رئيس التحرير
عصام كامل

فضائح «دبلومة الأمريكان».. 18 ألف طالب يحصلون عليها في 150 مدرسة مصرية.. وأمريكا تعتمد مدرستين فقط.. وزارة التربية والتعليم: رصد نحو ١٣ مدرسة دولية تزور شهادات الدبلومة.. وسحب تراخيص ٤ مدارس

 وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم

>> المكتب التعليمي المصري بواشنطن: «شودتس الأمريكية» بالإسكندرية و«كلية القاهرة الأمريكية» المعتمدتان من جانبنا فقط

>> إدارة التعليم الخاص والدولي: «الدبلومة» في مصر لا تتفق مع المنظومة الأمريكية.. والمدارس تلجأ إلى طرق ملتوية للضغط على الجهات الحكومية لاعتماد الشهادات


أواخر تسعينيات القرن الماضى، بدأ يتسلل إلى المدارس نظام جديد أطلق عليه "الدبلومة الأمريكية"، ومن المفترض في المدارس التي تقدم هذه الخدمة أنها تطبق النظام الأمريكي في التعليم المعروف بالـ"SAT"، وأن الشهادة التي تمنحها المدارس تلك تعادل الشهادات التي تقدمها المدارس الأمريكية في الولايات المتحدة، وأنها معتمدة من جهات اعتماد دولية في واشنطن، لكن الواقع وما كشفته مستندات حصلت "فيتو" على نسخة منها، يؤكد خلاف ذلك، وأن الدبلومة الأمريكية تحولت على يد البعض من شهادة دولية إلى فخ يقع فيه مئات الطلاب المصريين سنويا.

طلب متزايد
منذ بداية العمل بنظام "الدبلومة الأمريكية"، وطلبات الالتحاق بالمدارس التي تقدم هذا النظام ذلك النظام تتزايد سنويا، وكذلك فإن عدد المدارس التي تطبق هذا النظام تزايد هو الآخر حتى وصل إلى نحو ١٥٠ مدرسة يدرس فيها ما يقرب من ١٨ ألف طالب وطالبة في مختلف المراحل التعليمية، وقد حصل آلاف الطلاب على تلك الشهادة، ولا تزال تلك المدارس مستمرة في تقديم خدماتها رغم الكوارث التي تواجهها، ومنها على سبيل المثال وقائع تزوير شهادات الدبلومة الأمريكية، التي تم الكشف عنها مع العام الدراسي ٢٠١٢/ ٢٠١٣، ولا تزال تلك الحالات مستمرة.

الكارثة الأكبر في "الدبلومة الأمريكية" تتمثل في فوضى جهات اعتماد تلك الشهادات، والتي كشفها تقرير صادر عن المكتب الثقافي والتعليمي المصري بواشنطن، الذي تضمن خطابا موجها إلى وزير التربية والتعليم ومذكرة مكونة من ٤ صفحات، و١٤ صفحة مرفقات، لتوضيح أهم جوانب نظام الدبلومة الأمريكية، وما توصل إليه المكتب نتيجة دراسة تلك المنظومة خلال الفترة السابقة.

رأي صادم
المكتب ذاته قدم رأيا صادما حول جهات الاعتماد العاملة في مصر، كما أنه فجر قنبلة من العيار الثقيل عندما أشار إلى المدارس التي تطبق نظام التعليم الأمريكي وتوجد خارج أمريكا ومعتمدة من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جاء في الصفحة السادسة من التقرير، الذي تم إعداده بناءً على طلب وزير التربية والتعليم السابق الدكتور الهلالي الشربيني، فيما يخص المدارس الأمريكية خارج الولايات المتحدة، وأن ما يجعلها تحت مظلة نظام التعليم الأمريكي، وجود إشراف عليها من مكتب المدارس الدولية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية وموقعه الرسمي على شبكة الإنترنت (www.state.gov/m/a/os)، كذلك ما يجعلها تحت مظلة التعليم الأمريكي وجود مدرسين وإداريين من الولايات المتحدة، بما يتماشى مع المنطق العام لضمان أن المناهج التي تقدمها المدارس معتمدة من الدولة الأم، وكمثال لذلك في مصر فإن المدرستين الوحيدتين التابعتين لنظام الدبلومة الأمريكية المعترف بها رسميًا من الولايات المتحدة الأمريكية في مصر هما: مدرسة شودتس الأمريكية بالإسكندرية، ومدرسة كلية القاهرة الأمريكية بالقاهرة، وكلاهما مذكورتان في قائمة المدارس الدولية الأمريكية بالخارج على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية (www.state.gov/m/a/os/219750.)، مع ملاحظة أن هاتين المدرستين لا تقومان بختم شهادات الطلاب الصادرة عنها من جهة الاعتماد أو من المكتب الثقافي والتعليمي المصري بواشنطن كما تفعل بقية المدارس الأخرى.

المصروفات 240 ألف جنيه
إلى هنا انتهى الكلام الذي ذكره المكتب الثقافي المصري بواشنطن حول المدارس التي تدرس نظاما أمريكيا في مصر ومعترفا بها في الولايات المتحدة وتقع تحت مظلة التعليم الأمريكي، وهي إشارات صادمة لواقع الدبلومة الأمريكية في مصر والتي تبدأ مصروفاتها من ٢٠ ألف جنيه وتصل إلى ٢٠٠ ألف جنيه أو يزيد في بعض المدارس الدولية التي تزعم تطبيقها لنظام تعليمي أمريكي، حتى إن واحدة من تلك المدارس بمدينة السادس من أكتوبر تحصل ١٢ ألف دولار أمريكي مصاريف دراسية للطالب أي ما يعادل نحو ٢٤٠ ألف جنيه سنويا، وهي موضوعة تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة منذ أكثر من شهرين بسبب تحصيلها المصروفات بالدولار.

إشارة أخرى جاءت في تقرير المكتب الثقافي بواشنطن تقول: "من خلال موقع وزارة الخارجية الأمريكية يتضح أن الطلاب الدارسين في منظومة الدبلومة الأمريكية خارج الولايات المتحدة والمعترف بها في أمريكا هم فقط الطلاب الدارسون في المدارس التي تعمل تحت إشراف مكتب المدارس الدولية التابع للخارجية الأمريكية، وقد بلغ عدد هؤلاء الطلاب على مستوى العالم والذين أدوا امتحان (SAT) نحو ٧٣١٤ طالبا وطالبة في عام ٢٠١٥".

دعم أمريكي
وبحسب التقرير ذاته، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تضع منظومة لتضمن أن المدارس الأمريكية خارج حدودها يتم دعمها فنيا لتتوافق مع منظومة التعليم الأمريكي من خلال المجلس الاستشاري للمدارس خارج الحدود (Overseas School Advisory Councll)، ومجموعة من مؤسسات التعليم الإقليمية (Regional Educational Associations).

مذكرة أعدتها الإدارة العامة للتعليم الخاص والدولي بوزارة التربية والتعليم، في عهد مديرها الأسبق صلاح عمارة، الصادر له حكم قضائي بالعودة إلى منصبه السابق لم ينفذ بعد، أكدت أن منظومة الدبلومة الأمريكية في مصر لا تتفق مع المنظومة المطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأشارت إلى وجود اعتقاد خاطئ لدى المصريين بأن جهة الاعتماد هي التي تمنح شهادة الدبلومة، وتقوم هذه الجهات بختم الشهادة من المركز الثقافي المصري بواشنطن للإيحاء بذلك، رغم عدم قيام هذه الجهات بختم شهادة الدبلومة من مكتب المدارس الدولية التابع للخارجية الأمريكية.

تزوير الشهادات
وجاء في المذكرة ذاتها، أنه تم ضبط العديد من حالات التزوير في الشهادات الممنوحة من مدارس تحت مسمى الدبلومة الأمريكية، كما أن المدارس تقوم وبصورة منفردة بعقد وتصحيح امتحانات الطلاب، دون أي رقابة من وزارة التربية والتعليم، عكس المتبع في الولايات المتحدة، والغالبية العظمى من الطلاب يحصلون على الدرجات النهائية، وهو ما يتعارض مع التوزيع الطبيعي للمستويات المتعارف عليه في أي نظام تعليمي.

ولفتت المذكرة إلى أن بعض المدارس تطلب أحيانا اعتماد شهادات بعد تغيير درجات الطلاب واللعب في نتائجهم، وفي بعض الأحيان يتم تغيير المواد المدرجة بالسجل المدرسي للطالب وإضافة درجات كبيرة وذلك بعد إصدار الشهادة بعدة أشهر، كما أن بعض المدارس ترسل شهادات لاعتمادها من المركز الثقافي المصري بواشنطن غير مستوفية المعلومات الضرورية مثل المعدل التراكمي GPA أو حتى الدرجات الخاصة بكل مادة.

طرق ملتوية
ووفقا لمذكرة التعليم الخاص فإن بعض المدارس التي تطبق هذا النظام تلجأ إلى طرق ملتوية للضغط على الجهات الحكومية المصرية لاعتماد تلك الشهادات، ومن ذلك أنها تؤجل اعتماد تلك الشهادات إلى الفترة التي تسبق التنسيق ثم تصدر للطلاب أن الجهات الحكومية تعطل اعتماد شهاداتهم حتى يثور الطلاب، وتمارس تلك المدارس ضغوطًا على وزارة التربية والتعليم بالقاهرة من أجل مطالبة المكتب الثقافي بسرعة اعتماد الشهادات بحجة إسكات الطلاب وأولياء أمورهم.

فضائح الشهادات
الفضائح في ملف شهادات الدبلومة الأمريكية لا تنتهي، فقد كشفت تقارير وزارة التربية والتعليم رصد نحو ١٣ مدرسة دولية تقوم بتزوير شهادات الدبلومة الأمريكية، ومنها ٤ مدارس دولية ثبت قيامها بتزوير شهادات الدبلومة الأمريكية وصدرت قرارات وقت أن كان محمد سعد، مشرفا على قطاع التعليم العام بالوزارة، والذي يتولى حاليا منصب مدير مديرية التربية والتعليم بالبحيرة، في عهد وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمود أبوالنصر بسحب تراخيص ٤ مدارس دولية لقيامها بتزوير شهادات الدبلومة الأمريكية، وقد تم تنفيذ تلك القرارات في عهد وزير التعليم الأسبق الدكتور محب الرافعي، فإنه ورغم ذلك عادت تلك المدارس إلى العمل مرة أخرى.

-----

في الحلقة المقبلة
فوضى جهات اعتماد الدبلومة الأمريكية في مصر.. شركة خاصة تسعى للسيطرة على سوق الشهادات الأمريكية.. أسرار عودة مدارس التزوير للعمل.. اجتماعات قيادات التعليم "حبر على ورق".
الجريدة الرسمية