رئيس التحرير
عصام كامل

عمار الشريعي.."امسكوا الخشب"

عمار الشريعي
عمار الشريعي

بألحان صافية وموسيقي عزبة وصل إلى القلوب مباشرة، ملأ كفيه نغما ونثرها على محبيه ألحانا، فما بين أحزان الناي، وصفاء الاكورديون، والأورج الحاد طرق على أبواب قلوب الجميع، ووجد ترحابا وقبولا بل وسكني في نفوس الكثيرين من عشاق الموسيقي.


لم يكن عمي النظر عائقا أمام غواص بحر النغم، فقد منحه الله جمال البصيرة التي بها استطاع التنقل بين آلة أخرى كفراشة بين الزهور، حتى برز نجمه كواحد من ألمع الموسيقيين العرب.

نشأ عمار الشريعي في عائلة أرستقراطية بمركز سالموط بمحافظة المنيا، حبه في القرآن جعله يحفظ 5 أجزاء رغم ظروفه العصيبة، ونغمة قراءته ساهمت في إضرام موهبته، وهو ما لاحظه المقربون له، وأسرع والده بشراء أورج صغير لتبدأ أولى خطوات السلم الموسيقي تولد داخل الفتى الكفيف.

في السادس من أبريل عام 1948 فتح الطفل عينيه ليجد نفسه لا يرى من جمال الدنيا شيئا، لكن نور البصيرة قاده للقرآن وحفظ من الأجزاء خمسة، تلاوته شدت والده الذي اشتري بيانو للعزف عليه، لم يعرف ذلك الفتي معني اليأس فبجوار الموسيقي كان سباحا ماهرا، وخلال فترة الدراسة تعرف على الموسيقار كمال الطويل وتبناه، ثم تعرف على الموسيقار بليغ حمدى ورأس فريق الموسيقى وعمل مع الكثير من الفرق الموسيقية بعدها.

تلقى علوم الموسيقى الشرقية على يد مجموعة من الأساتذة الكبار بمدرسته الثانوية في إطار برنامج مكثف أعدته وزارة التربية والتعليم خصيصًا للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى. خلال فترة دراسته، وبمجهود ذاتي، أتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود ثم أخيرًا الأورج.

بدأ حياته العملية عام 1970 م عقب تخرجه من الجامعة مباشرةً كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم تحول إلى الأورج حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله، واعتبر نموذجًا جديدًا في تحدى الإعاقة نظرًا لصعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار.

اتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقى حيث كانت أول ألحانه "امسكوا الخشب" للفنانة مها صبرى عام 1975 م، وزادت ألحانه عن 150 لحنًا لمعظم مطربي ومطربات مصر والعالم العربى.

تميز في وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات والتي نال معظمها شهرة ذائعة، وحصل العديد منها على جوائز على الصعيدين العربى والعالمي.

كون فرقة الأصدقاء في عام 1980 م، والتي كانت تضم منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق وقد حاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة وخلق غناء جماعي حيث يتصدى لمشاكل المجتمع في تلك الفترة.

اهتم اهتمامًا كبيرًا بأغانى الأطفال فقام بعمل أغانى احتفالات عيد الطفولة تحت رعاية السيدة سوزان مبارك لمدة 12 عامًا متتالية، وشارك في هذه الأعمال مجموعة من كبار الممثلين والمطربين مثل عبد المنعم مدبولى، نيللى، صفاء أبو السعود، لبلبة، عفاف راضى.

أولى اهتمامًا كبيرًا لاكتشاف ورعاية المواهب الجديدة مثل منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق، هدى عمار، حسن فؤاد، ريهام عبد الحكيم، مي فاروق، أجفان الأمير، آمال ماهر، وحديثًا أحمد على الحجار، سماح سيد الملاح.

تولى منذ عام 1991 م وحتى عام 2003 وضع الموسيقى والألحان لاحتفاليات أكتوبر التي تقيمها القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع وزارة الإعلام والتي تعتبر ذروة احتفالات جمهورية مصر العربية بانتصارات أكتوبر والتي قام تحت رعاية وحضور الرئيس المصري السابق محمد حسنى مبارك.

"الموت والاستشهاد عشانها ميلاد، وكلنا عشاق ترابها النبيل"، كانت آخر ألحان الشريعي، وبعدها أسدل الستار على حياته ظهر الجمعة 7 ديسمبر 2012.
الجريدة الرسمية