعرها وسط ما تعيشه، وملابس محافظة غير مهندمة مناسبة لطبيعة الشخصية التي لم تر الشارع على مدى ست سنوات ولا تعرف شيئًا عن الموضة.


كما أنها ظهرت بمكياج أفقدها الملامح الجميلة البريئة التي كانت تطل بها دومًا على الجمهور، لتستبدل كل هذا بملامح مرهقة متعبة من آثار تعاطي المهدئات بصورة مفرطة، ومن العذاب النفسي الداخلي والصراع النفسي الذي ينهش جسدها من الداخل، فالمنطقة أسفل عينيها اكتست بلون غامق، وثمة تجاعيد تركت آثارها في أجزاء متفرقة من الوجه لا تليق بسيدة لا تزال في الثلاثينيات من عمرها، حتى إن هذا المظهر العام حينما يتم مقارنته بالمشهد الذي ظهرت فيه رانيا مع أسامة في بداية المسلسل يشي أن سنوات حبس رانيا الـ6 مرت كأنها 60 سنة ألقت بظلالها على ملامحها وشكلها.


وأبدعت ريهام عبد الغفور في تعبيرات وجهها واستخدام جسدها للتعبير عن اضطرابها، ونفسيتها غير السوية، فقد كانت تعبيرات الوجه في مواقف عدة، خاصة التي تجمعها بزوجها أسامة تشير أن ثمة كبتًا داخليًا يوشك على الانفجار لكنه يتوقف عند وجهها خوفًا من هذا الزوج غير السوي.


كما أن ردود أفعال ريهام كانت تؤكد اضطرابها النفسي، فقد كانت تخشى الناس وكذلك غرست هذا الخوف في نفس الابنة الصغيرة، وكانت تشعر أن الجميع يريد أذيتها واستغلالها، كانت حادة الطباع مع الأغراب حتى نبرة الصوت التي كانت تتحدث بها ريهام مع الأغراب تشي بقوة مصطنعة تحاول إظهارها لتخفي الضعف الذي يتملكها من الداخل حتى لا تمنح أحدًا فرصة هزيمتها، لكنها تبدو في منتهى الضعف أمام الزوج المتسلط، الذي كان يحاوط وجدانها ويبث في نفسها الرعب في كل خطوة تخطوها حتى إن لم يكن موجودًا بالفعل، لكنها كانت تراه في كل مكان، حتى إن ابنتها حينما اختفت عن أعينها كانت ترى في كل من حولها شبح "أسامة".


مسلسل "الرحلة" بطولة باسل خياط، حنان مطاوع، ريهام عبد الغفور، وليد فواز، ثراء جبيل، مي سليم، قصة نور شيشكلي، وسيناريو وحوار عمرو الدالي وأحمد وائل، وإخراج حسام علي.
الجريدة الرسمية