رئيس التحرير
عصام كامل

بحثا عن الثروات والسيطرة اللوجيستية.. مرتزقة أردوغان يطرقون أبواب أفريقيا

أردوغان
أردوغان
يبدو أن أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إعادة الخلافة العثمانية لن تتوقف، إذ تغلغلت ميليشياته إلى جميع أنحاء إفريقيا في الآونة الأخيرة للاستيلاء على ثروات الدول الضعيفة والمنعزلة نسبيا وتلك التي قسمتها الحروب والصراعات والجماعات الإرهابية والعناصر المتطرفة والفساد.


ويتخفى أردوغان في البداية تحت غطاء المساعدات وتقديم يد العون، ولكنه في الحقيقة يخفي أطماعا وطموحات يسعى من خلالها إلى نشر فكره والسيطرة على المناطق والخدمات اللوجيستية في تلك الدول التي يدخلها بعقود طويلة المدى مثل الموانئ والمطارات والمدارس وهيئات الرعاية الصحية.

الصومال
كشفت مصادر أن عناصر استخباراتية تركية اجتمعت مع قادة من ميليشيات إرهابية سورية بشمال غربي سوريا منتصف الشهر الماضي للتحضير لإرسال عدد من المرتزقة إلى الصومال.

وبحسب صحيفة "زمان" التركية، أوضحت المصادر أن الاجتماع تركز حول كيفية تنفيذ القرارات التي فرضتها الاستخبارات التركية، التي تنص على فتح مراكز تدريبية عسكرية لعناصر الفصائل الإرهابية تمهيداً لإرسالهم إلى الصومال.


وأشارت المصادر بحسب الصحيفة إلى أن بعض الفصائل السورية، رفضت قرار إرسال عناصرها للقتال في الصومال، ولكن وبضغط من الاستخبارات التركية، اضطرت إلى الموافقة، ومن المقرر أن يتم إنشاء معسكرات لتدريب هذه العناصر قبل إرسالها إلى الصومال في قريتي على بيسكا وبليكا التابعتين لناحية راجو بمدينة عفرين السورية، كذلك أكدت المصادر أن النظام التركي فتح معبراً حدوديا قريب من القاعدة التركية في عفرين، لاستخدامه في عملية نقل المرتزقة من عفرين إلى تركيا ومن ثم إلى الصومال.


وبداية التغلغل في الصومال كانت في 17 أبريل 2009، حيث وقعت تركيا أول معاهدة عسكرية مع الصومال، وكانت متعلقة بالتعاون التقني بين الجيشين التركي والصومالي، وفي 2010 عادت أنقرة ودشنت في إسطنبول إطارا للعمل والتعاون العلمي والتقني والتدريب مع الصوماليين، وفي عام 2011 قررت تركيا أن تتصدر قائمة الدول المقدمة للمساعدات إلى الصومال وقدمت مساعدات بنحو 414 مليون دولار في شكل برامج إغاثية وتنموية فضلا عن تقديم منح دراسية لـ 1200 طالب صومالي في الجامعات والمعاهد التركية بكلفة بلغت نحو 70 مليون دولار.

وفي 19 أغسطس من العام 2011 زار أردوغان مقديشو، ومن بعدها في نوفمبر 2011، أعيد فتح السفارة التركية في مقديشو وأعيد فتح الخط الملاحي الجوي بين مطاري أنقرة ومقديشو، وفي 13 أبريل 2012، وقعت تركيا مع الصومال اتفاقية تعاون في التدريب العسكري ثم استضافت اسطنبول مؤتمر الصومال في مايو 2012، وأعلنت الحكومة التركية حينها تقديم حزمة مساعدات جديدة إلى مقديشو عبر "تيكا".


كذلك تدخلت تركيا لتلعب دور الوسيط لإحلال السلام بين مقديشو وبين هرجيسا، عاصمة جمهورية "صوماليلاند" ذاتية الحكم شمال غرب البلاد، حيث وقع البلدان اتفاقا للتعاون الأمني برعاية تركية، وفي سبتمبر 2013، أعلنت الشركة التركية "فيفوري LLC" عن نيتها تطوير مطار مقديشو، بتكلفة 10 مليون دولار، وفي أكتوبر 2013، أعلنت الحكومة الصومالية أن مجموعة البيرق التركية، العاملة في مجال الإنشاءات والإعلام، سوف تصبح مسؤولة عن تحديث ميناء مقديشو بتكلفة 80 مليون دولار، ثم إدارته بعقد امتياز مدته عشرون عاما.


وفي سبتمبر 2014، أعلن عن إدارة البيرق رسميا للميناء، كما أكد أحمد البيرق، رئيس المجموعة، أن 55% من عائدات الميناء سوف تذهب للحكومة الصومالية، في الوقت الذي ستذهب فيه النسبة الباقية 45% إلى الشركة التركية، وفي فبراير 2014، أعلن القائد العام للجيش الصومالي ظاهر عدن علمي، توقيع اتفاق مع الجيش التركي يقضي بتنفيذ الأخير برنامجا تدريبيا للجنود الصوماليين بين تركيا والصومال، ثم في يناير 2015، زار أردوغان مقديشو من جديد، وافتتح عددا من المشروعات التنموية التركية الجديدة، أبرزها تطوير مشفى "ديجفير" الذي يعود إلى حقبة الاستعمار الإيطالي في الستينيات، باستثمار تركي بلغت قيمته 135.7 مليون دولار.


كما أنها افتتحت، في 2017، قاعدة عسكرية بالبلد الإفريقي، بالإضافة إلى أنها صنعت شبكة من العملاء والجواسيس مكنتها من تأسيس علاقات قوية مع صناع القرار في مقديشو، وتحويل البلاد إلى قاعدة خلفية لأطماعها.


وفي يناير من العام الجاري، أشار الرئيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلي أن الصومال دعت بلاده للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية الصومالية.

ليبيا

واصلت تركيا عدوانها على أفريقيا لتعويض انهيارها الاقتصادي، ولكن هذه المرة عبر دولة عربية وهي ليبيا، ففي نوفمبر 2019، وقعت أنقرة اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع حكومة الوفاق، ثم اتفاقية تجارية تسيطر فيها شركة تركية على حركة تجارة البضائع البحرية الواردة إلى ليبيا، والتحكم في الجمارك المفروضة عليها.


كما أعلنت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، في أغسطس 2020، توقيع بلادها تفاهمات اقتصادية وتجارية مع حكومة الوفاق، تمهد الطريق لاستكمال المفاوضات بين الشركات التركية ونظيراتها الليبية.


يذكر أن أحدث بيانات مجلس الذهب العالمي عن شهر يونيو الماضي، كشفت أن ليبيا من  حائزي الذهب الكبار ضمن أصولها الاحتياطية رغم  التوترات الأمنية التي تواجهها منذ عام 2011، وتحتل ليبيا المرتبة الـ 33 عالميا، بحجم 116.6 طن ذهب متفوقة على بلدان كبرى مثل كوريا الجنوبية وأستراليا ، كما تملك ليبيا احتياطات نقد أجنبية بقيمة بلغت 70 مليار دولار حتى نهاية 2019، ومن المتوقع تراجعها خلال العام الجاري، بسبب تراجع إيرادات مبيعات النفط الخام.


كذلك تنتج ليبيا الغاز الطبيعي بحجم 2 مليار قدم مكعبة سنويا، عبر شركة "مليتة" عن طريق شركة "حقلي الوفاء ومنصة صبراتة البحرية"، إضافة إلى شركة سرت للنفط والغاز التي تنتج للاستهلاك المحلي.

ووفقا لبيانات منظمة "أوبك" في 2019، فإن ليبيا تحتل المرتبة الخامسة عربيا باحتياطي نفطي يبلغ حوالي 48.36 مليار برميل، بينما يبلغ احتياطي ليبيا من الغاز 54.6 تريليون قدم مكعبة، ما يضعها في المرتبة 21 عالميا من احتياطات الطاقة.



وتستورد تركيا  90 % من مواد الطاقة.

من جهته، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وجود أكثر من 17 ألف مرتزق وإرهابي ممن أرسلتهم تركيا للقتال في صفوف الميليشيات بليبيا.


وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق من أمس، إنه لا يزال في ليبيا أكثر من 7 آلاف مرتزق من حملة الجنسية السورية و10 آلاف إرهابي ربعهم تونسيون من مجموعات مصنفة إرهابية. 



إثيوبيا

في ديسمبر 2016، وقعت تركيا وإثيوبيا، في العاصمة أديس أبابا، خمس اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين خلال الفترة المقبلة، تشمل قطاعي المعادن والهيدروكربونات، ومذكرات تفاهم بين المؤسسات التجارية المتوسطة والصغيرة، ومذكرة تفاهم حول التعاون في مجال الطاقة الكهربائية، بحضور وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي، ووزير الصناعة الإثيوبي أحمد إبيتو.


وتبلغ استثمارات تركيا في إفريقيا ٦ مليارات دولار، نصيب إثيوبيا وحدها منها أكثر ٢.٥ مليار دولار، وتتطلع أنقرة إلى زيادتها لتصل إلى ١٠ مليارات دولار بنسبة زيادة تبلغ ٣٠٠٪ احتلت بها تركيا المركز الثانى بين الدول الأجنبية الأكثر استثمارا في إثيوبيا.


كما يوجد في إثيوبيا حاليا أكثر من ٣٥٠ شركة تركية، دخلت منها ١٢٠ شركة في ٢٠١٤، ويعمل بها أكثر من نصف مليون إثيوبي، وتتركز الواردات التركية لإثيوبيا في الملابس والأحذية والحديد والمنتجات البلاستيكية والأدوية، بينما الصادرات الإثيوبية تركزت في الحبوب واللحوم والفواكه والخضراوات والنسيج.


يشار إلى أن تركيا ضمن قائمة الدول الممولة لسد النهضة من خلال مشروع استثمارى زراعى ضخم، لزراعة مليون ومائتى ألف فدان في منطقة السد، كما وقعت مع إثيوبيا اتفاقية تعاون لتوليد الطاقة الكهربائية من سد النهضة، وإيصالها إلى دول الجوار في يناير ٢٠١٥، باعتبار تركيا دولة منبع، ولها خبرة واسعة في إنشاء السدود واستثمارها، وفى مجالات الطاقة الكهرومائية، وتصدير المياه، وذلك يؤكد سعى النظام التركى لإلحاق الضرر بمصر عبر تنفيذ السد.


جيبوتي

وفي فبراير 2015، وقع أردوغان مع نظيرة الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، في العاصمة الجيبوتية، سبعة اتفاقيات تعاون في مجالات الموانئ والنقل والإعلام والزراعة والصحة إضافة إلى المجال العسكري.


وتتمثل اتفاقية النقل البحري والموانئ الموقعة بين الجانبين التركي والجيبوتي في تقديم معدات حديثة لموانئ جيبوتي وتبادل الخبرات بين الجانبين، ولم يستبعد المحللون مصادرة شركات تركية لميناء جيبوتي إضافة إلى إدارتها لميناء مقديشو.


يضاف إلي ذلك أن بوصلة الأطماع التركية تحركت أيضا نحو السنغال، معتمدة ذات السياسة من أجل التغلغل بأكبر حصون الفرانكفونية (البلدان الأفريقية الناطقة بالفرنسية) بالقارة السمراء، ومنها إلى مالي وبوركينا فاسو، ونيجيريا والنيجر، ووصل حد حوض بحيرة تشاد، مرورا بأفريقيا الوسطى ورواندا وبوروندي وجنوب أفريقيا وغيرها من البلدان الأفريقية.
الجريدة الرسمية