رئيس التحرير
عصام كامل

حمزاوي.. لماذا لا ترى كل تفاصيل الصورة؟


كتب عمرو حمزاوي مقالا في جريدة الشروق بعنوان (لماذا لا تجرون الخط على استقامته؟) والحقيقة أنني لا أعرف تحديدا إلى من يوجه كلامه؛ حيث بدأ كل فقرة من مقاله بـ (استدعيتم، تصدرتم، تركتم، تابعتم، وما كان منكم، الآن تقولون، شكر الله سعيكم)..

هل يوجه حديثه للشعب الذي خرج في 30 يونيو؛ حيث يتهمهم بالانقلاب على الشرعية الدستورية والإجراءات الديمقراطية في 3 يوليو، أم أنه يوجه كلامه للسلطة السياسية الحاكمة الآن بفعل إرادة شعبية كاسحة، أو يوجه كلامه إلى النخبة الفاشلة التي ترى ما جرى في 30 يونيو (فوتوشوب) وما حدث في 3 يوليو خروجا عن المسار الديمقراطي؟!

عموما سأعتبر أنه يوجه كلامه في الفضاء الذي يرى فيه ومن خلاله ما لا نراه، أو يوجه كلامه للشعب المصري، لكن قبل ذلك علينا أن نعترف بالخديعة التي وقعنا فيها عندما صدق أهل دائرة مصر الجديدة حديثه السياسي وانتخبوه ممثلا لدائرتهم في البرلمان المنحل (برلمان الإخوان)، فقد كانت المرحلة أصعب من أن يدرك الكثيرون تفاصيلها المرعبة التي خرجت الآن إلى النور ولم يعد منطقيا أن نتحدث عن مؤامرة بعد أن تحولت إلى واقع مشهود، ورغم ذلك ما زال عمرو يتحدث عن انقلاب 3 يوليو ويتحدث عن هيمنة المكون العسكري والأمني على شئون الحكم، وعن الترويج لحكم الفرد، وعن انهيار النخبة الحزبية بفعل فاعل لا يريد لهذا الوطن أن يتقدم ديمقراطيا، ويتحدث عن أشياء أخرى في المقال!

الحقيقة أن حمزاوي طلب أن نجر الخط على استقامته وأنا أطالبه بأن يرى الصورة بكل تفاصيلها ولا يأخذ منها فقط ما يريد ويترك الباقي لأنه لا يتفق مع رؤيته الغربية التي جاء يروج لها في مصر، عمرو يرى عنفا مفرطا من السلطة في فض المظاهرات ولا يرى ما تفعله أمريكا وبريطانيا عند فض المظاهرات، ولم يسمع ديفيد كاميرون - رئيس وزراء بريطانيا - وهو يتحدث عن الأمن القومي البريطاني وحقوق الإنسان في بريطانيا، وهو القادم من بلاد الغرب متعلما وممارسا ومتزوجا!!

حمزاوي أستاذ العلوم السياسية والباحث في معهد كارنيجي الأمريكي التابع للمخابرات الأمريكية، لايجرؤ أن يحدثنا عن حال العراق بعد تطبيق الديمقراطية هناك منذ أكثر من عشر سنوات، ولا عن الحال في سوريا بعد أن هبت عليها نسائم الربيع العربي الذي يروج له في كل مناسبة، ولا عن الحال في اليمن التعيس بعد الثورة، ولا عن ليبيا التي وقعت في براثن الإرهاب والتقسيم بفعل الناتو الغربي الأمريكي الذي يريد نشر الديمقراطية والعدالة فسلم المنطقة للإرهاب والفوضى المدمرة!!

حمزاوي أستاذ العلوم السياسية الذي تحول إلى ناشط سياسي بعد أن هبط بسلام في ميدان الثورة التي تحولت لمؤامرة لا يرى في مصر غير انقلاب وهيمنة عسكرية وأمنية على السلطة، نسى وتجاهل عن عمد أن 3 يوليو هي مطلب شعبي تحقق من خلال قوى سياسية عبرت عن هذا المطلب في صورة لا تنكرها الأعين التي ترى، ونسى أن يقول لنا شكل الهيمنة العسكرية على السلطة ولم يذكر عدد العسكريين في الحكومة المدنية التي تحكم باستثناء وزير الدفاع، ونسى أيضا أن يحكي لنا - كما يحب في إطلالاته التي حرمنا منها على الشاشات - شكل الهيمنة الأمنية إلا إذا كان لا يعلم أن البلد تعاني من الإرهاب والتطرف، أو أنه لديه طريقة مبتكرة لمواجهة القتل والإرهاب عن طريق المحاضرات والندوات التي يجيدها!!

يا سيد عمرو من حقك أن ترى ما تراه، ولكن ليس من حقك أن تفرض ما تراه على الشعب المصري، وإذا أردت أن ترى مصر فلترها بكل تفاصيلها وتحدياتها ومشاكلها ولترَ الصورة كاملة، وإذا أردت المقارنة بالغرب فلتكن المقارنة أيضا كاملة حتى لا يصيبك الحول وتخطئ التقدير كما أخطأت، أما الحديث عن النخب الحزبية وأنت واحد منهم فسبب فشلها يعرفه الجميع إلا أنتم للأسف!
الجريدة الرسمية