رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء: خسائر السياحة مليار دولار شهريًا.. صدقى: قرارات "مرسى" حكمت عليها بالإعدام .. وخليل: الحديث عن خطورة السياحة الإيرانية "هزلى".. ووضع مصر فى الأسواق العالمية "صفر"

السياحة بمصر_صورة
السياحة بمصر_صورة ارشفية

التصريحات غير المسئولة لعدد من الوزراء تدمر السياحة، بل تضر بها فى مقتل، فبعد الإعلان عن قطع الكهرباء لست ساعات يوميا بدأت شركات السياحة العالمية إلغاء حجوزاتها إلى مصر، خصوصا مع تراخى وزارة الداخلية واستمرار الانفلات الأمنى، كما أن قرارات الرئيس محمد مرسى تحكم على البقية الباقية من السياحة بالإعدام.. ولأن "فيتو" تشعر بنبض الوطن وتحاول مداواة جراحه، فقد استضافت خبراء السياحة ليجدوا مخرجا من الكوارث الحالية التى تهدد هذا القطاع الحيوى، ومن هؤلاء الخبراء عمرو صدقى - نائب رئيس غرفة شركات السياحة - والدكتور مصطفى خليل صاحب إحدى الشركات السياحية - ولإيجاد حل لأزمة السياحة الإيرانية، ووضع السياحة المتردى فى الوقت الحالى والأزمات التى يمر بها القطاع، وعلى رأسها رفع الدعم وغياب الرؤية الإستراتيجية لتطويره.


فى البداية.. قال عمرو صدقى: بدون إرادة سياسية لا نستطيع النهوض بالسياحة أو بأى مؤسسة من مؤسسات الدولة، وخاصة فى ظل تضارب قرارات الرئيس مرسى وعدم انسجام المواطنين والمستثمرين مع تلك القرارات المتضاربة، كما أن قطاع السياحة بدأ فى الازدهار بعد معاهدة السلام مباشرة، ولم تكن لها ذكر قبل ذلك لدخول مصر فى العديد من الحروب التى أنهكت الاقتصاد المصرى، ثم انفتحت مصر على العالم الخارجى، خصوصا أوروبا، لقرب المسافة بينها وبين مصر، ولعدم اقتصار السياحة على زيارة المناطق الأثرية فقط، بل الاتجاه إلى السياحة الشاطئية.

وتابع صدقى: لم نحاسب الرئيس مرسى على العشرة أشهر التى قضاها فى الحكم، وكان يتحتم عليه إصدار حزمة من القرارات التى تغذى السياحة وتنهض بها، فقد أصبحت السياحة جسدا يحتضر، وما حدث هو قيام مرسى بدهس هذا الجسد بأرجله وقطع خراطيم الدماء التى تغذى هذا الجسد، فلم يتخذ قرارا واحدا يخدم قطاع السياحة، مع أن قطاع السياحة يستطيع بإمكاناته تحقيق إيرادات عالية جدا، يمكن بها تعويض إلغاء الدعم، فإذا أعطى الفرصة لقطاع السياحة وسانده بمجموعة قرارات تساعده على النهوض سيحقق المعادلة الصعبة بصورة تدريجية بدلا من قطع الدعم بمقص الجراح، مع إمكانية إلغائه بالعلاج الكيماوى التدريجى حتى تحدث عملية الشفاء، وإذا لم تحدث عملية الشفاء سوف يكون لدينا فرصة للتفكير فى طرق أخرى وبدائل للحل.

واستطرد صدقى: ولا توجد نية لدى الرئيس مرسى وحكومته لإحياء السياحة من جديد، لأن الحكومة ولدت بدون أطراف، فكل مسئول أو وزير يعمل بها يعلم تماما أن المدة الذى سوف يقضيها فى منصبه لا تؤهله لوضع خطط طويلة الأجل، وفى نفس الوقت كل وزير يحتاج أن يترك بصمة مشرفة له بالوزارة، وهذه البصمة لا تأتى بالخطط طويلة الأجل أو متوسطة المدى، فيتحتم عليه وضع خطط قصيرة الأجل، وكل مسئول يفاجأ بالمشاكل أمامه مرة واحدة، فيطلب من مساعديه إيجاد حلول سريعة لهذه المشاكل، وهو ما يعظم من حجم المشاكل نتيجة الحلول السريعة المؤقتة.

وأكد صدقى أن المخرج الوحيد للدولة من أزمتها التى تمر بها هو السياحة، وقد تلقينا يوم تنحى الرئيس السابق سيلا من الطلبات للاستعداد لاستقبال أفواج سياحية من دول العالم الخارجى بأكمله لمشاركتنا البهجة، وخاصة بعد قيام المواطنين بتنظيف الميدان يوم التنحى وإخلائه، وكان هذا المظهر أكبر حملة إعلانية للخارج - غير مقصودة - حتى قال رؤساء دول العالم "إن المصريين يعلموننا الحضارة مرة أخرى، ولابد من تدريس الثورة المصرية لأولادنا فى المدارس"، وكان لابد من وجود خطط لاستغلال هذه الحملة، ولكن هذا لم يحدث من جانب الإدارة السياسية.
وطالب بضرورة أن تكون السياحة مشروعا قوميا مثل السد العالى، لأنها أكبر قطاع جاذب للمستثمرين وتشغيل العمالة، كما أن 70 صناعة تنشأ حول السياحة، وهى أكبر مورد يحقق دخلا سريعا للدولة، ومع ذلك فالحكومة تفرط فيها وتسعى وراء الاقتراض من الخارج، ودول العالم الخارجى تهتم بالسياحة وتضعها على رأس أولويات مواردها.. مثل إسبانيا التى تنظر إلى السياحة على أن كل سائح ينفق على مواطن، فإذا كان لديها 40 مليون مواطن فقد استطاعت جذب 40 مليون سائح، لكن فى مصر كل مسئول يركب حصانه ويذهب إلى أماكن لا تمت إلى دعم وتشجيع السياحة بصلة.

وأشار إلى أن وزير السياحة الحالى يقع بين مطرقة القرارات السياسية وسندان الوضع الحالى وما يشهده من انفلات أمنى، مؤكدا عدم امتلاكنا شبكة طيران، ويضيف: لقد كانت وزارة السياحة من أعظم الوزارات أثناء اندماج وزارة السياحة والطيران المدنى فى وزارة واحدة، وبحسبة بسيطة يمكننا تقدير حجم الخسائر التى تحققها السياحة شهريا.. ففى عام الذروة السياحية 2010 زار مصر 14 مليون سائح، وحققوا إيرادات 12 مليار دولار، لذا فإن السياحة تخسر مليار دولار شهريا.

وأوضح صدقى أن هناك قاعدة أساسية يسير عليها رجال السياحة فى مصر، وهى عدم التطرق لثلاثة أشياء، وهى: "الدين والعرق والسياسة"، مشيرا إلى أنه تم التفكير فى السياحة الإيرانية كنوع من مجاملة الرئيس الإيرانى للمصريين، والمجاملات السياسية هى أخطر شىء على السياحة،مشيرا إلى وجود توليفة للحكم فى مصر وإيران، ومحاولة تطبيق الحكم الإيرانى فى مصر، عن طريق تبادل الخبرات والزيارات، إذ توجد اتفاقية لزيارة 20 ألف طالب مصرى سنويا لإيران، يدرسون بها لمدة سنة واحدة، ثم يعودون، لافتا إلى أن أسهل خريطة تحقق بها أهدافك هى البشر، كما أن قطاع السياحة يعى تماما بعد الأمن القومى ولكن لكل قاعدة شواذ، ولم يحدث اختراق أمنى لمصر عن طريق السياحة أبدا.

وقاطعه الدكتور مصطفى خليل - الخبير السياحى- قائلا: مرسى شخصيا ليس له تأثير على السياحة، ولكن أفعاله تؤثر بشكل سلبى على القطاع لعدم وجود خطة ورؤية واضحة للسياحة،كما لا توجد حلول، لافتا إلى ضرورة وجود إرادة سياسية للنهوض بالسياحة، لأننا نعيش فى فلك المسئولين، نحن نضع المشاكل أمامنا ونبكى، ولم يخرج مسئول ويقول إن المسافة بين الاتحادية وشرم الشيخ أو ميدان التحرير وأسوان خمسة أضعاف المسافة بين بين بلجيكا وفرنسا، أو بين روسيا وأوكرانيا،عشنا سنتين بدون رئيس ونسبة الجريمة لم تصل إلى الخطوط الحمراء ، للأسف الإدارة السياسية ليس لديها خطط، ودول العالم تنهض عن طريق تحجيم الأخبار السيئة وتعظيم الأخبار الإيجابية، والحكومة لم تفعل شيئا للسياحة، مطالبا كل مسئول بالجلوس فى مكتبه ولا يخرج منه إلا بعد التوصل إلى خطة حقيقية، ونحن نعانى من أزمات، لا وزير السياحة ولا عشرة مثله يستطيعون حلها.
وأضاف خليل أن مجهودات وزارة السياحة مشتتة، والوزير يريد النهوض بالسياحة، ولكن حتى الآن لا توجد نتيجة، مع أن خبراء السياحة يدرسون وضع خطة للنهوض بالسياحة وحل مشاكلها وعلى رأسها مشكلة الطاقة وسيتم تقديمها إلى الوزير، وله حرية الاختيار فى الأخذ بها من عدمه.

وأوضح خليل أن الحديث عن خطورة السياحة الإيرانية كلام هزلى، وهناك ضوابط محددة لكل أجنبى يزور مصر،وما حدث للسياح الإيرانيين يجعلهم لا يفكرون فى زيارة مصر مرة أخرى حتى لو كانت جنة، فقد تم منعهم من السفر من مطار القاهرة الدولى لعدم وجود صلاحيات لدى الشركة المكلفة بنقلهم بالطيران من مطار القاهرة، فتوجهت بهم الشركة بالأتوبيسات إلى مطار برج العرب ليتمكنوا من عودتهم إلى بلادهم مرة أخرى، أيضا الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرار بشأن السياحة بالإغلاق أو العمل ، ولا أشفق على الوزير لأنه قبل تحمل المسئولية، والدول كلها تتحرك ونحن نقف محلك سر.. وللأسف الكل يدور فى فلك رئيس الجمهورية والوزير الفلانى، مؤكدا أنه إذا لم تعد السياحة الإيرانية ولو بشكل هيكلى على الأقل ستكون سابقة خطيرة جدا على الدولة، اليوم السلفيون لا يريدون السياحة الإيرانية، وغدا الإخوان لا يريدون السياحة الفرنسية، وهذا ينذر بتوقف السياحة تماما.

وأضاف أن الاستثمارات فى البحر الأحمر ليست بأموال أحد، ولكنها فلوس الناس الغلابة، وتقدر بنحو 200 مليار جنيه، ومازالت مشاريعها تحت الإنشاء، والوزير الذى شبكنا يخلصنا من أزمة السياحة الإيرانية، والتقديرات الذى يتحدث عنها الوزير متفائلة ولن تحدث لأن أرقامها مستوحاة من التجربة التركية، لأن تحديد أماكن معينة للسياح الإيرانيين أكبر خطأ، فلا يصلح تحجيم سائح طالما لم يخرج عن الآداب العامة.

وقال: عندما نسافر لتسويق السياحة فى الخارج فإننا نصاب بالاكتئاب، لأن وضع مصر فى أسواق السياحة الأجنبية فى الوقت الحالى "صفر"، والمقاصد السياحية الطبيعية ستختفى بعد 30 عاما لسوء استخدامها وعدم التخطيط لكيفية الاستفادة منها، ولدينا مقاصد سياحية لا توجد بها مستشفيات وغير مجهزة بالخدمات والأجيال القادمة ستعانى من عدم وجود شواطىء أو مقاصد سياحية يزورونها، كما أن مبادرة إجبار كل سائح على التبرع بدولار "مهزلة"، لأن ذلك سيتسبب فى استياء السياح الأجانب، وكان من الأولى اللعب على عواطف السياح ومشاعرهم الإنسانية وعدم توصيل إحساس لهم أنهم مجبرون على التبرع.


مؤكدا أن وزير السياحة يسعى إلى تحقيق نجاحات سريعة، فهو يهتم بالشكل ولا يهتم بالمضمون، وهذا تسبب فى هشاشة السياحة، والرئيس مرسى يخلق الأزمات، والسياحة بدأت فى الانهيار الحقيقى بعد الإعلان الدستورى وتداعياته من تظاهرات أمام الاتحادية،ولا أشفق على أى مسئول يقول إن هناك تحديات ويلقى بفشله عليها، نحن ننتظر إفلاس السياحة، ولابد من وجود تنسيق بين المسئولين داخل مصر وخارجها لإدارة هذه الأزمة.

والتقت طرف الحديث مرة أخرى عمرو صدقى، فقال إن أزمة الوقود هى "قنبلة السياحة الموقوتة"، التى إذا انفجرت ستقضى على الأخضر واليابس داخل القطاع، والوزير يكتفى بتشكيل اللجان التى لم تخرج بنتيجة، وفكر رجال الأعمال لا يخدم مصلحة الوطن ويعملون لخدمة مصالحهم الخاصة فقط، لافتا إلى أن صفة حسن الضيافة اختفت من أخلاق المصريين، وإذا لم تعد فلن تعود السياحة.

وأشار صدقى إلى أن الإخوان يرفضون مساندة صناعة السياحة، لأنهم ينظرون إليها على أنها عرى ومن المحرمات لقيامها على الخمور، بينما هم أنفسهم يسعون وراء قرض صندوق النقد الذى تأتى أمواله من تجارة الخنزير والخمور أيضا، فلماذا يحكمون بقتل السياحة بالرغم من قدرتها على تعويض قيمة قرض صندوق النقد 4 أضعاف فى عام واحد، لافتا إلى أن الحكومة تسعى للمكسب السريع وتتجاهل مواردها، لأنها لا ترغب فى العمل والاجتهاد، ونسمع من الرئيس حلو الكلام بلا تنفيذ.

مصطفى خليل يؤكد أن الحكومة تفكر بشكل خاطئ بالنسبة لرفع الدعم، لأنها لم تضع بدائل له للمستثمرين ورجال الأعمال، فالسفينة السياحية الواحدة تستهلك 900 طن سولار فى السنة، والفندق يستهلك 100 طن سولار فى السنة، وطالب الحكومة بتوجيه البنوك لإقراض المستثمرين السياحيين بعد تمويلها لهذه البنود، على أن يقوم المستثمرون بسداد القروض على عدة سنوات بفائدة مناسبة، لاستخدام بدائل السولار والاعتماد على البدائل مثل الغاز والطاقة الشمسية، وأيضا المسئولون السياسيون يكذبون الحقائق، وجميع شركات الطيران العالمية ناجحة، على عكس "مصر للطيران المصرية" لأن مديرها يريد أن يأخذ راتبه ويجلس فى منزله، مشددا على ضرورة وجود طيران مباشر من الأسواق السياحية الخارجية إلى المقاصد السياحية.

وأكد خليل أن مصر للطيران هى السبب الرئيسى فى ضعف المنتج السياحى المصرى، لأن المنتج عبارة عن فندق ووسيلة مواصلات، واللوكاندات، ويمكن للسائح الاستغناء عن الفنادق والإقامة فى مساكن شباب أهلية، ولكنه لا يمكنه السفر لمصر بدون طائرة، لافتا إلى عدم وجود فن خلق الطلب السياحى بمصر.
الجريدة الرسمية