رئيس التحرير
عصام كامل

خفافيش الفساد


عندما أتحدث إلى الناس بجميع طبقاتها الميسور الحال منهم والفقراء وحتى قاطنى القصور في مصر الجميع يشكو الغلاء والجميع يلعن الفقر ومع أننا نعيش في بلد واحد إلا ما نصوره لبعضنا البعض شىء مختلف تمامًا عن الحقيقة.


نعم هناك غلاء في أسعار السلع ولكن ألم تكن هذه سنة الحياة والتي تعود عليها الناس في كل بلاد العالم فمتى توقفت أسعار الأشياء عن الارتفاع، وكذلك لم تتوقف زيادة دخول الأفراد، ولكن المشكلة لم تكن في الغلاء ولكنها في الناس أنفسهم فكنا في زمن عندما كانت تضيق بنا الدنيا كنا نبحث عن مصدر آخر للرزق وندعمه بعمل إضافي وكنا نفكر كيف نتوافق مع قطار الغلاء الذي لم ولن يتوقف ليس في مصر فقط بل في كل دول العالم..

هناك مشكلة أخرى وهى أن طبقات المجتمع أصبحت تنظر لدخول بعضها البعض فالموظف الذي يتقاضى راتبه ولم يعمل أدنى مسئولياته الوظيفية ينظر إلى دخل فئات أخرى تتقاضى رواتب وحوافز كبيرة وأنا لا أنكر أن هناك ظلما لبعض الفئات ولكن كل ما أود أن أذكره هو نعم هناك غلاء ولكن ليس كما تحاول أن تصورها لنا بعض القنوات الفضائية وللعالم كله أن في مصر مجاعة.

هل حاول البعض أن يحارب الغلاء بالاستغناء ؟ الإجابة بالطبع لا. 

يصب الناس غضبهم الشديد على الأجور الضخمة المبالغ فيها للنجوم في المسلسلات والإعلانات ولكن بنظرة أخرى لهذه الأجور نجد أن رجال الأعمال -سواء المنتجين للمسلسلات أو أصحاب المصانع التى تنتج الإعلانات-هو من يدفع هذه الأجور، وفى الحقيقة فنحن كشعب من يعطيه هذه الأموال والمليارات عن طيب خاطر بمتابعة إعلانات شركاته وشراء هذه المنتجات ومتابعة نجوم المسلسلات والإعلانات يوميًا فنحن الشعب من صنع هذه النجوم التي لا تصنع غير الدمار نعم الدمار.. فهل شاهدت مسلسلا فحواه تغيير الخطاب الدينى؟ أو برنامجا يهتم بتغيير السلوكيات السلبية في المجتمع.

المضحك أن هولاء النجوم يريدون من الدولة أن تمول الأفلام والمسلسلات التارخية والدينية والمضحك أن معظم هولاء النجوم مازالوا موظفين في بعض مسارح الدولة ويتقاضون رواتبهم ولا يقومون بأى عمل يذكر داخل هذه المسارح.

ومن زبائن هولاء المنتجين؟ هم نحن الشعب بمعنى نحن المستهلكون لهذا الكم الهائل من البضائع فيكون المفهوم الحقيقى أن مصر بها تخمة استهلاكية وليست مجاعة كما يحاول البعض تصويرها.

نعم هناك أناس يعيشون تحت مستوى خط الفقر بأميال وهناك أناس يعيشون على امتصاص دماء أناس آخرين وهناك فساد إدارى وفساد سلوكى وأخلاقى وجشع تجار وهناك فساد وظيفى وهناك فساد شعب أيضًا نعم، فنحن الشعب نتحمل جزءا كبيرا من المسئولية ولكن يجب أن تنتبه أجهزة الدولة وأهم هذه الأجهزة هو التليفزيون المصرى، فيجب أن تتغير خريطته للبدء في التغير الحقيقى، حتى نكون مؤهلين نفسيا لمحاربة خفافيش الفساد الذين يحاولون أن يعيشوا على دمائنا نحن البسطاء.

وانتقد البعض حملة "اتبرع ولو بجنيه" لصندوق تحيا مصر وقامت الدنيا ولم تهدأ ولم أر من ينتقد دولة بحجم أمريكا بلد الحريات كما يزعمون تقلد مصر بحملة مشابهة "اتبرع ولو بدولار" فلم يقل الشعب الأمريكى إن أمريكا تشحذ من الشعب كما فعلنا نحن وفضحنا أنفسنا ونجحت الحملة الأمريكية إنما هنا في مصر قام المشككون بنشر الأخبار الكاذبة والتي تشير إلى أن هناك خسارة في مشروع هنا وهناك وأشياء كثيرة لإثارة الرأى العام وخلق ضبابية ثقافية.
فلنا الله وتحيا مصر..
ورغم كل هذا مازلت متفائلا. 

الجريدة الرسمية