بالفيديو والصور.. قبر نبي الله "هود" يثير الجدل بين العلماء.. والأحقاف وقبيلة "عاد".. مازالت لغزا
نبي الله «هود».. «فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا»
اختلف العلماء في مكان قبر سيدنا هود - عليه السلام - فمنهم من قال إنه في حضرموت، ومنهم من أشار إلى أنه بالقرب من بئر زمزم، وثالث يشير إلى أنه في العاصمة السورية دمشق.
بينما يرى آخرون، أن قبر هود مدفون في مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف بالعراق، وبجواره قبور الأنبياء صالح ونوح وآدم، بينما يبرز رأي آخر يشير إلى أن المقام على قمة جبل مرتفع شرق مدينة جرش الأثرية، وفي قرية النبي هود المعروفة بهذا الاسم.
نسبه
هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح عليه السلام، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبد الله بن رباح بن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.. ذكره ابن جرير.
قوم عاد
قبيلة عاد قبيلة عربية كانت باليمن، وكانت منازلهم ومساكنهم وجماعتهم أرض الأحقاف، والأحقافُ هي الرمل فيما بين عُمان وحضرموت من أرض اليمن بأرض يقال لها الشِّحر، وقيل كانوا ثلاث عشرة قبيلة وظلموا وقهروا العبادَ بسبب قوتهم التي آتاهم الله إياها، فقد زادهم الله في الخِلقة والقوة، وبسَطَ لهم في أجساهم وعظامهم فكانوا طوالًا في أجسامهم وقوامهم، قيل كان أطولُهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعًا، أعطى اللهُ تبارك وتعالى قبيلة عاد نِعمًا كثيرة وافرة وخيرات جليلة، فقد كانت بلادهم ذات مياه وفيرة فزرعوا الأراضي وأنشأوا البساتين وشيدوا القصور الشامخة العالية، وكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان، وكانت أسماء الأصنام صمود، والهباء، قال الله تعالى: (ألم ترَ كيف فعل ربُّك بعاد* إرمَ ذات العماد* التي لم يُخلق مثلها في البلاد) سورة الفجر.
بعث اللهُ تبارك وتعالى إليهم نبيَّه هودًا، وكان أحسنهم خُلُقًا وأفضلهم موضعًا وأوسطهم نسبًا، فدعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وأن يُوحّدوا الله الذي خلقهم ولا يجعلوا معه إلهًا غيره، وأن ينتهوا ويكفوا عن الظلم والبغي والفساد بين الناس، ولكنهم عاندوا وتكبروا وكذبوا نبيَّ الله هودًا عليه الصلاة والسلام وقالوا: {من أشدّ منَّا قوة} (سورة فصلت/ 15)، وآمن به واتبعه أناس قليلون كانوا يكتمون إيمانهم خوفًا من بطش وظلم قومهم الكافرين المشركين.
قال الله تبارك وتعالى: {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ وقالوا من أشدّ منّا قوة أولم يروا أن اللهَ الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوّة وكانوا بآياتنا يجحدون} (سورة فصلت/ 15).
وقال الله تبارك وتعالى: {وإلى عادٍ أخاهم هودًا قال يا قوم اعبدوا اللهَ ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتقون} (سورة الأعراف/ 65)، إلا أن قومه كفروا وجحدوا توحيد الله وأنكروا رسالة هود وكذبوا ما جاء به قالوا له: إنا لنراك يا هود في سفاهة ويريدون بذلك أنك في ضلالة عن الحقّ والصواب بتركك ديننا وعبادة ءالهتنا، وإنا لنظنك من الكاذبين في قولك إني رسول من رب العالمين.. {قال يا قوم ليس بي سفاهةٌ ولكني رسول من رب العالمين* أبلغكم رسالاتِ ربي وأنا لكم ناصحٌ أمين} (سورة الأعراف/67- 68).
أي يا قوم ليس بي سفاهة عن الحق والصواب بل إني على الحق المبين والطريق الصواب، رسول من رب العالمين أرسلني إليكم فأنا أبلغكم رسالات ربي وأؤديها إليكم، وأنا لكم ناصحٌ فيما دعوتكم إليه من عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع، فاقْبلوا نصيحتي فإني أمين على وحي الله وعلى ما ائتمنني عليه من الرسالة لا أكذب فيه ولا أزيد ولا أبدل، بل أبلغ ما أمرت به كما أمرت.
واذكروا ما حلّ بقوم نوح من العذاب إذ عصوا رسولهم وكذبوه وكفروا بربهم واستمروا على بَغيهم وتكبرهم، فإنكم إنما جعلكم ربكم خلفاء في الأرض بعدهم لما أهلكهم، فاتقوا الله أن يحل بكم نظير ما حلّ بهم من العقوبة فتهلككم كما أهلكهم ويبدل منكم غيركم سنته في قوم نوح قبلكم على كفرهم وتجبرهم.
لكنَّ قوم هود قالوا: أجئتنا لنعبد الله وحده ونترك عبادة الأوثان والأصنام ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه، وقالوا له على وجه التهكم والعناد والاستكبار إن كنت صادقًا فائتنا بما تعدنا من العذاب فإنا لا نصدقك ولا نؤمن بك.
فأمسك الله عنهم المطر حتى جهدوا، وكان كلما نزل بهم الجَهد ذكَّرهم هود بدعوة الله وأنه لا ينجيهم من البلاء والعذاب إلا الإيمان والاستماع لنصائحه بالقبول، فكان ذلك يزيدهم عتوًّا وعنادًا فازداد العذاب عليهم وصاروا في قَحْط وجفاف شديدين، فطلبوا السقيا والمطر وأوفدوا وفدهم إلى مكة يستسقون لهم، فأنشأ الله سحابًا أسود وساقه إلى عاد فخرجت عليها من واد فلما رأوها استبشروا أنه سحاب مطر وسُقيا رحمة، فإذا هو سحاب عذاب ونقمة، إذ أرسل عليهم ريحًا شديدةً عاتية حملت رحالهم ودوابهم التي في الصحراء وقذفت بها إلى مكان بعيد، فدخل قلوبهم الفزع وهرعوا مسرعين إلى بيوتهم يظنون أنهم ينجون، ولكن هيهات إذ حملتهم هذه الرياح الشديدة وأهلكتهم.
ولقد نجى الله هودًا عليه السلام ومن معه من المؤمنين قال تعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ(72)} (سورة الأعراف)، وقال تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58)} (سورة هود).
وقد حجّ بعد ذلك سيدنا هود عليه السلام، كما روى ذلك أبو يعلى في مسنده، وبلاد عاد اليوم رمال قاحلة لا أنيس فيها ولا ديار، يقول بعض العلماء إنه عاش أكثر من 400 سنة.
قبر هود
هناك عدة مواقع يعتقد أنها لقبر النبي هود، نذكر منها:
مسجد في قرية مهجورة في حضرموت، نحو 140 كم شمالًا من المكلا، ويقوم الكثير من الناس بزيارات متكررة لموقع القبر، وقد عثر في المنطقة وحول القبر على آثار قديمة ونقوش مختلفة.
يقال إن هناك موقعًا بالقرب من بئر زمزم ويعتقد أنه قبر هود.
وفي دمشق يقع قبر هود في جهة الجدار الجنوبي من المسجد، بالإضافة إلى الاستناد إلى بعض أهل العلم، أن المسجد المذكور في دمشق يوجد فيه نقش، يقول: "هذا هو قبر هود"، والبعض الآخر يشير إلى أن هذا الاعتقاد هو مجرد تقليد لدى السكان المحليين نظرًا لقداسة هود لديهم.
ويرى آخرون أن قبر هود مدفون في مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف بالعراق، وبجواره قبور الأنبياء صالح ونوح وآدم.
أو يقال إن المقام على قمة جبل مرتفع شرق مدينة جرش الأثرية وفي قرية النبي هود المعروفة بهذا الاسم؛ نسبة إلى سيدنا هود عليه السلام والطريق إليه ضيق ومتعرج ذو ارتفاع حاد.
يتكون البناء من غرفة مساحتها 16 مترا مربعا، يعلوها قبة وأرضيتها مفروشة بالسجاد والحصر، ومساحة قطعة الأرض الكلية 160 مترا مربعا تحيط به مقبرة، وفي الجهة الشرقية منه كهف قديم مظلم.
