رئيس التحرير
عصام كامل

«العيدية» أبرز طقوس العيد.. استحدثها الفاطميون بتوزيع الدنانير على الموظفين.. صلاح الدين الأيوبي يأمر بوقفها.. اقتصارها في عهد المماليك على الجنود.. وتُمنَح للأطفال في مصر والسعودية والكويت

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تُعتَبر العيدية من أبرز طقوس الأعياد في المنطقة العربية، ويشعر الأطفال بفرحة كبيرة عقب الحصول عليها ويبدأون في شراء احتياجاتهم منها أو ادخارها.


ويرجع ظهور "العيدية" إلى الدولة الفاطمية، إذ خصص الفاطميون لكل مناسبة دينية رسمًا ماليًّا تُوزَّع معه العيديات النقدية والعينية، ففي عيديّ الفطر والأضحى، كان الخلفاء يوزعون على الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة العيد، مقاديرًا مختلفة من الدراهم الذهبية، مع توزيع كسوة العيد على موظفي الدولة، مصحوبة بمبالغ من الدنانير الذهب تختلف حسب رُتبهم الوظيفية.

وكانت العيدية تحظى باهتمام أكبر في عيد الأضحى، ورصد الفاطميون لرسوم العيدية عام 515 هجرية، وخلال خلافة الحاكم بأمر الله نحو 3 آلاف و307 دنانير ذهبية.

توزيع الدنانير
وتم توزيع "ذهب المعز" أيضًا كعطايا عندما يذهب الناس إلى قصر الخليفة الفاطمي؛ لتهنئته صباح يوم العيد، إذ كان الخليفة يطل عليهم من شرفة أعلى باب القصر ليفرق عليهم الدراهم الفضية والدنانير الذهبية، وعُرِفَت تلك النقود باسم "العيدية"؛ نظرًا لارتباط الحصول عليها بقدوم العيد.

ولم تتوقف الدولة الفاطمية عن منح العيدية إلا في آخر أيامها عندما اضطربت الأحوال الداخلية؛ بسبب الحملات الصليبية على بلاد الشام وأطراف مصر الشرقية.

واضطر صلاح الدين الأيوبي، لوقف "العيدية" عن الشعب، وحتى عن أصحاب الوظائف المدنية، واكتفت الدولتان الأيوبية والمملوكية بصرفها للجنود من المماليك، وبصفة خاصة في عيد الأضحى، ففي العصر المملوكي كان السلطان يقدم راتبًا للأمراء والجنود بمناسبة قدوم العيد، وفقًا لرتبة كلٍّ منهم، بحيث يحصل الأقل رتبة على عيدية أقل مما يحصل عليها الأعلى رتبة.

واسم العيدية المتداول أيام المماليك "الجامكية" وتنوعت أشكالها، فكانت تُقدَّم للبعض على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية، ولآخرين كدنانير من الفضة، كما اتخذت العيدية صورة الحلويات والمأكولات الشهية والملابس الفاخرة والبالونات والألعاب وغيرها.

وكان المسلمون يعتبرون الدنانير والدراهم هي النقود الشرعية، بينما كانوا ينظرون إلى النقود النحاسية باعتبارها عملات مساعدة تُستَخدم فقط لشراء الأشياء البسيطة؛ نظرًا للفارق الكبير بين قيمتيها الاسمية والجوهرية كنحاس رخيص.

أسماء مختلفة
ويختلف اسم العيدية من بلدٍ لآخر، ففي سوريا يُطلَق على العيدية اسم "الخرجية" ويعطيها الآباء والأمهات والأقارب للأطفال أثناء زيارتهم لبيوت الأقارب في أيام العيد.

وفي المملكة العربية السعودية، يتم تخصيص يومين من أيام العيد للعيدية بحيث يكون هناك يوم للبنين، وآخر للبنات، يُعرَفان بأيام الطلبة؛ حيث يقوم فيها الأطفال بطرق الأبواب والطلب من أصحاب المنازل في البلدة إعطاءهم العيدية، كلٌّ حسب ما يجود به وقدر استطاعته، فمنهم مَن يقدم الحلوى أو حب القريض، أو حب القمح المحموس.

أما في الكويت، فيقوم الأطفال في يوم العيد بالمرور على البيوت لأخذ العيدية، التي كثيرًا ما تكون من "القرقيعان" وهو عبارة عن خليط من المكسرات والزبيب يعطيه أصحاب البيوت.

وفي السودان يقوم الآباء والأقارب بإعطاء الأطفال قطعًا نقديةً معدنيةً تُخصَّص بالكامل من أجل أن يشتري الأطفال ما يحبون من الألعاب.

وفي عمان، يتم تبادل الزيارات بين أفراد المجتمع والأسر من قرية إلى قرية، ويتجمع الأطفال والنساء بمكان يُسمَّى "القلة" أو العيود، وهذه عبارة عن حلقة يتم فيها تبادل التهاني وإعطاء الأطفال العيدية، وكالعادة يُعِدُّ أصحاب البيوت كمية من الهدايا خصيصًا للأطفال الذين يأتون لتهنئتهم وزيارتهم.
الجريدة الرسمية