رئيس التحرير
عصام كامل

ما مدى شرعية دفع الزكاة مساهمة في معهد أمراض الكبد؟

الشيخ جاد الحق على
الشيخ جاد الحق على جاد الحق
الدعوة إلى التداوى مذكورة فى القرآن ، فهل يجوز للمسلمين دفع حصة زكاتهم في إنشاء معاهد طبية علمية كمعهد أمراض الكبد خاصة وأنه سيلحق به قسم لعلاج المحتاجين مثلا عند إنشائه وقد سأل مجلس إدارة معهد الكبد هذا السؤال طالبا الفتوى ؟


ويجيب فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية سابقا ــ رحمه الله ــ فيقول:

إن فقهاء المسلمين قد استنبطوا من القرآن الكريم والسنة الشريفة أن لأحكام الشريعة الإسلامية مقاصد ضرورية كانت هى الغاية من تشريعاتها وقد أطلقوا عليها الضروريات الخمس هي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال.

ومن أوضح الأدلة فى القرآن على الأمر بحفظ النفس قول الله سبحانه (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) البقرة 195 ، وقوله (ولا تقتلوا أنفسكم) النساء 29 ، وفى السنة الشريفة الدعوة الواضحة الصريحة إلى التداوي.

فقد روى أحمد عن أسامة بن شريك قال جاء أعرابى، فقال يا رسول الله ألا نتداوى قال نعم .

فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله،وفى لفظ قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى قال نعم . عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء، إلا داء واحدا .

قالوا يا رسول الله وما هو . قال الهرم . رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذى وصححه ،من أحاديث سيد الأخيار لابن تيمية وشرحه نيل الأوطار للشوكانى فى باب الطب ، وفى سنن ابن ماجه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير) .
وقوة المؤمن فى عقيدته وفى بدنه وفى كل شىء يحتاج إلى العزم والعزيمة والمجالدة .

ومن هذه النصوص - من القرآن والسنة - نرى أن الإسلام قد حث الناس على المحافظة على أنفسهم صحيحة قوية قادرة على أداء واجبات الدين والدنيا .
وإذا كان التداوى من المرض مطلوبا ليشفى المريض، ويصير عضوا نافعا فى مجتمعه الإسلامى والإنسانى .

وإذا كانت أمراض الحضارة قد انتشرت واستشرت، تقوض بناء الإنسان بعد أن تسرى فى دمائه وأوصاله .

وإذا كان العلم الذى علمه الله الإنسان، قد وقف محاربا لهذه الأمراض والأوبئة فى صورة معاهد ومستشفيات متخصصة فى نوعيات من المرض فى بعض أعضاء الإنسان .

وإذا كان الكثيرون من الناس قد تعجز مواردهم عن مواجهة نفقات العلاج المتخصص .

إذا كان كل ذلك وجب على المجتمع أن يتساند ويتكافل، كما يدعو إليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر ) من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنه متفق عليه .

وإذا كانت الزكاة قد فرضها الله فى أموال الأغنياء لتعود إلى الفقراء، فإنه لم يترك أمر صرفها وتوزيعها دون تحديد، وإنما بينها فى قوله تعالى ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) التوبة 60 ، وها نحن نجد أن أول الأصناف المستحقين للزكاة بترتيب الله سبحانه الفقراء، وتحديد معنى الفقر وإن تناقش فيه الفقهاء وتنوعت أقوالهم، كما تنوع الرأى فى حد العطاء، ولكنا هنا سنأخذ الفقير والمسكين .

مستحقى الزكاة 

بمعنى صاحب الحاجة التى لابد منها ولا يستطيع الحصول عليها .
ومن ثم ينبغى أن تكون من الحاجات تيسير سبل العلاج إذا مرض الفقير أو المسكين، هو أو أحد أفراد أسرته الذين تلزمهم نفقته، ولا يترك المريض الفقير أو المسكين للمرض يفترسه ويقضى عليه، لأن تركه على هذه الحال وإلى هذا المآل، قتل للنفس وإلقاء باليد إلى التهلكة، وذلك محرم طبعا وشرعا بالآيات الكريمة، وبالأحاديث الشريفة، ومنها ما سبق التنويه عنه .

هل تجب الزكاة في العقار الذي أمتلكه أو في سيارتي؟ لجنة الفتوى تجيب | إنفوجراف 

والذى أستخلصه وأميل للإخذ به أن سبيل الله ينصرف - والله أعلم - إلى المصالح العامة التى عليها وبها قوام أمر الدين والدولة والتى لا ملك فيها لأحد، ولا يختص بالانتفاع بها شخص محدد، وإنما ينتفع بها خلق الله، فهى ملك لله سبحانه، ومن ثم يدخل فى نطاقها إعداد المعاهد والمستشفيات الصحية التى يلجأ إليها المرضى، والإنفاق عليها ودوام تشغيلها وإمدادها بالجديد من الأدوات والأدوية وكل ما يسفر عنه العلم من وسائل .

السائل والمحروم 

لما كان ذلك يجوز للمسلمين الذين وجب فى أموالهم حق للسائل والمحروم، أن يدفعوا جزءا من زكاة هذه الأموال للمعاونة فى إقامة المعاهد العلمية التى تعين على الدرس واستحداث الوسائل والأدوية الناجعة للعلاج ومكافحة الأمراض، والإرشاد إلى طرق الوقاية منها، لأن فى سلامة البدن قوة للمسلمين .

الجريدة الرسمية