رئيس التحرير
عصام كامل

بعد براءته من تحريض المتظاهرين.. ما تبعات محاكمة ترامب؟

ترامب
ترامب
انتهى مجلس الشيوخ الأمريكي من إجراءات مساءلة الرئيس السابق دونالد ترامب التي استمرت على مدار خمسة أيام.

وجاء القرار النهائي موافقا للتوقعات، بعدم إدانة ترامب بتهمة "التحريض على العصيان" التي وجهت إليه بعد حادث اقتحام أنصاره مبنى الكونجرس الشهر الماضي.


وأضيفت بذلك محاكمة رابعة إلى سجل المحاكمات الرئاسية في التاريخ الأمريكي.

وتعد هذه الأخيرة أقصرها أمدا، لكن تبعات هذه المحاكمة ستعوض قِصر مدتها، فثمة رئيس سابق مثل لإجراءات المساءلة في الكونجرس مرتين في سابقة من نوعها، وثمة تشويه وتلميع، لقد نُصب المسرح تمهيدا لمعارك سياسية مستقبلية.

وعارض معظم الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ إجراءات العزل.

ويواجه الجمهوريون الذين خالفوا هذا التوجه داخل الحزب انتقادات لاذعة.

وفي بيان صحفي، احتفل الرئيس السابق ببراءته، وأدان الديمقراطيين، قائلا إن مشواره السياسي بدأ للتو، لكن ترامب السياسي لم يخرج من هذه المعركة سالما تماما، إن صور مؤيديه- وعلى رؤوسهم قبعات تحمل شعار حملته الانتخابية وبأيديهم رايات تحمل صوره مقتحمين الكابيتول- ستظل لاصقة به.

وستثير كل حملة ينظمها ترامب مستقبلا صور هذه المشاهد في الذاكرة، لا سيما في أوساط الناخبين المستقلين والمعتدلين، إنْ لم يكن في أوساط الناخبين الجمهوريين.

وقبل عام اقتصرت إدانة ترامب من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ على عضو واحد هو ميت رومني، أما هذه المرة فقد انضم ستة أعضاء جمهوريين آخرين في مجلس الشيوخ إلى رومني في إدانة ترامب.

وفي الولايات الجمهورية الراسخة، يخشى الجمهوريون من مواجهة مرشحين جمهوريين محافظين أكثر بكثير من خشيتهم من مواجهة مرشحين ديمقراطيين في نوفمبر.

أما في الولايات المتأرجحة أمثال فلوريدا، وويسكونسن، وأيوا، فيخشى الأعضاء الجمهوريون من أثر تصويتهم ببراءة ترامب على سير الانتخابات العامة في العام المقبل، التي قد يستخدم فيها خصومهم الديمقراطيون مقاطع فيديو تصور أحداث العنف التي شهدها حادث اقتحام الكابيتول.

وسيتوقف الكثير من الأمور على ما سيفعل ترامب مستقبلا، وما إذا كان سيعاود الظهور مجددا على الساحة السياسية الأمريكية، مذكّرا أنصاره وخصومه على السواء بتلك المعارك السياسية مع اقتراب الانتخابات المقبلة؟ أم أنه سيختار الاعتزال في النوادي الخاصة وملاعب الجولف التي يمتلكها؟

ولا تسلط الأضواء عادة داخل مجلس النواب الأمريكي على معظم أعضائه البالغ عددهم 435 عضوا.

وباستثناء رئيس المجلس، لم يكن أحد يحظى بتركيز الأضواء على نحو ما حظي به مديرو محاكمة ترامب هذا الأسبوع.

وعلى مدى خمسة أيام تناوب فريق من تسعة نواب على استعراض مقاطع فيديو لأحداث الشغب التي وقعت في السادس من يناير الماضي مصحوبة بخرائط للكابيتول تظهر كم كان المقتحمون قريبين من ساسة أمريكيين، بينهم نائب الرئيس السابق مايك بنس.

وستظل افتتاحية النائب جيمي راسكين للمحاكمة عالقة في الذاكرة، لا سيما لحظة اختناق صوته وهو يستذكر حديثا جرى بينه وبين ابنته عن لحظة إنقاذه وإخراجه من مبنى الكابيتول.

ويعدّ عضو الكونجرس جو نيجوس نجما صاعدا في سماء الحزب الديمقراطي، وقد أضاف دوره في محاكمة ترامب إلى نجوميته.

أما المفاجأة الكبرى في هذا الفريق فكانت ستاسي بلاسكيت. وبوصف بلاسكيت مفوضة عن جزر العذراء لا تملك حق التصويت، فهي لا تملك بالتبعية نفوذا كبيرا في الكونجرس، لكنها مع ذلك ظهرت بقوة أثناء محاكمة ترامب.

وإذا كانت هناك ملاحظة يمكن أخذها على مديري محاكمة ترامب، فهي التردد في استدعاء شهود العيان.

وحرص الرئيس بايدن على عدم الزج بنفسه كثيرا في المحاكمة الخاصة بسلفه ترامب.

وبحسب مسؤولي البيت الأبيض، لم يكن بايدن يتابع عن كثب إجراءات المحاكمة، وإنما كان مشغولا بقضايا أخرى على رأسها فيروس كورونا.

وعندما علّق بايدن على المحاكمة، اكتفى بالإشارة إلى مقاطع فيديو جديدة تظهر مشاهد عنف في مبنى الكابيتول أثناء اقتحامه- وهي مشاهد تواتر بثُّها في نشرات الأخبار التليفزيونية.

ويؤمن بايدن بأن مستقبله السياسي يعتمد على نجاحه في التعامل مع قضايا كالوباء، والاقتصاد، وغيرها مما يهتمّ له الأمريكيون، وليس على نتائج محاكمة ترامب.

ولم تؤثر المحاكمة كثيرا على أجندة مجلس الشيوخ، فلم تتعطل أعمال المجلس سوى ثلاثة أيام عمل.

وباختتام إجراءات المحاكمة، يستأنف مجلس الشيوخ التصديق على تعيينات شخصيات الإدارة الأمريكية الجديدة، وكلها أمور تستدعي سرور بايدن وفريقه.

لكن إذا رأت قاعدة الناخبين الديمقراطيين أن ثمن عدم تعطيل أجندة بايدن السياسية كان هو الفشل في إدانة ترامب- عبر محاكمة متسرعة بلا شهود- فإن بايدن حينئذ قد يدفع ثمنا سياسيا.
الجريدة الرسمية