رئيس التحرير
عصام كامل

عائض القرني.. وقع في الفخ!


وقع الدكتور عائض القرنى، الداعية الإسلامى المعروف، في فخ النقل والاقتباس حتى أدين، فقام بنقل نص كتاب «لا تيأس» للكاتبة السعودية سلوى العضيدان وإعادة إصداره تحت اسم « لا تحزن» وهو واحد من الكتب الأكثر مبيعًا، الداعية الذي أنشد شعرًا كثيرًا عن الصدق والأمانة، وتغنى بآيات الله، أدين بسرقة نحو 90% من الكتاب، وأعاد طباعته تحت عنوان «لا تحزن»، متناسيًا قول الله تعالى «لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».


البداية كانت مع انتشار خبر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى يؤكد أن القرنى سرق محتوى كتاب الكاتبة السعودية، ما أثار غضبًا عارمًا، أصاب محبى الداعية المشهور مستشهدين بقول الله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ».

ساعات قليلة، وإذ بالكاتبة سلوى العضيدان، تلجأ للجنة حقوق المؤلف بوزارة الإعلام السعودية، تتهم القرنى بسرقة كتابها، وبعد البحث والتحرى ثبت إدانة القرنى وتم تغريمه مبلغ 330 ألف ريـال سعودي، في القضية التي تقدمت بها العضيدان اتهمته فيها بالاعتداء على حقوقها الفكرية.

المبلغ يشمل 30 ألفا للحق العام، و300 ألف تعويضًا للكاتبة العضيدان، كما شمل الحكم سحب كتاب القرنى من الأسواق، ومنعه من التداول، ووضعه بشكل رسمى على قائمة المنع حتى لا يدخل إلى المملكة العربية السعودية.
من جهته علق حينها المحامى عبد الرحمن اللاحم الناشط الحقوقى المعنى بحقوق الملكية الفكرية على الحكم بأنه يقدم رسالة إيجابية للناس وأنه عليهم ألا يتأخروا في التقدم إلى المؤسسات القضائية في حالة الاعتداء على حقوقهم الفكرية، وقال: «إنه لا أحد فوق القانون»، وأعرب عن سعادته بالحكم، داعيًا المؤسسات القضائية إلى الاهتمام أكثر بقضايا حقوق الملكية الفكرية.

حينها وجه القرنى رسالة إلى الكاتبة السعودية ومتابعيه، جاء فيها: «والله، إن ما يكدّر خاطرها وخاطر أي إنسان يكدّر خاطري، والعلم والمعرفة رحم بين أهلهما، وبدأ التعاون بينى وبينها منذ أن صدر كتابها؛ فقد قدّمته للجمهور بكلمة على غلاف كتابها مع صورتي».

وأوضح القرنى أن أهل العلم والمعرفة والأدب استفاد بعضهم من بعض، مستدلًا بشيخ الإسلام ابن تيمية الذي نقل عشرات الصفحات في كتبه لعلماء في مثل «درء تعارض العقل والنقل»، دون ذكر المرجع، «فهل كان هذا عجزًا من ابن تيمية؟».

وواصل دفاعه عن نفسه قائلا: «من نحن إذا قورنّا به وبأمثاله من الأفذاذ؟ ثم إنى - والحمد لله - لستُ عاجزًا عن التأليف؛ فأنا أستطيع - بحمد الله - تأليف كتاب كامل دون الرجوع لمصدر، وقد أُعطيت في البحرين جائزة المؤلف العربى الأول، والذي يحفظ القرآن وآلاف الأحاديث وآلاف الأبيات وطالع آلاف الكتب هل يعجز عن التأليف من حفظه؟ لكن ماذا أقول لمن يعلّق ويقول عني: حتى كتاب (لا تحزن) ليس له إنما أخذه من كتاب (دع القلق وابدأ الحياة)، وحجمه خُمْس كتابي، ولم آخذ منه إلا صفحة واحدة».

ودعا القرنى إلى النظر في كتاب «سرقات المتنبي» في الأسواق، حتى قيل فيه «إنّ غالب أشعاره مسروقة من شعراء كبار لم يذكرهم المتنبي» مضيفا والسؤال: «أين هؤلاء الشعراء العباقرة الكبار الذين لهم هذا الشعر المذهل، وسرق شعرهم المتنبي؟»
وحاول القرنى استعطاف العضيدان قائلًا: «والله لقد كنت أدعو الله في السر والعلن لى ولابنتى الفاضلة سلوى العضيدان وأقول: اللهم الطف بى وبها بلطفك العظيم، واسترنى وإياها بسترك العميم»، مضيفا «والآن أقول لها: يابنتي، ما زال التعاون على البر والتقوى، وعفا الله عنى إن اجتهدت فأخطأت، وسامحك الله على اجتهادك فما بيننا من إيمان وإسلام وبرّ وصلة يوجب علينا التراحم والتعاون عملًا بقوله تعالى «وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ الَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا».
وبرر القرنى ظاهر كلامه أنه لم يسرق كتاب «لا تيأس»، وما فعله هو كما فعل ابن تيمية، في أنه كان ينقل عشرات الصفحات دون العزو، وهذا فيه اعتراف بالسرقة، لكن من طرف خفى.

كما كتب الدكتور عيد بلبع، مقالًا يتهم فيه عائض القرنى بسرقة فصل من كتاب «جدد حياتك للشيخ الغزالى»، وعلق بلبع قائلا: «الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فقد قرأت كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله تعالى ـ «جدد حياتك» سنة 1975م، ثم أعدت قراءته مرات، ولا يفارقنى الكتاب في إقامة أو سفر، وما وجدته في معرض أو في مكتبة إلا اشتريت منه نسخة وضممتها إلى مكتبتى أو أهديتها إلى صديق، وعندما سمعت شريطًا مسجلًا للشيخ عائض القرنى بعنوان «لا تحزن» سنة 2007م، أدركت سريعًا أن ما أسمعه هو كلام الشيخ محمد الغزالى رحمه الله، وأن عناوين الفقرات هي عناوين فصول الكتاب بنصها أو بشيء من التغيير الطفيف، فحزنت حزنًا شديدًا على الرغم من أن عنوان الشريط «لا تحزن»، ثم بحثت في موقع الشيخ عائض القرنى لعلى أجد مجرد إشارة إلى كتاب الشيخ الغزالي، وحصلت منه على النسخة المكتوبة، ولم أجد للشيخ الغزالى أو كتابه ذكرًا على الإطلاق، بل وجدت ما يزيد الحزن في فقرة بعنوان: «عن الشيخ» ـ وهى فقرة تضم سيرته الذاتية ـ إذ جاء فيها ذكر الشيخ الغزالى ـ رحمه الله ـ بهذه الكلمات: «وقرأ كتب الغزالى وله عليه رد»، وكأن كل ما يُذكر للشيخ الغزالى أن كلامه موضع الرد من الشيخ عائض القرنى.
الجريدة الرسمية