رئيس التحرير
عصام كامل

السفيرة جيلان علام: القاهرة تتعامل مع الإدارة الأمريكية وفقا للثوابت المصرية

السفيرة جيلان علام
السفيرة جيلان علام مساعد وزير الخارجية الأسبق
في محاولة لاستشراف رؤية الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لمستقبل تناول الولايات المتحدة تحت رئاسته اعتبارا من 20 يناير 2021 لقضايا دول الشرق الأوسط
قالت السفيرة جيلان علام مساعد وزير الخارجية الأسبق: إن السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن، وفقا لتصريحاته المتعددة، سترتكز إلى ثوابت سياسة فترة حكم أوباما/ بايدن 2009-2016 التي شغل فيها بايدن منصب نائب الرئيس الأسبق أوباما، واستنادا إلى ذات المنظور أن أمريكا يجب أن تقود.

 
وأضافت علام أنه نظرًا لأن هناك عناصر واقع جديد فرضت نفسها على العالم وعلى الشرق الأوسط، فإن الرؤية الأمريكية تتطلب مراجعة من جانب الرئيس المنتخب بايدن وإدارته لفكر وأدوات منظور سياسة أن أمريكا يجب أن تقود.. لا أنه رغم أن إعادة النظر مطلوبة ومتوقعة من إدارة بايدن، فلا يتوقع أن يلغي أو يمس بايدن المكاسب الهائلة التى أسبغها سلفه ترامب على إسرائيل، سواء الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله للسفارة الأمريكية للقدس والدفع نحو عقد اتفاقيات سلام وتطبيع مع عدد من الدول العربية حيث أن هذا النهج سيستمر لأنه يدعم أمن واقتصاد إسرائيل التي لها دائما وأبدا الأولوية في السياسة الأمريكية.. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فلن يحمل الموقف الامريكي بطبيعة الحال مسمى صفقة القرن، لكنه، ما لم تقبض القيادة والعناصر الفلسطينية على زمام الأمور وحقوقها المشروعة والمعترف بها دوليا من خلال  المفاوضات، فلن تجد إدارة بايدن الحاجة إلى أكثر من أن تكون هناك حلحلة ظاهرية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية علي الرغم مما تدعيه من أن الإدارة الديمقراطية تؤمن بحل الدولتين.

وأكدت السفيرة جيلان علام أن العلاقات المصرية الأمريكية علاقات استراتيجية تاريخيا وترتبط بالمصالح المصرية والاحتياجات الأمريكية، وأن مصر ستتعاطى مع إدارة الرئيس جو بايدن وفقا للثوابت المصرية في إطار من تحقيق الاحترام والتقدير المتبادل وكذلك تحقيق للمصالح المصرية والمصالح المشتركة للطرفين.. لافتة النظر إلى أنه تجدر الإشارة إلى أن بايدن وفريقه لم يعلن أو يشير حتى تاريخه إلى الشخصية الأمريكية التي ستتولى منصب الخارجية الأمريكية.
وبطبيعة الحال تامل مصر في إنعاش الدور العربي فى النقاش حول القضايا الإقليمية والدولية وتحقيق مصالح و استقرار المنطقة  العربىة وتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والعمل على تحقيق الوحدة العربية وإنهاء الانقسامات والصراعات العربية التى لم تشهدها المنطقة من قبل نتيجة تدخل قوى خارجية متعددة ومحاولات بعض التيارات المتطرفة تصيد سدة الحكم بالمساندة المستترة لهذه القوى.

وتتوقع علام أن الرئيس بايدن سيسير مرحليا على نهج سابقه الذى عمل على الخروج المتدرج والمنتظم للقواعد العسكرية من الشرق الأوسط نظراً لتكلفتها المادية الباهظة التى تعدت، وفقا لبعض التقديرات، 1,5 تريليون دولار، فضلا عن خسائرها الإنسانية وتأثيرها على الشعب الأمريكى، على أن تحل محلها تحالفات إقليمية تواجه المخاطر التي تقدر من جانب أطرافها.

وقالت السفيرة جيلان علام: إن إيران ملف شائك ومهم لإدارة بايدن.. وتستبعد علام العودة الأمريكية الي الاتفاق النووى الايراني 5 + 1 (2015) بمحتواه الذي تبنته إدارة أوباما / بايدن والذى انسحب منه الرئيس السابق ترامب.. وقد ترى أمريكا وحلفاؤها في اتفاق معدل مناسبة لإرضاء دول الخليج التي سبق لها إعلان استيائها من محتواه ورفضها له.. وهو ما سيعطي إيران الفرصة؛ إما الالتزام بالقانون الدولى لضمان الاستقرار والأمن والتعاون في منطقة الخليج والمشرق العربي... وإما إدراجها كفزاعة لدول الخليج والمنطقة لتدخلها فى الشئون الداخلية فى عدد من الدول العربية وشن حروب بالوكالة عن طريق أذرعها الممتدة فى بعض الدول العربية.

وأشارت جيلان علام إلى أن بعض الأطراف سهلت لتركيا التوغل فى شرق البحر  المتوسط وشمال إفريقيا، لا سيما في ليبيا بحضور عسكري كثيف ومعلن وإثارة القلاقل بين الطوائف الليبية؛ طمعا في ثروات ليبيا بحيث أصبحت العنصر المشاغب فى المنطقة؛ مما حدا بمصر لاتخاذ موقف حازم قاطع لضمان الاستقرار على محور حدودها الغربية والمتوسطية، مشيرة إلى أن إدارة بايدن الديمقراطية لا شك يهمها التوازن والتناسق في علاقتها عبر الأطلانتية مع حلفائها الأوروبيين لا سيما في حوض المتوسط.. وعليه فإنه يتوقع أن تعيد تركيا النظر في رؤيتها السابقة لنفوذها وتوسعها فى المنطقة، ويتوقع كذلك أن تفرض أمريكا قيودا عليها لإحداث نوع من الاستقرار الأساسي والمبدئى المطلوب فى المنطقة.. ولعل التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي تصب في هذا الاتجاه.

ولفتت جيلان علام النظر إلى توقعها أن تنحو إدارة بايدن إلى دعم الاستقرار فى سوريا والعراق وربما اليمن، وستعمل على ترسيخ التوافق السياسى لتفعيل عناصر الدولة الوطنية إلى الحد الذي يحقق لها المصالح التي تتوخاها.

وأوضحت جيلان أنه على ساحة العلاقات متعددة الأطراف والمنظمات الدولية، والتي لم تكن محل التفضيل والاهتمام في الإدارة السابقة، فربما تعود الولايات المتحدة في إطار رؤيتها لدورها القيادي في العالم إلى إحياء دورها في موضوعات نزع السلاح و سداد انصبتها في المنظمات الدولية التي أعلنت تجميد عضويتها بها كاليونسكو ومنظمة الصحة العالمية واتفاقية المناخ.. كذلك فإن موضوعات الحريات وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني لا شك سيكون لها نصيبها الواسع والوافي من اهتمام إدارة الرئيس بايدن.. ولعلنا نشير هنا إلى ما كان قد نشر من قبل عن اهتمام بايدن بإقامة قمة دولية للديمقراطية في 2021 تسعى إلى ترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان المختلفة.

وقالت جيلان علام إنها تتوقع أن يكون هناك منظور جديد للعلاقات الأمريكية الافريقية انطلاقا من عناصر عدة منها التزاحم على الاستثمار في أفريقيا، وما يترتب عليه من ظهور مراكز مختلفة للنفوذ في القارة الغنية.. سيجذب الاهتمام الأمريكي للقارة الشابة كذلك الانتشار البارز لعدد من الحركات المتطرفة واستيطانها مناطق بعينها يسهل منها إثارة القلاقل في دول الجوار.. إضافة إلى تلك العناصر فإن تفشي الخلافات العرقية في عدد من الدول الأفريقية لا شك يهدد الاستقرار الإقليمي، وما تهدف إليه من تحقيق معدلات مرتفعة للتنمية من أجل الاعداد السكانية المتزايدة في القارة.. ناهيك عن المشكلات المرتبطة بالبيئة والتصحر، وهو ما أدى بالإدارة الأمريكية السابقة إلى التدخل كطرف مراقب في مفاوضات سد النهضة.. وتتوقع علام مشاركة محايدة موضوعية ومتزنة من الإدارة الجديدة للولايات المتحدة كغيرها من المراقبين فى دعم مفاوضات سد النهضة حين استئنافها لتنسيق المواقف بين الدول الثلاث لترسيخ نموذج  للحقوق والمصالح المشتركة فى تقاسم الاستخدام العادل لمياه النيل، مؤكدة أن مصر طوال تاريخها دولة محبة للسلام والاستقرار والتفاهم والتقدم والتنمية والرفاهية للشعوب على أسس الاحترام المتبادل وتحقيق السلام والأمن والاستقرار والمصالح المشتركة لمختلف دول العالم.
الجريدة الرسمية