رئيس التحرير
عصام كامل

المؤسسات الدينية تنتفض ضد تظاهرات «رفع المصاحف». أحمد الطيب يصفها بـ«الدعوة إلى جهنم».. «الأوقاف» تحرم المشاركة فيها.. و«الإفتاء»: «عقم فكري».. ورئيس

اجتماع شيخ الأزهر
اجتماع شيخ الأزهر -صورة ارشيفية

بعد أن أعلنت الدعوة السلفية، عن نيتها تنظيم مظاهرات في ال28 من نوفمبر الجارى، ورفع المصاحف، للمطالبة بإسقاط النظام، انتفضت المؤسسات الدينية الممثلة في "الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية"، ضد تلك التظاهرات، التي وصفوها بأنها إعادة للفتنة التي حدثت في عهد الإمام على رضى الله عنه، مشددة في الوقت نفسه على أنها ستتصدى لتلك الدعاوي المخربة، من خلال القوافل الدينية التي ستجوب الجمهورية كلها.


وأكد الأزهر الشريف أنه في خِضَمِّ الأحداث التي تُحيط بالمجتمع المصرى وبالدين الإسلامى، فإن تظاهرات رفع المصحف، ماهى إلا دعوة إلى جهنم.

تمزيق الأمة
وأضاف في بيان له "نحن في ظلِّ فتن يتولَّى كبرها أناسٌ تخصَّصوا في الاتجار بالدِّين، وتفنَّنوا في تمزيق الأمَّة شِيَعًا وأحزابًا باسم الشريعة المظلومة أحيانًا، أو التوحيد المُفتَرى عليه أحيانًا، أو الإسلام الذي شوَّهوه أحيانًا أخرى".

وأوضح أن دعوات رفع المصاحف في تظاهرات 28 نوفمبر، التي دعت إليها بعض الجبهة السلفية، ليست إلا إحياءً لفتنةٍ، كانت قد قصَمت ظَهرَ أمَّةِ الإسلام ومَزَّقتها من قبل، وما زالت آثارُها حتى اليوم.

إتجار بالدين
وذكر البيان: "هذه الدعوة ليست إلا إتجارًا بالدِّين وإمعانًا في خِداع المسلمين باسم الشريعة وباسم الدِّين، فهي دعوةٌ إلى الفوضى والهرج، ودعوةٌ إلى تدنيس المصحف، ودعوة إلى إراقة الدماء، قائمة على الخداع والكذب، وهو ما حذَّرَنا منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أربعة عشر قرنًا، فقد روى أحمدُ وابن حبان في صحيحه وابن ماجة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ، قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: الْقَتْلُ"، هذا نفس ما يدعو إليه هؤلاء، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ، وَلا يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ"، وهذا هو فعلُ الخوارج، والخوارج كما قال، صلى الله عليه وسلم، هم "كلابُ أهل النار"؛ رواه أحمد وابن ماجة.

وأضاف أيضًا: "التظاهرات برفع المصحف دعوةٌ إلى جهنم، ودعاتها دُعاة إلى أبواب جهنم، مَنْ أجابهم إليها قذَفُوه فيها، وقد بيَّنَهم لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عندما سأله الصحابي الجليل حُذَيفة بن اليمان عن الشر مخافة أنْ يُدرِكَه فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم؛ دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها، قلت: يا رسول الله، صِفْهُم لنا؟ قال: هم من جِلدَتِنا، ويتكلَّمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم".

الأزهر هذه خيانة للدين والوطن
وشدد الأزهر في بيانه على أنَّ هذه الدعوة في الوقت الذي تقودُ فيه مصر حربًا حقيقيَّةً في مواجهة إرهابٍ أسود في سيناء من جماعاتٍ مدعومةٍ بالسلاح والتمويل والمعلومات، خيانةٌ للدِّين والوطن والشعب.

وأكدت وزارة الأوقاف، على حرمة المشاركة في هذه التظاهرات الآثمة، وعلى إثم من يشارك فيها من الجهلة والخائنين لوطنهم ودينهم.

وأضافت الوزارة، أنه من صور الإفساد تلك الدعوات المغرضة التي أطلقها بعض الحاقدين بالدعوة إلى الخروج يوم 28 نوفمبر مع رفع المصاحف.

تحذير الأوقاف
وأوضحت الأوقاف في بيانها حول هذا الشأن "نقول لهؤلاء محذرين من الاستجابة لدعوتهم، هذه فعلة الخوارج، فما أشبه الليلة بالبارحة، لقد صنع الخوارج هذا الصنيع، وخرجوا على سيدنا على بن أبى طالب، ورفعوا المصاحف ثم كفروه، وهو من هو، رضى الله عنه، وكانت فتنة عظيمة سفكت فيها الدماء ونهبت الأموال، وتحول رفع المصاحف إلى رفع السيوف وقتل الآمنين". وحذرت الوزارة، من رفع المصاحف، وقالت، "الشريعة تدعو إلى تعظيم شأن المصحف، وصيانته عن كل ما لا يليق به، فكيف بالمصحف الشريف حين يحدث الهرج والمرج، فإنه من المؤكد أنه ستسقط بعض المصاحف على الأرض في الاحتكاكات بينهم والمعارضين، وربما تهان بالأقدام، وهذا بهتان عظيم إثمه، وإفكه على كل من دعا إليه أو شارك فيه". وهاجمت الوزارة، في نص الخطبة، من وصفتهم بأنهم يرفعون ظلمًا وخداعًا شعار "الشريعة"، وأشارت إلى أن هذه الدعوات التي يرفعونها قد تؤدى – مالم ننتبه لها - إلى فتن عظيمة وتدمير وتخريب وزعزعة لأمن الفرد والمجتمع. وشددت على أن إقحام الدين في السياسة، والمتاجرة به، لكسب تعاطف العامة إثم عظيم، وذنب خطير، وقالت، "يكفى ما أصاب الإسلام من تشويه صورته في الخارج والداخل، على يد ولسان بعض المنتسبين إليه".

من جانبه، أعرب الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، عن اعتراضه على أسلوب المساومة السياسية الذي تحاول بعض التيارات المحسوبة على الإسلام السياسي الزج بفصيل من المصريين في أتونه، رغبة في مكاسب سياسية "يستحيل تحقيقها"، واصفًا في تصريحات صحفية الدعوة التي أطلقها بعض الأشخاص برفع المصاحف يوم ٢٨ نوفمبر الحالي بأنها تكشف عن عقم فكري وشطط في الاستدلال والنتائج..

وأضاف: تلك الدعوة تناقض سنن السلوك المصري الذي لا يلتفت للخلف، ولا ينظر إليه سوى للعبرة واستلهام القوة الدافعة للبناء المستقبلي، ووصف نجم دعوة تظاهرات المصاحف بأنها دعوة مشبوهة وخلط صريح بين الدين وأغراض سياسية، وردة تاريخية إلى أساليب أثارت لغطًا تاريخيًّا في فترة ظهور الخوارج.

وقال مستشار المفتي، إن مثل هذه الأفعال لن يجني فاعلوها من ورائها سوى كره ومقت المجتمع لهم ولأفعالهم، مشددًا على أن واجب الوقت الآن هو التكاتف والتعاون في قضايا البناء والتنمية.

وحذر مستشار مفتي الجمهورية التيارات التي تدعي الانتماء للإسلام من اللجوء إلى الشعارات الدينية من أجل مكاسب سياسية رخيصة، مشددًا في الوقت ذاته على أن الدستور والقانون يكفلان حرية الرأي الملتزمة والمنضبطة والبعيدة عن استدعاء تعاليم الدين السامية في الحراك السياسي والحزبي.

وأكد الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر، أن التظاهرات التي دعت إليها الجبهة السلفية في 28 نوفمبر الجاري، برفع المصاحف، ما هي إلا محاولة لإيجاد الفتنة من جديد، محذرا الشعب المصرى من الانجرار وراء تلك الدعوات الهدامة.

وأضاف "عزب"، في تصريحات لـ"فيتو"، مساء اليوم الجمعة، أن "تلك الفرق الضالة، لا تفكر بعقولها، وتريد حكم المجتمع بالقوة"، منوها إلى أنهم مشاركون في المؤامرات التي تحاك ضد مصر، من أعدائها في الداخل والخارج.

وشدد عزب، على أن الأزهر سيقف وعلمائه، ضد تلك الدعوات وما يشابهها، وسيوضح للناس مخططات تلك الجماعات المتطرفة.
الجريدة الرسمية