حيثيات الحكم على بديع و103 آخرين في «أحداث الإسماعيلية»
أودعت محكمة جنايات الإسماعيلية، برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني حيثيات حكمها في محاكمة مرشد الإخوان "محمد بديع" و103 آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث عنف الإسماعيلية"، والذي قضى بمعاقبة بديع و35 آخرين بالسجن المؤبد، وأحكام تراوحت بين البراءة والسجن المشدد 15 سنة على باقي المتهمين.
وقضت المحكمة، برئاسة المستشار محمد السعيد محمد الشربينى وعضوية المستشارين سعد الدين حسن سرحان، ووائل عمر الشحات، بسكرتاريه محمد عبد الستار، بمعاقبة الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان و35 آخرين بالسجن المؤبد، ومعاقبة 9 بالسجن المشدد 15 سنة، ومعاقبة 19 بالسجن 10 سنوات، و21 آخرين بالسجن 3 سنوات، وبراءة 20 آخرين.
وبرز في حيثيات الحكم رد المحكمة على الدفع من دفاع المتهمين بإنتفاء أركان جريمة الاشتراك والاتفاق الجنائي بالنسة للمتهمين بصفة عامة، وللمتهم الأول محمد بديع يصفة خاصة، وأن خطابه التحريضي كان بعد الأحداث وليس قبلها، فإن المحكمة ترد بقول الله تعالى في الآية 29 من سورة القمر "فنادوا صاحبهم فتعاطي فعقر" والآية 48 من سورة النمل بقوله تعالى "وكان في مدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" والآية 67 من سورة هود "واخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها إلا أن ثمودًا كفروا ربهم ألا بعدًا لثمود"، فقد نزلت تلك الآيات في عقاب من ذبحوا ناقة صالح عليه السلام ولم يمتثلوا لأمر الله.
وانتقلت الحيثيات لذكر أن المشرع المصري وضع المادة 39 من قانون العقوبات على أنه يعتبر فاعلًا في الجريمة من يدخل في ارتكابها، إذا كانت تتكون من جملة أعمال ويأتي عملًا من الأعمال المكونة لها مما يدل على أن الجريمة أٌرتكبت من عدة أفعال سواء حسب طبيعتها أو لخطة تنفيذها، فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ يعد فاعلًا مع غيره ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده، إذ إن المقرر أنه مجرد وجود المتهم على مسرح الجريمة يشد من آزر المتهمين وقت إقتراف الجريمة تنفيذًا لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه يحقق مسئولية المتهمين جميعًا.
وتابعت الحيثيات بأنه كما أنه من المقرر أن الاتفاق الجنائي هو اتحاد نية أطرافه على إرتكاب الفعل المتفق عليه، ومن حق المحكمة أن تستدل عليه بطريق الإستنتاج والقرائن التي تتوافر كما أن الاتفاق على إرتكاب جريمة لا يقضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المتهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين أو تلاحق زمني بشكل معين بل هي عبارة عن سلسلة أعمال متصلة في بعضها البعض تحقيقًا للغاية، مما يمثل القصد المشترك بينهم.
وأضافت أنه يكفي أن تستخلص المحكمة ذلك الاتفاق الجنائي من ظروف وملابسات الواقعة مادام هناك ما يسوغ وقوعه بالفعل، والمحكمة في ذلك ليست مطالبة بالآخذ فقط بالأدلة المباشرة بل أنها تستخلص ذلك من كل ما يقدم اليها من قرائن وأدلة حتى لو كانت غير مباشرة، وللقاضي الجنائي مطلق الحرية في إستنتاج عقيدته من وقائع الدعوى مادام ذلك الإستخلاص لا يخرج عن الإقتضاء العقلي والمنطقي.
وأشارت إلى أنه لما كان من الثابت يقينًا للمحكمة من واقع مشاهدتها الإسطوانة المدمجة في حضور المتهم الأول محمد بديع عبد المجيد سامي، والتي حوت خطابه الذي ألقاه بميدان رابعة العدوية بالقاهرة وإقراره امام المحكمة بصحة كل ما تضمنته من عبارات "نحن ثوار أحرار هنكمل المشوار، نحن خرجنا لتحرير مصر من محاولات سرقة ثورة مصر، نحن سنبقى في الميدان حتى نحمل الرئيس محمد مرسي على أعناقنا، أنه لا بديل عن عودة الرئيس محمد مرسي ودون ذلك دمائنا وأرواحنا، هنجيبه على أكتافنا وأرواحنا فداه، سنفديه بأرواحنا وصدورنا عارية، نحن بصدورنا العارية أقوى من الرصاص، الإخوان المسلمين هي أكبر قوة شعبية متماسكة ".
وأشارت الحيثيات إلى عباراته الموجهة للقوات المسلحة "أقول للجيش أنه بعد أن يعود الرئيس مرسي للحكم سنتفاهم في كل شئ، الحكم العسكري لن تعرفه مصر بعد الآن"، إضافة لعباراته "نحن نعيد حقوق المصريين اليهم من محاولات دنيئة،الانقلاب العسكري باطل، وكل الإجراءات التي تمت باطلة، هذه الجموع تطالب بالرئيس محمد مرسي ولن نقبل فصالًا ".
ونوهت المحكمة إلى ندائه للشعب المصري وهو "وأقول لشعب مصر هيا إلى جميع ميادين مصر وأنتم ثوار أحراز هنكمل المشوار"، وأضافت انها تستدل بتلك العبارات على توافر الركن المادي لفعل التحريض في حق المتهم الأول "محمد بديع"، لأنه قال تلك العبارات على مرآى ومسمع الكافة وانه قصد من إلقاء هذا الخطاب التحريضي حث أعضاء جماعته ومؤيدوه والمنتمين اليها على استخدام العنف والقوة وإثارة الفوضى وتهديد أمن وسلامة البلاد.
وأشارت إلى أن عبارة "إفتداء محمد مرسي بالدماء والأرواح ولا بديل عن عودة الرئيس مرسي ومن دون ذلك دمائنا وأرواحنا" وتكرار تلك العبارة وما على شاكلتها من الإفتداء بدمائهم وأرواحهم وصدورهم عارية من أجل عودة مرسي، وإختتم خطابه التحريضي بـ"هيا إلى النزول لجميع ميادين مصر "، فإنه يقصد من كل هذه العبارات التحريض على استعمال القوة والعنف والتصدي للجيش المصري ولكافة سلطات الدولة ولمجابهة كل من يحول دون تحقيق مخططهم من أجل إعادة الرئيس الأسبق لحكم البلاد ولو كان ثمن ذلك الدماء والأرواح.
وأكدت المحكمة أنه لا يتصور عقلًا ومنطقًا أن يحرض ويحفز بديع أعضاء جماعته على إعادة مرسي ولو كان الثمن الدماء والأرواح دون أن يكون ذلك باستخدام كل أنواع االقوة والعنف وإراقة الدماء ومجابهة جميع سلطات الدولة.
وأضافت أن حديثه للجيش هي عبارة تدل دلالة قاطعة على إمكانية استخدام القوة والعنف ولو في مواجهة الجيش، على نحو تحققت معه معنى اشتراكه بالتحريض على كافة الجرائم التي إقترفها المتهمون حضًا منه لهم على ذلك، وما كان منهم الا السمع والطاعة، واسرعوا لإرتكاب الأحداث محل المحاكمة، فلا سند لما أثاره الدفاع من عدم توافر أركان الاشتراك بالنسبة للمتهم الأول.
وقالت المحكمة في حيثياتها أن تحريات الأمن الوطني التي عززتها أدلة الثبوت للمتهمين بأمر الإحالة، ومنهم من تم ضبطه يومي الأحداث بعد فض التجمهر وأثناء هروبهم بما ترى معه المحكمة توافر أركان الجريمة المسندة للمتهمين من جريمة حيازة أسلحة نارية "آلية وخرطوش " وأسلحة بيضاء وأدوات ما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص.
وأضاف أن تلك الجريمة ثابتة في حق المتهمين جميعًا حيث أن المقرر في الجرائم جائز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها جريمة حيازة سلاح آلي وذخيرة، فالمحكمة لها كامل الحرية أن تستمد إقتناعها من أي دليل تطمئن اليه، فإذا أقامت قضائها بثبوت الجريمة مما إستخلصته من شهادة الشهود فلا تكون خالفت القانون في شئ ولا يمنع المسائلة والعقاب، عدم ضبط السلاح مع المتهم ما دام القاضي إقتنع من الأدلة أن المتهم كان يٌحرز سلاح، واستعمال السلاح في القتل أو الجرح يوجب معاقبة حامله وجميع شركائه طبقًا للمادة 43 من قانون العقوبات.
