رئيس التحرير
عصام كامل

الحلم الصعب.. شرق أوسط خال من الأسلحة النووية!


نعيش هذه الأيام الأسبوع الثالث من مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لعام 2015 والذي يعقد في نيويورك، وهي المعاهدة التي وقعتها الدول النووية الخمس الكبرى وانضمت لها الدول غير النووية عام 1969 من أجل منع انتشار الأسلحة النووية وتقوم على ثلاث ركائز أساسية تشمل نزع السلاح ومنع الانتشار النووى والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. وتعقد مؤتمرات المراجعة لها كل خمس سنوات.


يعتبر مؤتمر هذا العام 2015 نقطة فاصلة بالنسبة للمعاهدة في حد ذاتها وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط خاصة بعد عدم عقد المؤتمر الدولي لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط والذي كان من المقرر عقده عام 2012، وعدم تحقق أي تقدم يذكر في هذه المنطقة على مدى أكثر من أربعة عقود.

فتمثل المعاهدة الآن في مؤتمر المراجعة التاسع أمام أعضائها لإعادة التقييم وتصحيح المسار حيث إن المعاهدة من وجهة نظر الدول النووية الكبرى حققت لها مصالحها في الاحتفاظ بالقدرة النووية ومنع أي دول أخرى من حيازتها أو امتلاكها ومن ثم الحفاظ على الوضع الراهن، وبالنسب للدول غير النووية فإن المعاهدة تمييزية تقسم الدول إلى نوعين من الدول دول حائزة للسلاح النووي ودول غير حائزة له ولن تمتلكه. فضلا عن عدم اتخاذها مواقف لحث دول مثل إسرائيل، وباكستان والهند على الانضمام للمعاهدة.

وقد تمثل الموقف المصري والعربي في التأكيد دوما على عالمية معاهدة منع الانتشار النووى وضرورة انضمام جميع دول العالم دون استثناء وعدم قبول وجود دول خارج المعاهدة بما يمثل خرقا لمبدأ عالمية المعاهدة، بمـا في ذلـك انـضمام إسـرائيل إلى المعاهـدة في أقـرب وقـت ممكـن بوصـفها دولـة غـير حائزة للأسلحة النوويـة، وإخـضاع جميـع مرافقهـا النوويـة للنطـاق الكامـل لـضمانات الوكالـة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك تأكيد المرتكزات الثلاثة لمعاهدة منع الانتشار وضرورة الالتزام الدولى بها.

وبالنسبة للدول العربية، فإن جميعها انضمت للمعاهدة كأعضاء ملتزمين بكل ما تقضيه المعاهدة من التزامات واستحقاقات كنوع من اظهار حسن النية، ووافقت الدول العربية على المد اللانهائي للمعاهدة في عام 1995 مقابل إصدار قرار بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، والذي تبعه إصدار مؤتمر مراجعة المعاهدة لعام 2010 آلية لتنفيذ قرار الشرق الأوسط لعام 1995 من خلال عقد مؤتمر دولي لإنشاء المنطقة الخالية في الشرق الأوسط عام 2012 وتعيين ميسر لهذا المؤتمر، وهو ما لم يعقد بل أجلته الولايات المتحدة -منفردة -بدعوى أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط غير مستقر لعقد هذا المؤتمر، وبالتالي لم تلتزم الدول المودع لديها المعاهدة بتنفيذ التزاماتها تجاه الشرق الأوسط.

ومع كل التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط من انهيار دول وفوضى وظهور جماعات إرهابية كأدوات في يد أطراف خارج المنطقة لها أهدافها، فضلا عن استمرار التهديد الذي يمثله البرنامج النووي الإسرائيلي الغامض، تظل عملية إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط مسألة مهمة بل ازدادت أهميتها لتحقيق استقرار هذه المنطقة خاصة مع احتمال أن تمتلك الجماعات الإرهابية أسلحة نووية بل أسلحة دمار شامل.

وقبل نهاية أعمال المؤتمر في 22 مايو الجاري أمام مصر والدول العربية طريقتان من أجل السعي لتحقيق هدف إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية إما أن تطالب مؤتمر المراجعة من جديد بالالتـزام القـاطع بإنشاء المنطقة الخالية في الـشرق الأوسـط من خلال أن يقرر المؤتمر عقـد مـؤتمر دولي فورا بعد انتهاء أعمال مؤتمر المراجعة مـن أجـل البـدء بمفاوضـات تشارك فيها جميع دول الشرق الأوسط بـهدف إنـشاء المنطقـة الخاليـة من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وهو الحد الأدنى للحفاظ على مصداقية المعاهدة أمام أعضائها مع الالتزام بتنفيذ هذه الآلية تحت إشراف الأمم المتحدة.

ثانيا التهديد بانسحاب مصر والدول العربية اوالانسحاب فعلا من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والمضي قدما نحو تطوير برامج نووية لامتلاك القدرة النووية خاصة أن المنطقة العربية سوف تشهد ظهور مفاعلات طاقة نووية في المستقبل القريب وسيتوقف مستقبل برنامج كل دولة على مدى الجدية ومستوى الكفاءة التي ستدير بها شئونها النووية في الفترة القصيرة القادمة.
الجريدة الرسمية