رئيس التحرير
عصام كامل

أكثر من مأزق للرئيس (2)


إن كانت الظروف الإقليمية بتداخلتها وسعى الشعوب أوقل الأنظمه الخليجية لتأمين عروشها بتحالفات جديدة قد يسبب مأزقا للرئيس السيسي فإنه لا شىء تقريبا مقارنة بالمأزق الداخلى القريب من الرجل.. أكثر من مأزق داخلى أولها افتقاد الرجل لمعارضين مخلصين همهم الوطن وليس إرضاء الرئيس أو منافقته في إطار دور المعارض المصنوع الذي كشفه رجل الشارع البسيط قبل المواطن المثقف أو المتعلم، لاحظ أن درجات الوعى عند المصريين تضاعفت فلم يعد أحد مغيبًا إلا بمحض إرادته توافقا مع مصلحته الشخصية التي تجعل من مساندته للنظام ورأسه سبيلا للترقى إن كان موظفا حكوميا، أو سبيلا للنجاح الاقتصادى والوجاهة الاجتماعية إن كان دون ذلك.


السباحة في فلك التأييد وفقط والتبرير المتواصل بحق أو دون وجه حق من مجموعة مهما كثرت فهى قليلة بالنسبة لشعب قوامه 90 مليونا، احسب كم العاطلين به، وكم الفقراء الذين لا يجدون ما يسعفهم في ظل غلاء متزايد يوميا، كم المقهورين اجتماعيا، كم الذين كانوا يأملون في تبدل أحوالهم أو حتى تحسنها مع قدوم الرئيس الذي صاحب مجيئه شعبية ضخمة لم تتحقق حتى لجمال عبد الناصر زعيم الفقراء الأوحد في مصر على مدى تاريخها القديم والحديث..

تدبر كيف يشعر هؤلاء وهم يرون الانحياز المالى صار لصالح الأغنياء وفقط في تلك المرحله خاصة أن الرئيس قدم نفسه لهم على أنه من أتى ( ليرفق بالمصريين ) ثم إذ بهم يجدون تقليلا للدعم ورفعا لسعر الدولار وخفضا لضرائب الأغنياء والمضاربين بالورصة مع ثبات في رواتب الطبقة الأدنى من موظفى مصر في الوزارات المنسية والفقيره، بعيدا عن البترول والكهرباء والهئيات السيادية والتي يبلغ عدد هؤلاء البؤساء ما يقرب من 6 ملايين موظف وموظفة يعولون أسرا كانت مستورة ولكنها بدأت في الانكشاف ودخول منحنى الإفقار اليومى.

كل هؤلاء يمثلون مأزقا حقيقيا للرئيس الذي وعد أنه لن يرفع الدعم قبل إغنائهم ومضاعفة رواتبهم لكن حدثت الأولى فقط، لكن من هؤلاء من لديه أمل في الرئيس وأعطاه بعض العذر منتظرا الدخل القادم من مشروع قناة السويس الجديدة وهذا نفسه مأزق في حد ذاته...كيف ذلك ؟!

لا أحد يعرف بالضبط الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع الذي استدانت الدولة بسببه 64 مليارا من الجنيهات المصرية من بقايا الطبقة الوسطى والفئة الأعلى دخلا فيها، الجميع ينتظر هذا المشروع على أحر من الجمر والجميع يتمنى نجاحه لإدخال العملة الصعبة التي تعانى الدولة شحا في مصادر دخولها وتعانى أيضا سفها وحماقة في أوجه صرفها للسادة تجار الوطن الذين يستوردون السلع الترفيهية والخمور الفاخرة وطعام الكلاب والقطط بدولارت شقى المصريين في الخارج من أجل إرسالها للوطن لشراء أساسياته وليس لرفاهية كلابه وقططه !

إن نجح مشروع القناة الذي نتمنى جميعا نجاحه ونجاح الرئيس في أي مشروع وطنى، فإن المواطن المتلهف لتحسين أوضاعه لن يصبر على مزيد من الضرائب أو رفع أسعار الكهرباء وتخفيض الدعم الذي كان يساعده على البقاء مستورا أمام خلق الله، وإن لم يحقق، لا قدر الله، الدخل المرجو منه فلن يفلح تبرير أصحاب الدكاكين الفضائيه مهما صرخوا أو اختلقوا من أعذار لهم..

لذا كان من الضرورى مصارحة الشعب بجدوى هذا المشروع والتدرج المالى المأمول منه وطبيعة التجارة العالمية وعمق القناة الجديدة وقدرتها على استيعاب سفن عملاقة لا تمر من القناة الأصلية لكن رغم كل ذلك فنحن نأمل خيرا لكن خيرا تطبيقيا له آثاره الواضحه على حياة المصريين عامة والفقراء عامة أيضا لأن أغلبيتنا فقراء.

إن الفضاء الكونى حاليا لا يرحم أحدا وضجيج إيقاع النفاق لا يجدى ولا يلهى وسط ذاكرة رقمية متاحة على أبسط أجهزة المحمول تسجل وتحفظ وتدون كل ما قيل في الماضى القريب أو حتى البعيد، لذا يجب على الرئيس أن يخرج من هذا المأزق الإلكترونى بتقليل وعوده للشعب ثم تحقيق وعد أو اثنين يكون لهما بعد اجتماعي، تخيل لو أن الرئيس بدلا من اعتماد زيادات مالية مثل التي حصل عليها السادة في وزارة العدل قد اعتمد تلك الزيادات لدعم الطعام للمصريين الذي لا يسمعون عن شفقة الحكومة عليهم إلا في شهر رمضان وفقط وكأنهم أحياء فقط في رمضان وموتى في بقية العام !

تخيل لو قام الرئيس بفرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء وتقليلها على الفقراء، تخيل لو أنشأ الرئيس جهازا خاصا لاسترداد الأراضى المنهوبة من عصر مبارك وقام ببيعها وتوزيعها على المحرومين في هذا الشعب.. ألن يكون هذا مأزقا حقيقيا لغيره ونجاحا مدويا له وسط الشعب الحقيقى وليس وسط السادة المنتفخين مالا وجاها ؟! تخيل لو قام الرئيس بالثورة على من أفسدوا حياتنا من عصر مبارك واستمع لنصيحة هيكل التي ذكرها منذ شهور، فالله يزع، أي يمنع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.. نتمنى ذلك.
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية