نهاية جماعة الإخوان!
خلافات.. أزمات.. انشقاقات.. اضطرابات.. تصدعات.. تضارب تصريحات.. جبهات.. ائتلافات.. خلافات.. وخروج الشباب في مصر عن طاعة القيادات «الهاربة» إلى نعيم دول أوربا.. هذا حال جماعة الإخوان - المصنفة إرهابية - فالتنظيم الذي أسسه حسن البنا عام 1928، يعيش أسوأ مراحله حاليًا، رغم نفي القيادات، وتأكيدهم على وحدة الصف.
ورغم أن الأزمات الحالية لم تكن الأولى من نوعها، لكنها - هذه المرة - أشد وطأة، فعدد كبير من شباب الجماعة رفعوا راية العصيان في وجه القيادات، واتهموهم بالديكتاتورية في اتخاذ القرار بمعزل عنهم، ورغبتهم في فرض الرأي الواحد.
ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد صراعًا شرسًا بين قيادات الداخل والخارج، خاصة بعد تضييق الخناق على التنظيم عربيًا وإقليميًا، بل دوليًا أيضًا، وباتت عناصر الجماعة غير مرحب بها، ولا بأنشطتها وممارساتها في العديد من الدول التي تأويهم.
لقد سمع الشباب الخطب النارية لقياداتهم على منصة «رابعة العدوية»، عقب عزل الرئيس الإخواني «محمد مرسي»، التي كانت تدعو إلى الجهاد وحمل السلاح، فتأثروا بالفكر الجهادي، والأفكار المتطرفة، فلجأوا إلى العنف في مواجهة الدولة، فوجهت لهم الأجهزة الأمنية ضربات قاصمة، بينما القيادات يرفلون في النعيم في قطر وتركيا وغيرها من البلاد التي هربوا إليها، ما أوغر صدر عناصر الجماعة في الداخل.
كما أن انعزال القيادات عن الواقع، ومحاولاتهم فرض رأيهم بشكل صارم، تسبب في إحداث فجوة كبيرة بين «الصقور» الذين يجلسون في مكاتب مكيفة الهواء، وبين العناصر الميدانية، التي كانت تنظم فعاليات ومسيرات في الشوارع.
أضف إلى ذلك، وجود فريقين متباينين داخل التنظيم، الأول ينتهج العنف، والثاني يرفضه تمامًا.
وإذا كانت الجماعة «الأم» في مصر، أصابتها هذه الزلازل، فإن التنظيم في عدد من البلدان العربية يتعرض لنفس الزلزال.. فهناك انشقاقات في صفوف الجماعة في الأردن، وتونس، وفلسطين، وسوريا.. كما أن بعض دول الخليج، كالكويت مثلًا، تدرس حظر جميع الأنشطة الإخوانية؛ لتلحق بالسعودية التي صنَّفت الإخوان «جماعة إرهابية».
لقد سقط الإخوان في مصر، ولم يعد لهم دور يُذكر، بعد أن فقدوا قدرتهم على الحشد، وفقدوا تعاطف الشارع معهم، بعد انكشاف حقيقة منهجهم الدموي، وسعيهم إلى إسقاط الأنظمة في الدول التي يتواجدون فيها.
وبتقرير «جنكيز»، الذي أكد أن الإخوان يدعون إلى العنف والتطرف، فقد التنظيم أحد أهم حلفائه «بريطانيا»، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ولم يبق أمامهم إلا قطر وتركيا، وهما على استعداد لطرد قيادات التنظيم من أراضيهما، حال اقتضت الضرورة ذلك.
إن قطار سقوط الإخوان تحرك منذ فترة، ولكنه الآن يسير بسرعة رهيبة، وأعتقد أنه لن يتوقف إلا في المحطة الأخيرة للجماعة، والعودة بها إلى سيرتها الأولى، عندما بدأت العمل «تحت الأرض»، وشكلت تنظيمًا «سريًا» لتنفيذ سلسلة اغتيالات؛ ليقايضوا الدولة على العودة إلى الساحة من جديد، أو التلويح بورقة العنف والإرهاب.