رئيس التحرير
عصام كامل

منظمات حقوقية توثق عمليات التعذيب داخل السجون في عهد «العادلي».. سجناء سياسيون: لم نكن نرى الشمس حتى تساقطت أسناننا.. الصعق بالكبلات والشرب من الترع وقضاء الحاجة في أكياس.. ينادوننا بأسماء ا

18 حجم الخط

استطاع اللواء حبيب العادلي الذي ورث الجهاز الأكثر تمددا وتعقيدًا في مصر، أن يؤسس لإمبراطوريته الأمنية كواحد من أقوى رجال نظام مبارك ليس على مستوى القبضة الأمنية فقط ولكن من خلال عمليات التعذيب الممنهج الذي كان يتبعه داخل السجون وأقسام الشرطة وكانت الأعوام الـ 14 التي تولى فيها العادلى الوزارة الأكثر تطورًا ودموية في استخدام وسائل التعذيب.


شهادات سجناء
وحسب شهادات أشخاص تعرضوا للحبس، وتقارير عدد من المنظمات الحقوقية، فقد شهدت مصر طوال 14 عامًا هي مدة تولى حبيب العادلى حقبة الداخلية، حالات كثيرة من التعذيب والانتهاكات داخل السجون وأماكن الاحتجاز.

جلسات استماع

ونظم مركز الشهاب لحقوق الإنسان، بالتنسيق مع مركز ضحايا لحقوق الإنسان، ومركز النديم لحقوق الإنسان، وجمعية بلدى لتنمية الديمقراطية، جلسة استماعية يوم 2 مارس 2011، روى خلالها نحو 50 معتقلا سياسيا من المفرج عنهم مع اختلاف انتماءاتهم التنظيمية عن عدد من الأساليب التي استخدمت معهم خلال فترة قضائهم العقوبة في المعتقلات والسجون ومقرات احتجاز مباحث أمن الدولة في عهد العادلي ورئيس مصلحة السجون الأسبق اللواء محمود وجدي.

وراء الشمس
وقال مجدي عثمان أحد المساجين المفرج عنهم خلال هذه الجلسة إنه تم القبض عليه وكان يبلغ من العمر 28 عاما ورغم حصوله على عشرات الأحكام بالبراءة وإخلاء السبيل من المحاكم إلا أنه كان يتم التحفظ عليه وإيداعه السجن وفقا لقانون الطوارئ لمدة 17 عاما متواصلة ليخرج من السجن وقد تجاوز عمره 45 عاما.

أضاف أن إدارة سجن أبي زعبل لم تسمح لهم بالخروج لمشاهدة الشمس وهو ما أدى إلى تلاشى الكالسيوم من الجسم ووقوع الأسنان فضلا عن أمراض لين العظام ما أفقد الكثير منا القدرة على السير.

التعذيب الممنهج

وتابع: كان يتم تعذيبنا داخل الزنازين بالضرب المبرح في كثير من الأحيان، مع وضع المساجين بزنازين ضيقة منعدمة التهوية فضلا عن عدم وجود إضاءة داخل الزنازين، ولا يسمح لنا بالشرب إلا من مياه الترع وهو ما يدفعنا إلى تصفيتها أكثر من 7 مرات لإزالة الطين منها إلا أن رائحتها لا تزول ولونها.

معاملة الأسرى
كما كان لا يسمح لنا بالخروج لقضاء الحاجة في حمامات السجن فكنا نقضى حاجتنا في "أكياس" ونتيمم لنصلي، فيما يتم إجراء تفتيش يومي كل صباح بإخراجنا من الزنازين لنقف صفا واحدا وجوهنا إلى الحائط مثلما يتم التعامل مع الأسرى في الحروب ويتم تفتيشنا ذاتيا بشكل مهين ثم يتم سرقة كافة محتويات الزنزانة من قبل المخبرين".

الصلاة بالعصابة

فيما روى محمد إسماعيل عبد الغنى الذي سجن لقرابة 20 عاما منذ عام 1981 خلال جلسة الاستماع هذه: رأينا أهوالا داخل سجن الوادي الجديد بعد أن تم إجبارنا أكثر من 10 مرات على الخروج من الصلاة "، وأنه داخل مقر أمن الدولة "لاظوغلي" المقر الرئيسى السابق لجهاز مباحث أمن الدولة تعرض مئات المحتجزين للتعذيب الوحشي، فكنا نصلي ونحن معصوبو الأعين وحينما قام أحد المسجونين بخلع العصابة عن عينه وجدنا أنفسنا نصلى كل في مواجهة زميله وليس باتجاه القبلة من الأساس، وكنا نتعرض لتعذيب نفسي وبدنى عنيف بداية من حلق شعر الرأس والوجه والجسد كله وتركنا عرايا لفترات طويلة وضربنا وتعذيبنا بآلات حديدية.

وتابع أن ضباط مباحث أمن الدولة كانوا يجبرون المعتقلين على السير كالحيوانات على أيديهم وأرجلهم كما أجبروهم على قضاء حاجتهم كما تقوم الحيوانات بإخراج فضلاتها، فضلا عن إطلاق أسماء نساء علينا.

مهندس التعذيب
وفى نفس الجلسة أكد مجدي محمد موسى أحد المسجونين منذ عام 1990 وحتى عام 2007 أن اللواء محمود وجدي رئيس مصلحة السجون في عهد «العادلي»، هو مهندس عمليات التعذيب التي كانت تحدث في السجون المصرية، لافتا إلى أن المئات من القتلى سقطوا داخل السجون خلال رئاسته للمصلحة، وقال: كنا 47 معتقلا سياسيا، مات منا 8 وأتذكر الضابط وليد فاروق النادي الذي كان يتولى تعذيبنا وكان يشترط علينا أن نتجرد تمامًا من ملابسنا وكنا بالتالي لا نصلى لأن عورتنا متكشفة، وكانت إدارة السجن تعطينا "بدلة خيش" كل عام، والـ48 سجينا فقدوا أسنانهم جميعًا بسبب عدم وجود ملح في الطعام أدى إلى نقص الكالسيوم.

وأضاف: كنت في عنبر 5 زنزانة انفرادي وضابط السجن فتح لي الزنزانة وقال لي "ادخل الزنزانة إللي جنبك وخلى زميلك يفك الإضراب عن الطعام إللى عمله لأن مفيش حاجة عندنا بتجيب نتيجة معاه" فدخلت الزنزانة المجاورة لي ووجدت سجينا ملقى على الأرض وبدون ملابس تمامًا فقلت له لماذا أنت مضرب عن الطعام فقال لي، كنت مريضا فطلبت من إدارة السجن علاجا فأعطوني ولكن العلاج كان ليس علًاجًا لمرضي ولكنه كان منوما، ثم قام ضباط السجن بإدخال الجنائيين فاعتدوا على فقررت أن أضرب عن الطعام وبعدها بلحظات فارق الحياة.

كما أتذكر السجين "خالد كمال أبو المجد" الذي توفى أيضًا بعدما اعتدوا عليه وأضرب عن الطعام حتى الموت، والسجين "أحمد عبد الرحمن" الذي كان يعانى من مرض البواسير وظل ينزف لمدة 3 سنوات دون علاج حتى مات بالجفاف فرأيت من نظارة الزنزانة العساكر وهم يحملونه في بطانية ثم إلى ثلاجة الموتى.

29 حالة
وفى 14يوليو 2010 أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تقريرا أوضحت خلاله أنها رصدت 29 حالة تعذيب داخل السجون المصرية خلال عام 2009، كما رصد 74 حالة انتهاك لحقوق الإنسان داخل السجون.

وفى عام ٢٠٠٤ وقع حادث تفجيرات دهب وشرم الشيخ، الذي قال تقرير صادر عن مركز الحرية والدعم الديمقراطى حينها أنه سجن على إثره آلاف من المشتبه بهم، ونقلوا إلى سجن طرة وقضوا به أكثر من عامين دون إثبات أي تهم، وذاقوا ألوانا متعددة من التعذيب، حتى دفعهم الأمر لتنظيم إضراب عام ٢٠٠٦، كما نشرت منظمة العفو الدولية معلومات تفيد أن عددًا من المساجين الجدد تعرضوا للصعق بالصدمات الكهربائية، ولعدد من أشكال التعذيب والمعاملة السيئة بجانب الحبس الانفرادى لسنوات.


الجريدة الرسمية