رئيس التحرير
عصام كامل

إلى نواب البرلمان.. اللهم قد بلغت !


انتهت الانتخابات البرلمانية لمجلس نواب 2015، واكتملت معه مؤسسات الدولة الدستورية، دستور ورئيس منتخب وبرلمان منتخب بنسبة معقولة كنت أتمنى أن تكون أعلى من ذلك.. بقي أن يقوم الرئيس بتعيين الـــ 5% طبقًا للدستور من أصحاب الخبرة والكفاءة من علماء مصر وأصحاب المهارات الخاصة الذين لم يرشحوا أنفسهم في الانتخابات على أن يكون نصفهم من المرأة طبقًا لنص مادة الدستور، وفي هذا الصدد أناشد الرئيس أن تكون اختياراته –ولا أشك في ذلك– إضافة نوعية للبرلمان ترفع من مستوى الأداء والمنتج التشريعي لهذا البرلمان، وألا يلتفت الرئيس -وهذا أيضًا لا شك فيه– لأي ضغوط من أي جهة ما داخلية أو خارجية، أو بسبب الإعلام أو الرأي العام لتعيين أحد يبدو أنه محسوب عليه، فما أكثر من يدعون أنهم من رجال الرئيس، ومعظمهم يمثل عبئا كبيرا عليه، كما أتمنى أن يكون من بين المعينين رجال سياسة وإن كانوا معارضين.. فالمعارضة الحقيقية جزء أصيل من الحكم عندما يكون الهدف مصلحة البلاد العليا.


أما نواب البرلمان الذي نعول عليه كثيرًا وتنتظره مصر ليأخذ بيدها إلى المستقبل وإلى مصر الجديدة ودولة القانون والمساواة.. أقول لهم: راحت السكرة وجاءت الفكرة.. أنتم تحت رقابة الشعب وفي بقعة الضوء الساطع.. منحكم الشعب الثقة ليس حبًا فيكم ولكن حبًا في مصر، وليس تصديقا لكل عبارات الغزل الانتخابي ومداعبة المشاعر والعواطف ولكن ثقة في أن الشعب قادر على أن يحاسبكم.. أعطاكم الشعب توكيلا منه للحديث باسمه تحت القبة عن مشاكله المزمنة التي تحتاج حلولا وليس مسكنات، ولم يعطكم التوكيل لاكتساب الحصانة الشخصية والقانونية وأن تقولوا نحن نواب الأمة قولا لا عملا.. الشعب شب عن الطوق، وغادر حالة الرضاعة إلى غير رجعة فلم يعد في حاجة إلى أوصياء أو أدعياء.. الشعب أصابه الملل من لغة (الحنجورية) والصوت العالي فلا تمارسوها تحت القبة بغية الظهور والشو الإعلامي.

السكرة التي كنتم فيها لها ما لها وعليها ما عليها، وكل نائب منكم أدرى بما فعل ويعلم أن الشعب يعلم ما فعل.. في السكرة كان كل شيء قابل للحدوث، وقابل أيضًا للتغاضي عنه إلى حين.. أنتم الآن نواب برلمان مصر ولذلك مطلوب منكم الكثير، وهنا تأتي الفكرة التي بعد السكرة.. هل ذاكرتم جيدًا دوركم في البرلمان ؟ هل جهزتم أنفسكم من تسألون عندما يستعصى عليكم فهم مسألة ما قبل الدخول في جدل لا يودي ولا يجيب ؟ هل قرأتم القوانين التي تحتاج التصديق عليها ؟ هل تدركون حجم الخطر والتحديات التي تواجهها مصر والتي تواجههكم في شراكة قيادة الوطن ؟ هلي تعرفون معنى الأمن القومي ودوائره المتعددة ؟

هل ستخلعون ثياب العاطفة والخضوع لابتزاز أهل الدائرة وترتدون ثياب العقل الذي يشير للمصلحة الوطنية ؟ هل ستملكون ناصية المبادرة في توجيه الحكومة، وتملكون القدرة على كبح جماح الناخبين عندما يستلزم الأمر ذلك ؟ هل سيتوقف الردح وفرش الملايات تحت القبة وفي ردهات المجلس الموقر؟ هل ستتصالح المصالح على حساب الوطن والشعب بين النواب رجال المال ورجال رجال الأعمال أم أن عيونكم سترى الغلابة ومحدودي الدخل في التشريعات والقوانين ؟ هل ستضربون المثل للنائب الجاد الذي يرى الله فيما يفعل ويرى الوطن فيما يقرر ويشرع ؟

المسئولية جسيمة والآمال المعقودة على البرلمان عريضة، لذلك أكرر راحت السكرة وجاءت الفكرة، وانتبهوا كما تراقبون الحكومة الشعب يراقبكم ويرصد تصرفاتكم ومستعد لأن يصحح خطأه، وفوقكم وفوق الشعب الله يراقب الجميع.. اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد
m.elazizi@hotmail.com
الجريدة الرسمية